مع تغير وتيرة ثورة الاتصالات والإنترنت والطيران وغزو الفضاء، ومع ذلك تظل التغييرات الأكثر تداولا في العالم في عالم التوظيف أحد أبرز التغييرات الجذرية المدهشة التي شهدها النظام العالمي خلال السنوات الأخيرة، وذلك بالتحول من وظيفة الساعات الثماني النظامية إلى نظام العمل الحرّ (Freelancing).
وفي السعودية أطلق برنامج العمل الحر تماشياً مع رؤية 2030، وسعياً من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للوصول إلى الطاقات البشرية والباحثين عن فرص دخل والعاملين لحسابهم الخاص وغيرهم من المواطنين والمواطنات في مختلف المناطق، ورفع إنتاجيتهم و مهاراتهم وخبراتهم في أعمال ملائمة ومستقرة ومنتجة، إذ اعتمدت وزارة الموارد البشرية وثيقة تُمنح للأفراد المتخصصين في عدد من النشاطات تتيح لهم فرص ممارسة العمل بشكل مستقل في النشاطات التي أقرتها الوزارة عبر البوابة الإلكترونية للعمل الحر.
أكد المدير التنفيذي لمنصة العمل المستقل العالمية "أب وورك" ستيفان كاسريل حتمية انحسار سوق العمل التقليدي المتلائم مع الشهادة الجامعية، أمام موجة "العمل الحر" المتعاظمة بشكل هائل، التي تعتمد بشكل أساسي على "تطوير المهارات" واستبعاد أي شيء آخر.
هناك هوّة ضخمة بين التغيرات التكنولوجية المتسارعة من ناحية، ونُظم التعليم التقليدي من ناحية أخرى، وما يؤدي إلى تباعد مستمر بين ما يطلبه السوق الوظيفي بالفعل وما تطرحه الأنظمة التعليمية ويزيد الأمر تعقيداً التكاليف الكبيرة للتعليم النظامي الذي يُوقع الكثير من الطلاب تحت طائلة الديون، فيخرج الطالب مديوناً وغير مؤهل في الوقت نفسه للعمل.. هناك تسارع هائل في نشوء وظائف أنتجتها السوق التي تتغير بسرعة، وجميعها وظائف تتطلّب «مهارات وظيفية» وليس شهادات جامعية.
وأكدت دراسة أجرتها "منصّة أب وورك "(Upwork) أن 70% من المهارات الوظيفية سريعة النموّ المطلوبة في سوق العمل الحرّ تعتبر جديدة تماماً في فهرس المهارات الوظيفية، أي أن السوق أصبحت تتطلّب مهارات وظيفية مختلفة كليّاً عما كان موجوداً في سنوات بسيطة سابقة، وهذه الدراسة تجعل من السهل تصديق تقرير "المنتدى الاقتصادي العالمي" الذي تنبأ بأن 65% من الأطفال الذين يلتحقون بالمدرسة الابتدائية اليوم سينتهي بهم الحال إلى شغل وظائف لم تنشأ أصلاً حتى الآن.