إنَّ الفن نتاج العقل الإنساني والفكر البشري، وقد جاء الإسلام ليهذِّب هذا الفن، ذلك لأنّ أمور الحياة في الدِّين الإسلامي قائمة على العقيدة، ومن أنواع الفن الإسلامي كما يقول الدكتور ممدوح صقر مدير بيت جميل بمركز التراث والزخارف التي برزت بشكلٍ واضحٍ ما يأتي: لقد برع المسلمون بالفنون التّطبيقيّة من أعمال الخزف والزّخرفة الزُّجاجيّة والخشبيّة وغيرها من الفنون التي دخلت في فن العمارة وزادت من جماليتها.
الخزف
تأثَّر المسلمون بالفنون الخزفيَّة الرَّائجة عند البيزنطيين والصِّينين وغيرهم، إلَّا أنَّهم أضفوا على هذا الفن روح الإسلام وبزغ نجم هذا الفن أثناء حكم الدَّولة العباسيَّة حينما استقطبت الفنانين الذين برعوا في هذا الفن وبنوا مصانعهم الخاصة في مناطق بغداد وسامرَّاء، وقد تميَّز هذا الفن عند المسلمين بالزَّخرفة على الخزفيات وإضافة اللمعة المعدنيَّة.
-الزخرفة الزجاجية اشتهر المسلمون بها حتَّى لا يكاد يخلو أثرٌ فنيٌّ إسلاميٌّ من الزَّخرفة، ومن تلك الفنون التي برع بها المسلمون زخرفة الزُّجاج، وقد انقسمت هذه الزَّخرفة إلى قسمين اثنين هما كالآتي:
- زخرفةٌ نباتيَّةٌ: وهي الزَّخرفة القائمة على الالتواء ومعانقة الزَّخارف بعضها لبعض، بالإضافة سمة المقابلة ما بين تلك الزَّخارف.
- زخرفة هندسيَّة: وهي الزَّخارف القائمة على الأشكال الهندسيَّة والنُّجوم بالإضافة للأشكال المتداخلة فيما بينها كالدَّوائر وغيره. وقد اهتمَّ المسلمون كثيرًا بصناعة الزُّجاج المزخرف واستغلوا ذلك في إنتاج الكؤوس والأباريق والمصابيح المزخرفة، حتَّى باتت دمشق في القرن السَّابع الهجري مركزًا لهذا الفن المبدع، إذ كانوا يطلون هذا الزُّجاج المزخرف بالذَّهب والمينا.
- الزخرفة الخشبية:بزغ نجم فن الزَّخرفة الخشبية أكثر ما يكون في الأثاث العربي ومن ذلك الكراسي وصناديق المصاحف المودعة في الجوامع، والتي استخدمت في زخرفة خشبها الأزهار والألوان الزَّاهية، بالإضافة إلى استخدام الخط العربي في زخرفة بعض المشغولات الخشبيَّة.
النسيج والحياكة
- النسيج والسجاد لقد كانت صناعة النسيج والسجاد عند المسلمين تقتصر على الصِّناعات الفردية، إلَّا أنَّ هذا الأمر لم يبق على حاله فتطوَّرت هذه الصِّناعة عند المسلمين، حتَّى إنَّ ولاة المسلمين وحكَّامهم في الزَّمن الأموي أنشؤوا دورًا للتَّطريز والنَّسيج تحت إشرافهم، وأصبحت تلك القطع الثَّمينة من المنسوجات تقدم كهدايا للسَّلاطين، واشتهرت الدُّول الإسلاميَّة بإنتاج المنسوجات الحريريَّة والكتَّانيَّة الرَّاقية.
-فن حياكة السّجاد فقد استقى المسلمون أصول هذا الفن من الفرس منذ العصور القديمة، إلَّا أنَّهم أضافوا لمساتهم إليه وأبدعوا فيه، وقد تميَّزت بسطهم وسجاجيدهم بالزَّخارف الهندسيَّة التي تشغل المساحات الواسعة فيها، ومن المدن التي اشتهرت بصناعة السِّجاد تبريز.
العمارة
-برز فن العمارة الإسلاميِّ في أمرين اثنين هما: -عمارة المساجد، وعمارة البيوت. عمارة المساجد من الفنون التي ازدهرت وانتشرت في العصر الإسلامي فن بناء المساجد، وقد ظهرت على المساجد ودور العبادة في الإسلام لمسة الإبداع التي تناقلتها أيادي الحرفيين واستقوها من غيرهم، كما تجلّت روح التآلف في طريقة بناء المساجد وعمارتها وتزيينها، إذ أضيف على طريقة العمارة الطَّابع الخاص والبصمة المميزة في الجدران والخزائن والنوافذ وغيره.
-عمارة البيوت أضفى الإسلام طابعه الخاص على شكل وطريقة بناء البيوت التي يسكنها الأفراد، والقصور التي يقطنها الخلفاء والأمراء، فمن الأمور الواجب مراعاتها في فن العمارة الإسلاميَّة للبيوت، أن يكون هناك فسحةٌ قبل الدُّخول للمنزل من أجل الاستئذان، بالإضافة إلى احتجاب أماكن جلوس النِّساء عن الرِّجال.
التجليد والخط العربي
- فن التَّجليد من الأمور التي تميّز فيها المسلمون وأنَّهم أضافوا اللسان لتعيين مكان الوقوف أثناء القراءة، بالإضافة إلى حفظ الأجزاء الخارجيَّة للمصحف، وقد برع المسلمون بهذا الفن حتَّى أصبح أحد أهمّ الفنون الإسلاميَّة، وقد أخذه الأوروبيُّون عن المسلمين.
-الخط العربي :لقد برع فيها المسلمون على وجه الخصوص، فقد اهتموا بكتابة المصحف الكريم بخطٍّ جميلٍ ومميَّزٍ، بالإضافة إلى إغناء هذا الخطِّ بالزَّخارف البديعة، وأول من برع في هذا الفن هم أهل بغداد، إلى أن انتقل الخط إلى بلاد فارس وأُنشئ هناك الخطُّ الفارسيُّ على يدي ميرعلي، ومن هنا دخل فن التَّذهيب إلى التَّخطيط في المصحف،ولم يقتصر على كتابة المصحف فقط وإنَّما انتقل إلى كتابة المخطوطات، وبعد ذلك بدأت مرحلة جديدة وهي العمل على تزيين المساجد بالجمل والآيات القرآنيَّة المكتوبة بالخطِّ العربي -لاسيما بخطِّ الثُّلث.