قد يختلف الكثير من المسلمين حول عدد ركعات صلاة التراويح التي يجب أن تُؤدى، ويتساءلون هل ثبت عن الرسول _صلى الله عليه وسلم_ عدد معين لركعات صلاة التراويح؟
من المؤكد أنّ النبي عليه أفضل الصلاة والتسليم لم يترك أمرًا من أمور العبادة إلا وأوضحه لأمته، ومن ذلك عدد ركعات صلاة التراويح.
عدد ركعات صلاة التراويح
من السنة أن يُصلي المؤمن والمؤمنة مثنى مثنى، يُسلم من كل اثنتين، ومن ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر _رضي الله عنهما_ أنّ النبي ﷺ قال: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى ركعة واحدة توتر له ما قد صلى".
وورد عن عائشة _رضي الله عنها_: كان رسول الله ﷺ يصلي من الليل عشر ركعات، يُسلِّم من كل اثنتين، ثم يوتر بواحدة، وقالت _رضي الله عنها_: ما كان رسول الله ﷺ يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يُصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي أربعًا، فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثم يصلي ثلاثًا.
سلام بعد كل ركعتين
السلام يكون بعد كل ركعتين، لقوله _ﷺ_: صلاة الليل مثنى مثنى، ولما ثبت أيضًا في الصحيح من حديث ابن عباس _رضي الله عنه_ أنه عليه الصلاة والسلام كان يُسلِّم من كل اثنتين.
الصحابة وصلاة التراويح
صلى الصحابة _رضوان الله عنهم_ في بعض الليالي من رمضان ثلاث وعشرون ركعة، كما ثبت عن عمر والصحابة _رضوان الله عنهم_ أنهم أوتروا بإحدى عشرة كما في حديث عائشة _رضي الله عنها_.
وقد ثبت عن عمر _رضي الله عنه_ هذا وهذا، حيث أمر مَن عيَّن من الصحابة أن يُصلي إحدى عشرة، وثبت عنهم _رضوان الله عنهم_ أنهم صلّوا بأمره ثلاثًا وعشرين. وهذا يدل على التوسعة في ذلك، وأنّ الأمر عند الصحابة واسع.
الأفضل ما ورد عنه _صلى الله عليه وسلم_
الأفضل من حيث فعله ﷺ صلاة إحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة، وسبق ما يدل على أن إحدى عشرة أفضل لقول عائشة _رضي الله عنها_: "ما كان يزيد ﷺ في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة".
وإذا نوَّع المسلم فصلى في بعض الليالي إحدى عشرة، وفي بعضها ثلاث عشرة فلا حرج فيه، فكله سنة، ولكن لا يجوز أن يُصلي أربعًا جميعًا، بل السنة والواجب أن يُصلي اثنين اثنين.
ولو أوتر بخمسٍ جميعًا أو بثلاثٍ جميعًا في جلسةٍ واحدةٍ فلا بأس، فقد فعله النبي _عليه الصلاة والسلام_ لكن لا يُصلي أربعًا جميعًا أو ستًّا جميعًا أو ثمانية جميعًا؛ لأنّ هذا لم يرد عنه _عليه الصلاة والسلام_ .
ولو سرد المصلي سبعًا أو تسعًا فلا بأس، ولكن الأفضل أن يجلس في السادسة للتشهد الأول، وفي الثامنة للتشهد الأول، ثم يقوم ويكمل.
رأي العلماء في عدد ركعات صلاة التراويح
ذهب جمهور الفقهاء من الحنفيّة، والشافعيّة، والحنابلة إلى أنّ عدد ركعات صلاة التروايح عشرون ركعة، فيُصلّي الإمام بهم عشرين ركعة يُسلّم بين كلّ اثنتَين منها، ويستريحون بعد كلّ أربع ركعات، ويختم الإمام التراويح بصلاة الوتر جماعة. وقد استدلّ الجمهور بجَمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- المسلمين على إمامٍ واحدٍ يُصلّي بهم التراويح عشرين ركعة، وكان أُبَيّ بن كعب -رضي الله عنه- إمامهم بتعيينٍ من عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-.
أما المالكية فذهبوا إلى أنّ عدد ركعات التراويح تسع وثلاثون ركعة يستريحون بين كلّ أربع ركعات منها تسع مرّات؛ إذ تكون ستًّا وثلاثين ركعة، ويختمونها بثلاث ركعات وتر، وقد صلّى أهل المدينة هذا العدد لأنّهم أرادوا أن يُساووا أهل مكّة في الفَضل؛ حيث كان أهل مكة يطوفون حول الكعبة سبعة أشواط بعد كلّ أربع ركعات؛ فزاد أهل المدينة أربع ترويحات مكان كلّ أسبوع؛ والأربع ترويحات تبلغ ستّ عشرة ركعة، فإذا أُضيفت إلى العشرين أصبحت بذلك ستًّا وثلاثين ركعة.