كثيرا ما ينتاب القلق بعض الآباء إن لاحظوا تأخر أبنائهم في نمو وتطور بعض المهارات الحركية أو الذهنية..مقارنة بأطفال الأسرة ، أو وفقا لما قرءوه بالكتب ؛ من حيث موعد جلوس الرضيع أو وقوفه أو كلامه أو مشيه! من دون ملاحظة أنّ التوقيت الذي يُكتب في جداول النمو والتطور الحركي الطبيعي للطفل يكون تقريبيا، وهدفه إعطاء فكرة عن التطورات المتوقعة ، ومن أمثلة هذه المشاكل، الاختلاف في موعد "جلوس الطفل" - موضوعنا- ، ومحاوله بعض الآباء لدفع وإجبار طفلهم على الجلوس في الشهر الثالث كمثال ! عن مخاطر هذا التصرف على نمو الطفل وتطور إمكاناته الحركية يحدثنا الدكتور إبراهيم شكري استشاري طب الأطفال
حقائق طبية
المعروف طبيا أن الأطفال الذين يولدون مبكّراً جداً، أو لديهم عدة مشاكل صحية يتعلمون الجلوس بوقت أكثر تأخراً مقارنة بغيرهم من الأطفال،وكذلك الأطفال الذين يولدون قبل 27 أسبوعاً من الحمل، أو هؤلاء الذين يكون وزنهم أقل من 750 غراماً عند الولادة،ومنهم الأطفال الذين يعانون من مشاكل رؤية مزمنة، أو من خلل التنسج القصبي الرئوي ، والذين يحتاجون للدخول للمستشفى بشكل متكرر.
الطفل والمشّاية
لا يجب أنْ يستعمل الطفل المشّاية قبل أنْ يتمكن من تثبيت رأسه عالياً، وقبل أنْ تلامس قدماه الأرض، وقبل أنْ يتعرف على طريقة الضغط بقدميه لتحريك المشّاية، وعادةً ما تُصمّم المشّاية للأطفال الرضع ، في العمر ما بين الأربع إلى الستة عشرة شهرا، والذين تعلموا المشي في وقت مبكر، فلا ينصح باستعمال المشّاية.
جلوس الرضيع في الشهر الثالث
هناك العديد من التساؤلات التي تطرح من قبل الأمهات حول إمكانية جلوس أطفالهم الرضع في سنٌ مبكر جدًا.
تساؤلات تنبع من المخاوف ؛ إذا كان هناك بعض المشاكل الصحية للطفل متعلقة بالعظام أو بالعمود الفقري.
وأحيانا قد تكون نتيجة رغبة الوالدين المتعجلة لرؤية المعالم الأولية لتطور نمو طفلهم الرضيع وخاصةً أذا كان طفلهم الأول.
وجلوس الرضيع في الشهر الثالث غالبا ليس أمرًا طبيعيا ، بل على العكس قد يؤثر على مراحل نمو الرضيع وتطوره الحركي.
إذ يعتبر الشهر الثالث من عمر الرضيع بمثابة الفترة الزمنية اللازمة لتدريب وتأهيل الرضيع على تطوير حمل رأسه ومهارته الحركية.
ويتم ذلك بوضع الطفل على بطنه لفترات كافية، بهدف تقوية العضلات اللازمة للحركة و التي تشمل عضلات العنق والصدر والكتف والظهر والذراعين والأرجل.
أما متوسط العمر الملائم لجلوس الرضيع هو من 4 إلى 9 أشهر، وهذا يختلف من طفل إلى آخر اعتمادا على مسار التطور الحركي لكل طفل على حدٍ سواء.
مهارات الجلوس
قدرة التحكم بالرأس وتثبيته أثناء نوم الطفل على بطنه.
القدرة على توازن الرأس والجسم و القدرة على تطوير الوعي الإدراكي والمتمثل بتعلم الطفل استخدام يديه لتثبيت جسمه عند التمايل.
وغالبًا ما تبدأ هذه المهارات بالظهور في بداية الشهر الرابع من عمر الرضيع.
أضرار جلوس الرضيع في الشهر الثالث
1-إجبار الرضيع على الجلوس – مبكرا- يعتبر من العادات والأساليب الخاطئة وخاصةً في شهره الثالث ؛ اعتقادا منهم بأن هذا سيؤدي لتسريع مقدرة الطفل على الجلوس باستقلالية ومن دون دعم
2-ولقد ثبت علميا أن هذه الأساليب تبطئ مسار النمو الجسدي والحركي الطبيعي لدى الأطفال الرضع ، وبالتالي تسبب لهم إعاقة في اكتساب مراحل النمو.. باستقلالية في الأشهر المتقدمة من حياته
3- وكذلك تأخير قدرة الرضيع على الجلوس في الأشهر المتقدمة من عمره؛ وقد ينتج تأثيرًا عكسيًا؛ حيث يمنع تقوية العضلات اللازمة للحركة بدلًا من تعزيز قوتها
4-على الأمهات إتاحة الفرصة لأطفالهن بتقوية عضلاتهم بأنفسهم، ويتم ذلك بوضع الطفل على بطنه أكبر فترة زمنية ممكنة ؛ لتقوية العضلات اللازمة وتحسين مهاراته الحركية والحسية
الجلوس المبكر وانحناءات- تقوسات- غير طبيعية
كما ان الجلوس المبكر يعرض العمود الفقري إلى انحناءات (تقوسات) غير طبيعية؛ في الحالة الطبيعية عندما يولد الرضيع يكون شكل العمود الفقري على هيئة حرف C وخلال مسيرة نمو الرضيع وتطوره يبدأ العمود الفقري بالتطور إلى الشكل الطبيعي ذو الانحنائيين (القوسين) عند الفقرات العنقية والقطنية.
هناك علاقة وثيقة بين تطور انحناءات العمود الفقري وتطور القدرة الحركية - الطبيعية- لدى الطفل الرضيع ومن الدلائل المهمة على ذلك: قدرة الطفل على رفع رأسه ، والحفاظ على توازنه ،والزحف والجلوس والوقف، ومن ثم المشي.
إذن إرغام الطفل على وضع الجلوس في سن مبكرة ، و قبل أن يتمكنوا من تثبيت أجسامهم بشكل مستقل هو بمثابة بذل ضغط مضاعف على العمود الفقري ؛ مما قد يؤدي إلى تقوسات أو انحناءات غير طبيعية في شكل العمود الفقري