السدو من الصناعات الشهيرة في التراث السعودي، ومنه يُصنع الكثير من السجادات والخيام ورحال الجمال وعدد من الأدوات الأخرى، ويُعَدُّ ثقافة وموهبة ومصدر دخل، ولا سيما لدى النساء اللاتي أخرجن طاقاتهن الفنية فيه قديماً، ونجحت السعودية مؤخرا في تسجيل عنصر «حياكة السدو» ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي لدى منظمة «اليونسكو» كملف مشترك مع دولة الكويت الشقيقة.
وللتعرف على طريقة حياكة السدو وأدواته التقت سيدتي ندى البليهي، مرشدة سياحية ومؤسسة فريق سعودية التراث .
طريقة عمل السدو
بدأت ندى البليهي بالحديث عن طريقة العمل، مبينة أنها تبدأ بإزالة الأوساخ وأغصان الأشجار التي قد تكون عالقة بالصوف، بواسطة اليد أو أمشاط خشبية على شكل الفرشاة لها أسنان حديدية، فيُمَشَّط الصوف حتى تصبح أليافه مُرجّلة متوازنة صالحة للغزل، ثم يُوضع على "التغزالة" التي تضعها الغازلة تحت إبطها أو بين قدميها عند الجلوس، وتسحب الألياف منها لتغزلها، ويكون "للفتلة" المفردة حينما تُغزل "برمة" يمينية أو يسارية حسب اتجاه دوران المغزل، باتجاه عقارب الساعة أو عكسها، ويتحكم عدد "البرمات" في كل سنتيمتر في قوة الفتلة، وتؤثّر في مظهر النسيج، فإذا قلّت في السنتيمتر الواحد، أنتجت "فتلة" غزلها رخو متخلخل تعطي نسيجاً ناعماً ليناً، أما "الفتلة" التي يكثُر عدد "برماتها" في السنتيمتر الواحد، فتعطي نسيجاً أكثر قوة وتماسكاً يُبرز بوضوح جمال النقوش اليدوية التي تُرسم على النسيج، ومن ثَمَّ تأتي مرحلة الصباغة، ويُستخدم الصوف الأبيض دائماً للصباغة، أما الوبر والشعر والقطن فتظل بألوانها الطبيعية ولا تُصبغ عادة، ويُلَفُّ الصوف المغزول وتُستخدم الأصباغ الطبيعية المستخرجة من الأعشاب الصحراوية.
أدوات غزل السدو
وعدَّدت البليهي أدوات المرأة الناسجة في عملية غزل وحياكة الصوف، وهي:
- التغزالة: وهي عبارة عن عصا يُلَفُّ عليها الصوف غير المغزول.
- المغزل: هو عصا خشبية ينتهي أحد طرفيها بخشبتين، طول الواحدة منها ٥ سنتيمترات تقريباً، وهي مصلبة الشكل، يتوسطها خُطاف لبرم الصوف الملفوف، وتحويله إلى خيوط تُجمع على شكل كرات.
- النول: وهو آلة الحياكة، يُعبر عنها بخيوط ممتدة على الأرض تُربط بأربعة أوتاد على شكل مستطيل.
- المنشزة: وهي قطعة خشبية مستطيلة الشكل ذات طرفين حادين، وتُستعمل لرصف الخيوط بعد تشكيلها.
- الميشع: وهو عصا خشبية يُلف حولها الخيط على شكل مروحي، ويُفك جزء منه بطول مناسب قبل إدخال لُحمة جديدة.
- القرن الغزال: ويُستخدم في فصل خيوط السدو عن بعضها البعض ووضعها في ترتيب صحيح أثناء حياكة الزخارف والنقوش.
- المدرة: وهي مقبض خشبي مثبت به ذراع حديدي قصير ينتهي بطرف مُنْحَنٍ، ويُعتبر تصنيعاً جديداً لفكرة القرن.
- المدراة: أداة مصنوعة من الحديد أو الخشب على شكل سن من أسنان المشط وأطول منه، ويُرجّل به الشعر الخام المستخدم في حرفة السدو.
- الصوف: وهو من أكثر الخيوط شيوعاً؛ لوفرته ولسهولة غزله وصباغته ونسجه.
صناعات السدو
بيت الشَّعَر: وهو مسكن أهل البادية في الصحراء، ويُصنع من نسيج شعر الماعز، ويتميز بلونه الأسود الداكن الذي يمتص الحرارة، بالإضافة إلى أنه عندما يبتل النسيج تتفتح الخيوط ويزداد التحامها مع بعضها، ونظراً لتميزه بخاصية الشعر الزيتية، فإنه يصبح طارداً، فضلاً عن قوّته وشدة تحمله، مما يجعله أكثر ملاءمة لبيئة وظروف حياة البدو.
الأكياس: وهي العدول، وتكون كبيرة لحفظ الأرز، والمزواد: وهي أكياس أصغر حجماً لحفظ الملابس، وكذلك الخروج.
السفايف: هي خيوط حِيكَتْ بطريقة جميلة وألوان زاهية لتزيين الجمال والخيول.
البُسُط أو الساحة: وهي المفارش التي تُستخدم في فرش الديوانية، وتُصنع عادة من الخيوط المبرومة.
العقل: وهو مكون من عدة خيوط تُبرم باليد تُستخدم في ربط الجمال والخراف والماعز.
الشف: وهي قطعة من السدو مصنوعة من لون واحد، وعلى أطرافها نقشة بلون مختلف تُفرش على الجمال للزينة.
المساند: المركاة التي يستند إليها الجالسون في الديوانية، وتُسمى الخياطة الموجودة على أطراف المسند "الخشام"، وتكون خيوط اللُّحمة المستخدمة في الحياكة غالباً من القطن، الذي رغم افتقاره لمرونة الصوف فإنه متين وسهل الاستعمال للنسيج، ولا يتلف بسهولة، وقد اعتاد النساجون في الماضي على غزل القطن المستورد من الهند ومصر.
تطريز السدو
وعن تطريز السدو قالت البليهي : تعتمد صناعة "السدو" على جهد المرأة في المقام الأول، وتُعَبِّر من خلاله عن تقاليد فنية عريقة ضاربة بجذورها في عمق التاريخ؛ حيث تتفنَّن في زخرفته بنقوش كثيفة، تعبِّر عن رموز ومعانٍ مختلفة تحمل دلالات اجتماعية مختلفة مستوحاة من طبيعة أبناء البادية، منها وسم القبيلة والمواسم، وهو يتميز أيضاً بألوانه الزاهية المتنوعة.
تابعي المزيد: "السدو".. قصة الخيوط التي لوّنَت الصحراء خلال "أيام الشارقة التراثية 18"