بحلول الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، يستطيع الأطفال سماع أمهاتهم يتحدثن، ويتفاعلون مع ما يسمعونه. يتلوون. ويتقلبون. وتتغير معدلات ضربات قلبهم. عند سماع الأصوات.
علاوة على ذلك، يمكن لهؤلاء الأطفال التمييز بين أصوات أمهاتهم وأصوات الغرباء. حتى أنهم يمكنهم التمييز بين اللغة الأم لوالديهم واللغة الأجنبية. لذا فإن الأطفال حديثو الولادة، ليسوا جاهلين بالأصوات، فقد عاشوا تجارب مع "الاستماع". وهم في أرحام أمهاتهم.
لماذا يفضل الأطفال حديثو الولادة أصوات أمهاتهم؟
يمكن للأطفال الصغار -بعمر بضعة أيام فقط- التعرف على أصوات أمهاتهم. ويبدو أنهم يفضلون صوت الأم على أصوات النساء الأخريات.
في إحدى الدراسات، استمع الأطفال حديثي الولادة إلى الأصوات التي يتم تشغيلها عبر مكبر الصوت، ولم يهتموا بما سمعوه. لكن عندما سمع كل مولود صوت أمه صار يدير رأسه في اتجاه مكبر الصوت. وتبين أن الاستماع إلى الأم قد يزيد من الاستقرار الذاتي للرضيع المبتسر، ويعزز اكتساب الوزن الصحي.
تأثيرات خاصة على معالجة اللغة
غالباً ما تميل الأم عند التحدث إلى مولودها إلى جعل صوتها موسيقيّاً أكثر فهي تتحدث بوتيرة أبطأ، وتكرر كلمات مفتاحية معينة.
يجذب هذا "الكلام الموجه للأطفال" انتباه الطفل، فهو ينقل مشاعر الأم من جهة، ويؤدي إلى تسريع وتيرة تعلم الأطفال للغة.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الأطفال الرضع، يسمعون الأصوات من مصادر عدة، لكن شيئاً ما يميز صوت الأم، فهم يتفاعلون معه، حتى لو وجهت لهم العبارات نفسها من مصدر آخر.
لذلك استخدم باحثون، في دراسة حديثة، تقنية تصوير الدماغ (التحليل الطيفي القريب من الأشعة تحت الحمراء) لمعرفة كيفية معالجة أدمغة الرضع لأصوات الكلام التي يسمعونها، حيث ارتدى كل رضيع - حديث الولادة- غطاء قطب كهربائي صغير. ثم سمع الطفل سلسلة من التسجيلات الصوتية، لعدة نساء اختلفت هوياتهن، لكن الغريب أن صوت الأم كان له التأثير الأكبر، حيث ظهر عليه نشاط في شبكات الدماغ التي تربط المناطق المتعلقة بمعالجة اللغة والمعالجة الصوتية.
هل الأمهات هن الوحيدات القادرات على إحداث هذه التأثيرات؟
بالتأكيد لا. تؤثر أصوات الأمهات على الأطفال؛ لأن الأمهات يلعبن مثل هذا الدور المهم في حياة الأطفال. وعندما يلعب الأفراد الآخرون أدواراً مهمة، فقد يكون لهم أيضاً تأثير. كبير. خصوصاً مع تقدم الأطفال في العمر. فهناك نوع من السحر في صوت الأم، لكنه ليس حصرياً.
ضعي في اعتبارك، على سبيل المثال، ما يحدث لك، كامرأة بالغة، عندما تتحدثين مع صديق. فالحديث الودود يرفع من مزاجك. ويجعلك تشعرين بمزيد من التواصل الاجتماعي والأمان.
وهذا بالضبط ما يحدث للأطفال من تغييرات قابلة للقياس في كيمياء الدماغ.
وتساعد طبيعة هذه العلاقة الأولية في تحديد نمط العلاقات الأخرى. عندما يشعر الأطفال بالارتباط الآمن بأمهاتهم، فإن ذلك يبشر بالخير لقدرتهم على تكوين روابط صحية مع الآخرين. وإلا فقد يعانون من التواصل مع الآخرين.
لذلك على كل أم أن تنتبه أن طفلها سيكتشف التوتر والغضب في صوتها ويمكن أن يكون لذلك عواقب وخيمة. على سبيل المثال، إذا تعرض الطفل لنزاع متكرر وسماع الحجج الغاضبة، فقد يؤدي ذلك إلى مشاكل في نموه الصحي وقدرته على الاستجابة أمام الآخرين.