سهى الوعل - ناقدة فنية سعودية
عندما بدأ عرض مسلسل "دراما كوين" وبعد مشاهدتي للاستعراضات التي تم تقديمها خلال الحلقة الأولى من المسلسل الذي لا يزيد عن الست حلقات، تساءلت عن اليوم الذي سنصبح فيه في الخليج قادرين على إدراج هذا النوع من الاستعراضات في مسلسلاتنا، فالأمر جميل لدرجة كبيرة، مسرح وإضاءة مبهرة، وملابس مناسبة، ورقصات مدروسة، وأغاني مختلفة.. كل هذا لا نراه في مسلسلاتنا رغم أننا كثيراً ما نتحدث عن رغبتنا في إنتاج أعمال استعراضية، لكن الحديث لا يتجاوز "الكلام" دون أي نتائج بعد ذلك.
الاستعراضات كفكرة ليست بالأمر الصعب، الصعب هو فكرة الاستعراض نفسه، فالبعض لا يرى الاستعراضات أكثر من رقصات جماعية وموسيقى عالية وانتهى الأمر، بينما من ينجحون به هم من يعرفون أن الاستعراضات عبارة عن محور رئيسي تُبنى عليه نجاحات أعمال كبيرة وتقوم عليه فكرة العمل كاملاً أحياناً، ولذلك فالاستعراضات يجب أن تحمل قصة وتبدأ من نقطة مختلفة عن التي سوف تنتهي عندها.
في الماضي كان النجوم الكبار في الخليج يحرصون على طرح أفكار استعراضية حتى وإن كانت خجولة إلا أنها بالفعل كانت تسعد المشاهد، حتى أن الكثير من أغاني تلك الاستعراضات وحركاتها الراقصة لا زالت عالقة في ذاكرة الكثير من المشاهدين لغاية اليوم، لا نعلم ما الذي حدث بعد ذلك حتى اقتصرت العروض الاستعراضية على المسرح ولم يعد لها أي مكان في الدراما، قد يكون مقص الرقيب هو السبب وقد يكون أسباب أخرى كثيرة لا أعتقد أن لأهل الفن علاقة بها بل تم فرضها عليهم، وللأسف.
من ناحية أخرى، نفتقد كثيراً للأغاني الخاصة التي كان يتم عرضها خلال المسلسلات في الماضي، حتى في الأعمال الخليجية، حيث كان أبطال هذه الأعمال يقدمون بعض الأغاني ضمن الأحداث تستهوي المشاهدين بدرجة كبيرة، بينما لم يعد لهذه الأفكار أي مكان في مسلسلات اليوم، حتى الكوميدية منها.
يعتقد بعض المنتجين في الخليج أن مشاهدي اليوم قد يجدون صعوبة في تقبل فكرة مرور استعراضات راقصة أو أغاني في سياق المسلسلات، بينما وبالنظر إلى النجاح الكبير الذي حققته الأغاني والاستعراضات التي تم تقديمها ضمن مسلسل "لؤلؤ" مؤخراً خاصة في منطقة الخليج، حيث جاء مشاهدي السعودية في المرتبة الثانية ضمن قائمة الأعلى مشاهدة للعمل الذي لم يتم تصنيفه نقدياً بشكل جيد رغم نجاحه الجماهيري الكبير، سنكتشف أن المشاهد الخليجي متعطش جداً للاستعراضات المبهرة والأغاني الجميلة في المسلسلات، كيف إذا ما كنت هذه الاستعراضات بلهجتنا وثقافتنا؟!