رجَّح فريق من باحثي الآثار في السعودية، أن يكون "موقع الجمل" في الجوف، شمال البلاد، الذي تمَّ اكتشافه، أقدم موقعٍ في العالم لنحت الحيوانات المجسَّمة بالحجم الطبيعي، حسب دراسةٍ، نشرتها مجلة العلوم والآثار Journal of Archaeological Science.
وبيَّنت الدراسة، أن "موقع الجمل" وعمره 7200 عام ويُقارب الـ8000 عام، ويضم 21 نحتاً مجسَّماً، منها 17 لجِمال، واثنان من فصيلة الخيليات، وآخر لم تتضح هويته، يعود لفترة العصر الحجري الحديث ما بين 5200 و5600 سنة قبل الميلاد.
ويتميز الموقع بمجموعة من مجسَّمات الجِمال، وحيوانات من فصيلة الخيليات بالحجم الطبيعي، اختلفت طرق تنفيذها عن الفن الصخري الشائع في أنحاء السعودية، لبروزها بشكلٍ كبير عن الصخرة التي نُحتت منها على هيئة شكل مجسَّم.
كذلك أظهرت المجسَّمات الأثرية التي اكتُشفت في الموقع وجودَ صناعة حجرية مميزة وبقايا عظامٍ حيوانية، وفق صحيفة "الشرق الأوسط".
وبهدف معرفة تاريخ الموقع بدقة عالية، استخدم الفريق العلمي عدداً من الطرق العلمية عبر تحليل الأدوات المستخدمة في النحت، ودراسة آثار عوامل التعرية والتحلل الطبيعيين، إضافةً إلى جهاز التحليل المشع متعدد الأطياف، وطريقة الوهج الحراري، حيث تُعدُّ معرفة تاريخ الموقع من أكبر التحديات التي واجهها الفريق.
وأكدت النتائج العلمية، أن جهوداً كبيرة بُذلت في نحت هذه الحيوانات المجسَّمة، وربما عمل على تنفيذها مجموعة من النحاتين على مدى فترات زمنية مختلفة، ومن الدلائل على ذلك اختلاف تقنيات النحت المستخدمة.
ووُجِدَت أمثلةٌ، تشير إلى صيانة الأشكال المنحوتة، وأحياناً القيام بنحت أجزاءٍ جديدة لتكون بديلة عن أجزاءٍ تضررت بفعل عوامل الزمن، واستطاع الفريق تتبُّع خطوط النحت على الصخور على الرغم من تأثر بعض الأجزاء بعوامل التعرية الطبيعية، كما تم العثور على بعض الأجزاء الساقطة من النحت وإعادتها إلى مكانها.
تابعي المزيد: مدينة العلا التاريخية.. أبرز المعالم والآثار
وأظهرت نتائج الدراسة للموقع مروره بثلاث مراحل زمنية، تتمثل في مرحلة تنفيذ أعمال النحت على مدى فترة طويلة، ومرحلة تدلُّ على غياب النشاط البشري وهجر الموقع، وثالثة وأخيرة بدأت تتضرر فيها المجسَّمات المنحوتة وتتساقط بعض أجزائها بفعل العوامل الطبيعية.
وتنتمي الصناعة الحجرية في الموقع إلى فترة نهاية العصر الحجري الحديث، التي لا يمكن الجزم تماماً بأنها معاصرة لفترة نحت المجسَّمات الحيوانية في الموقع.
يذكر أن الفريق البحثي تكوَّن من علماء من هيئة التراث السعودية، وجامعة الملك سعود، والمركز الفرنسي للأبحاث، ومعهد "ماكس بلانك"، وجامعة برلين الحرة، وجامعة أكسفورد.