تشهد منطقة تبوك شمال السعودية، نشاطاً سياحياً مكثفاً، إذ تتميز بمقومات سياحية مثالية، في مقدمتها جمال الطبيعة، والتنوع الجغرافي والبيئي، خاصةً وادي العيون، أو ما يعرف باسم وادي "طَيَّبُ اسْمٍ".
ولا يكاد يخلو هذا المَعْلَم السياحي العريق، الذي يقع في منطقة تبوك على خليج العقبة، على بُعد 15 كيلومتراً شمال مدينة مقنا الساحلية، من وجود السياح والزوَّار والباحثين التاريخيين طوال العام، نظراً لما تتمتع به المنطقة من جمال الطبيعة الساحر، لا سيما الجبال التي تحيط بها من الجانبين، وعيون الماء الجارية وسطها، التي تنعش أشجار النخيل، لينتهي هذا الممر الجبلي الخلاب بمشهدٍ بديعٍ لمياهٍ فيروزية، إضافةً إلى الشواطئ البيضاء في خليج العقبة على البحر الأحمر، كما يعدُّ المكان أيضاً وجهةً تاريخية فريدة، تحيط بها عديدٌ من الروايات التي تثير فضول الباحثين والمؤرخين.
ولعل من أبرز ملامح المنطقة الممرُ الجبلي، وهو عبارةٌ عن مظهرٍ رائع لكتل جرانيتية، يبلغ ارتفاعها 600 متر، وتنحدر حوافها الحادة في خليج العقبة، لتبدو وكأنها ممزَّقة إلى قسمين بواسطة قوةٍ فوق طبيعية.
وفي مكانٍ قريب تصبُّ العيون المائية الجارية في خليج العقبة مع وجود مجموعةٍ من الآبار، تصبُّ فيها جداول مائية منحدرة من الجبال، وتجري بين أشجار النخيل الباسقة في لوحة طبيعية ساحرة، تخطف قلوب الناظرين.
وهناك أيضاً مسارٌ لتمكين السياح من المرور عبر المضيق، حيث يمتد جسرٌ خشبي فوق الصخور المتعرجة على امتداد الوادي بطول 30 كيلومتراً، وعرض خمسة أمتار، ويُسعد الزائر عند وصوله إلى المكان بنسيم الهواء العليل، والمياه النقية الصافية، التي تمرُّ فوق الحصى على مدار العام دون أن تجف، إلى جانب أصوات الطيور التي تستوطن المكان في منظرٍ ساحر، يبعث على التأمل والسكون والاسترخاء.
ولا تقتصر أهمية المكان على جمال الطبيعة فقط، إذ يتميز أيضاً بأهميته الدينية والتراثية، وتكثر حوله الروايات التاريخية، حيث يُعتقد أن الممر الصخري المتغلغل وسط الجبال الشاهقة موقعُ "مضرب عصا النبي موسى"، وقد تشكَّل بين الجبلين بفعل الماء الذي انحسر عن البحر عندما ضرب موسى بعصاه، فظهر حينها خليج العقبة، فسلك هذا الطريق في هروبه الأول، ليعيش في البدع، أو مغائر شعيب التي تبعد عن الموقع 28 كيلومتراً.
ويجذب الوادي كثيراً من السياح من داخل السعودية وخارجها، لاسيما هواة التصوير ورحلات السفاري، وعشاق التمتع بليل الوادي الجميل، حيث السماء الصافية، ولمعان النجوم، والمناخ المعتدل صيفاً، والطبيعة الساحرة.
وإلى جانب ذلك، تضم المنطقة عدداً من الآثار القديمة، والنقوش التي تدل على حياة الأمم السابقة قبل آلاف السنين، لذا تستقبل سنوياً عديداً من البعثات الدولية التي تضم باحثين، يزورون السعودية دورياً، حيث يقوم هؤلاء بزيارة المنطقة، والتقاط الصور التاريخية والطبيعية الخلابة.
ويعدُّ الوادي أحد المواقع التي تتدفق فيها المياه دون توقف، ليكون موطناً للتنوع الحيوي، كما يمكن للزوار استكشاف الزواحف والطيور والبرمائيات، مثل الضفدع العربي.
ويُنصح، لحماية مجموعة واسعة من أنواع النباتات والحيوانات، بعدم الوصول إلى الوادي عبر المركبات، والترجُّل منها سيراً على الأقدام، كما يجب توخي الحذر عند زيارة الوادي أثناء، أو بعد هطول الأمطار الموسمية في فصل الشتاء بسبب ازدياد تدفق المياه في الوادي.
وتؤكد الجهات المحلية على ضرورة عدم السباحة، لأن المنطقة غير خاضعة للرقابة، إضافة إلى وجود تيارات قوية جداً.