نجحت البعثة الأثرية المصرية من منطقة آثار الإسكندرية في الكشف عن بقايا ضاحية سكنية وتجارية من العصرين اليوناني والروماني، وذلك أثناء أعمال الحفائر بمنطقة الشاطبي بالإسكندرية.
الكشف يلقي الضوء على الأنشطة المختلفة عند الأسوار الخارجية للعاصمة المصرية في العصرين اليوناني والروماني
تعود أهمية هذا الكشف إلى أنه يلقي الضوء على الأنشطة المختلفة التي كانت تتم عند الأسوار الخارجية للعاصمة المصرية في العصرين اليوناني والروماني، والتي كانت تضم أماكن لاستراحة المسافرين وزائري المدينة لحين الحصول على التصاريح اللازمة للدخول، وكذلك أماكن لفحص وتحديد الضرائب على السلع الواردة للمدينة من جهة الشرق.
وحسب الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار المصرية ، على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك وزارة الآثار والسياحة المصرية، فالدراسات الأولية التي تناولت بقايا الضاحية المكتشفة أوضحت أنها كانت تتكون من شارع رئيسي تتعامد عليه شوارع فرعية، مرتبطة جميعها بشبكة صرف صحي، حيث تم استخدام هذه الضاحية لفترة طويلة امتدت تقريباً ما بين القرنين الثاني قبل الميلاد والرابع بعد الميلاد.
قامت البعثة، والتي اكتشفت الضاحية بالكشف عن عدد من آبار للمياه منحوتة في الصخر، بالإضافة إلى شبكة ضخمة من الصهاريج النفقية مغطاة بطبقة من الملاط الوردي لتخزين مياه الآبار والأمطار والفيضان لاستخدامها في مواسم الجفاف، لافتاً إلى أن عدد هذه الآبار والصهاريج تخطى الـ٤٠ بئراً وصهريجاً، تم العثور داخلها على عدد من الأواني الفخارية والمسارج وبعض التماثيل، الأمر الذي يشير إلى الكثافة السكانية لهذه الضاحية.
وقد أثبتت الدراسات أن الضاحية المكتشفة كانت تحتوي على سوق تجاري به ورش ومحال لبيع الأواني النذرية ولصناعة وبيع التماثيل للمعبودات والأبطال الأسطوريين والأباطرة والمشاهير، حيث تم العثور على قوالب صناعة هذه التماثيل وتمثال نصفي من الألباستر رائع الصنع لأحد الأباطرة الرومان.
تمائم ومشغولات معدنية و700 عملة أثرية وشباك صيد
ومن مكتشفات الضاحية، عدد كبير من بقايا أمفورات وتمائم ومشغولات معدنية، وما يقرب من ٧٠٠ عملة أثرية وأطباق وأوانٍ مختلفة الأشكال والأحجام، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الأدوات المرتبطة بأنشطة صناعية مثل أثقال النول وشباك الصيد، كما تم الكشف أيضاً عن بقايا مقصورة بها حوض ربما تم تكريسها للمعبودتين "أثينا" و"ديميترا" اللتين عرفتا كربتان للصيد والصيادين، حيث عثر على أجزاء من تماثيل لكل منهما، بالإضافة إلى العثور على بقايا حجرة بجانب المقصورة، تحتوي على مجموعة من الأفران الصغيرة التي استخدمت في حرق الأضاحي والطهي للقائمين على المقصورة، بالإضافة إلى بقايا أمفورات وأجران صغيرة لتخزين الحبوب.
ومن ناحيته، أوضح رئيس البعثة الأثرية، إبراهيم مصطفى، أن اللقى الأثرية المكتشفة بهذه الضاحية تشير إلى ارتباطها بحركة التجارة الوافدة إلى المدينة وأنشطة الصيد وصناعة الأدوات المرتبطة بها، حيث إن أغلب المكتشفات في ورشة صناعة التماثيل تشير إلى أن أغلب زبائن هذه الورشة كانوا من الصيادين، حيث تم العثور على تماثيل المعبودات المرتبطة بالصيد، بالإضافة إلى تماثيل الأبطال الأسطوريين والإسكندر الأكبر، والتي اعتبرت تمائم لرعاية المحاربين، كما ارتبطت المنطقة ببيع القرابين والأواني النذرية التي كانت تقدم عادة للمتوفين في مقابرهم في الجبانة الشرقية.
يذكر أن أعمال الحفائر بالموقع استمرت على مدار تسعة أشهر كاملة، وجارٍ حالياً الأعمال النهائية لتوثيق الموقع؛ باستخدام التصوير ثلاثي الأبعاد وتقنيات الرفع الطبوغرافي الحديثة، ومن المقرر نقل اللقى الأثرية إلى معامل الترميم التابعة للوزارة؛ لإجراء أعمال الترميم اللازمة لها، ومحاولة إعادة تجميع بقايا التماثيل المكتشفة.