فنون الرسم عادة ما تتداخل فروعها او تصنيفاتها التي يبدعها الفنان خلال قيامه بعمل جديد له ليعبر عما بداخله من تفاعل يريد ان يظهره لمتلقي النظر في لوحاته ، وبحسب الفنان محمد مصطفي ان الفنّ التشكيليّ هو نوع من أنواع الفنّ، حيث يعتمد على كلّ شيء من الواقع مُصاغ بطريقةٍ جديدةٍ وبتشكيل جديد وفريد، الفنّان التشكيليّ يستوحي رسوماته من مُحيطه وواقعه باستخدام رؤيته ومنهجه الخاصّ، وعلى مرّ السّنين ظهر العديد من الفنّانين الذين أعطوا نتاجاً تشكيليّاً عظيماً، ولكنّهم اعتمدوا طرقاً مختلفةً في صياغة أعمالهم الفنيّة ومعالجتها، ممّا أدّى إلى ظهور مدارس فنيّة تُحدّد مواضع اختلاف الفنّانين في أعمالهم.
*مدارس الفنّ التشكيليّ
*المدرسة الواقعيّة هي المدرسة الّتي تعتمد على نقلٍ واقعيّ طبق الأصل لكلّ ما تراه العين في الطبيعة، مثل: الأشخاص، والحدائق، والشوارع، وغيرها، وتُعدّ مثل التّصوير الفوتوغرافيّ الذي يُصوّر الواقع كما هو، ولكن مع فرق تدخّل عواطف الفنّان وأحاسيسه في الفنّ التشكيليّ، وساهمت هذه المدرسة بنشأة المدرستين: الرمزيّة، والتعبيريّة.
*المدرسة الرمزيّة و هي المدرسة الّتي اهتمّت بتصوير رمزيّة الأشياء باستخدام الألوان، وظهر ذلك جليّاً في أعمل الفنّان روزيتي، وخصوصاً من خلال لوحة بياتريس المقدّسة، وهي لوحة رمزيّة لوفاة زوجته بياتريس، هدف فيها إلى تصوير رمزيّة صعودها إلى السماء بانتقاء ألوان تُعطي معانيَ واضحةً ورمزيّة، ومن أهمّ الفنّانين الرّمزيّين: جيمس وسلر، وشافان، وغوستاف مورو.
*المدرسة التّعبيريّة أو التأثيريّة :هي مدرسة تعتمد على عدم تقيّد الفنّان بتصوير الانطباعات الّتي يراها فقط، وإنّما عليه أن يُعبّر عن إحساسه وتجاربه العاطفيّة وقيمه الروحيّة، وقد نشأت في ألمانيا في عام 1910م، وأشهر فنّان تعبيريّ هو هنري ماتيس، الذي صرّح بأنّ التعبير هو ما يهدف إليه من خلال الرّسم، وأنّه لا يُمكنه الفصل بين إحساسه الداخلي وطريقة التعبير عنه، وقد عُرف كلّ من بيكاسو وهنري روسو وأميل نولده بانتمائهم إلى هذه المدرسة.
*المدرسة التجريديّة تقوم فكرة هذه المدرسة على اختزال الشّكل وتكوين الفكرة بالألوان دون توضيح للخطوط، وأوّل من رسم بفلسفة الرّسم هذه كان الفنّان رولشكو، وتُقسم هذه المدرسة إلى قسمين: أولّهما هندسيّ حيث تعتمد فكرته على أشكال هندسيّة، مثل: أعمال الفنّان كاندسكي، والثاني غنائيّ يعتمد على أشكال متداخلة وخطوط منحنية، مثل: أعمال الفنّان بول كلي. المدرسة الانطباعيّة تأسّست هذه المدرسة في فرنسا عام 1870م، حيث تمرّد الفرنسيّون على أنماط الرّسم التقليديّة ورسم الصّور الواقعيّة، واعتمدوا أسلوباً جديداً في الرّسم وهو الاعتماد على الضّوء وضربات الفرشاة القويّة والألوان الزاهية؛ لتشكيل لوحات جديدة من نوعها تحمل أفكاراً بسيطة، ولكنّها تشعّ بالألوان والضّوء، وأوّل من مارس هذا النوع من الرّسم كان الفنّان مونيه.
* المدرسة التكعيبيّة أو الانطباعيّة هي مدرسة نشأت في ألمانيا قبل الحرب العالميّة الأولى، وتعتمد على استخدام ألوان قويّة ومتناقضة وخطوط حادة، كما اعتمدت على التعبير عن المشاعر والحالات النفسيّة وفي بعض الأحيان استبدال الخيال بالواقع، ومن أهمّ فنّاني التكعيبيّة: فان جوخ، وبول جوجان. المدرسة السرياليّة تعتمد هذه المدرسة على رسم تصوّرات العقل الباطن، ورسم أشكال تُشبه الأحلام حيث تكون مُشوّهة وفيها مبالغة، وأهمّ رسّامي السرياليّة هم: سلفادور دالي، وخوان ميرو.
*المدرسة الوحشيّة التي تعتمد على المبالغة في استخدام الألوان دون التقيّد باللون الأساسيّ للوحة الفنّيّة، حيث يكون التركيز على جوهر الفكرة والهدف منها.
*اما الفن التّجريديّ بالإنجليزيّة: Abstract Art الذي هو فرع من تصنيفات الفن التشكلي فهوعلى بساطة الأشكال والألوان، وأدوات الإيماء في إحداث أثره كنوع من أنواع الفنون التي تمتلك طابعاً معنويّاً، ومُنظمّاً، ونقيّاً، ويبتعد هذا النّوع من الفنون عن الوصف الدّقيق لواقعيّة الأشياء أو طبيعتها، ويشتهر بأسماء مختلفة لدى الفنانين مثل: الفنّ غير الموضوعيّ، والفنّ الملموس،حيث لا تصف اللوحة أو المنحوتة كائناً مُعيّناً أو مكاناً ما، فما يراه النّاظر ما هو إلّا لون العمل الفنيّ، وحجمه، والأشكال المُستخدمة لرسمه، وما يحويه من آثار ضربات الفُرشاة، ولكنّه في نفس الوقت لا يُعدّ فنّاً مُبالغاً فيه، أو فنّاً يُغيّر معالم الشيء كالفنّ التكعيبي. يعمد الفنّانون إلى عدم التّمثيل وعدم الموضوعيّة في هذا النوع من الفن؛ وذلك لإعطاء المُشاهد فُرصة تفسير العمل كما يراه بنظرته الخاصّة.
*نشأة الفن التجريدي
تعود نشأة الفن التجريدي إلى ما رُسم في العصور القديمة على الصّخور والفخار، إلّا أنّ فكرة القيام بعمل فنيّ يعتمد على البساطة في تصوير المرئيات لمعت في القرن التاسع عشر الميلادي عند الفنانين أصحاب الحركات الانطباعيّة والتعبيريّة، ظهر الفن التجريديّ كنوع من أنواع الفنون في أوائل القرن العشرين، وقام الفنانون في تلك الفترة بالعديد من الأعمال الفنيّة التي تعتمد على خيالهم، وليس على ما يرونه من المرئيّات، وقد عرّفوها بالأعمال الفنية النقيّة، وذاع صِيت هذه الأعمال في زمن كاندينسكي تحديداً عام 1911م، ومن اللوحات التي اشتُهرت في ذلك الوقت، لوحات الفنّان الفرنسيّ فرانسيس بيكابيا عام 1909م، ومنها: لوحة "Picture with a Circle"، ولوحة "Caoutchouc".
أنواع الفن التجريدي
*الفن التجريدي الانحنائي: يكون الطابع العام لهذا النوع هو احتواء العمل الفني على الخطوط المُنحنية التي تُستخدم لرسم مجموعة من الأنماط المُختلفة، مثل: الدوامات، والدوائر، والأنماط اللولبيّة، ويظهر ذلك واضحاً عند استخدامها في رسم الوجوه البشريّة، وممّا يُلاحظ في هذا النّوع أنّه لا يحتوي على خطوط مُستقيمة أو بزاوية قائمة إطلاقاً، ويشتهر استخدامه كأحد الأنماط الفنيّة في الفنون الموجودة في منطقة خليج بابوا، بالإضافة إلى وجوده في فن السلتيك بالإنجليزية: Celtic Art.
*الفن التجريدي المُرتبط بالألوان أو الضوء: يتميّز هذا النوع بوجود دوامات من الصبغات اللونيّة التي تجعل النّاظر للعمل الفنيّ غير قادر على تمييزه جيّداً، ويظهر هذا النّوع في الأعمال الفنيّة للفنان أوسكار كلود مونيه، خاصّةً في سلسلة لوحاته المشهورة التي سمّاها زنابق الماء، كما اشتهر فنانون آخرون في هذا النوع من الفن التجريدي؛ كالفنان جوزيف مالورد.
*الفن التجريدي الهندسي: تعود تسمية هذا النوع بهذا الاسم إلى استخدام الفنان الأشكال الهندسيّة على اختلافها، مثل: المُربّعات، والمُثلّثات، والمُستطيلات، والدّوائر، ونتيجةً لذلك يكون العمل الفنيّ بعيداً عن تصوير واقعيّة الأشياء كما هي، فهو يقوم على رسم ثنائيّ الأبعاد للأشياء على عكس ما كان يُستخدم في عصر النّهضة من الرّسم على أساس المنظور لإبراز الأشياء واقعيّةً أكثر، وقد ظهر هذا النّوع من الفن التجريدي في القرن العشرين مع حركة تحوّل الأنماط الفنيّة، ومن أشهر كُتب التّجريد الهندسيّ في تلك الفترة كتاب "(Composition VII (the three graces"
*الفن التجريدي الإيمائي: يعتمد هذا النوع على الطريقة التي تُرسم بها اللوحة دون الاهتمام بموضوعها، وعلى اختلاف أنواع الفنون الأخرى غير التجريدية التي تعتمد نهجاً في كيفية طلاء اللوحات الفنية، فإنّ الفن التجريدي الإيمائي يعتمد على الحدس والمشاعر العميقة، ومن اللوحات التجريدية الإيمائية لوحة الرقم خمسة لجاكسون بولوك.
الفن التجريدي البسيط: ظهر هذا النّوع بعد ظهور الفن التجريدي الهندسي، فكان المُهمّ أن يكون أساس العمل الفني البساطة البالغة، وقد لقي هذا النّوع شُهرةً شعبيّةً كبيرةً مُقارنة بالأنواع الأخرى خاصّةً في العصر الحديث.