بطرازها المعماري الأثري وجدرانها الطينية، مثلت الدرعية رمزاً وطنياً بارزاً في السعودية؛ فقد ارتبط اسمها بالدولة السعودية الأولى وكانت عاصمة لها، وشكلت منعطفاً تاريخياً في الجزيرة العربية ، واليوم تشهد المملكة اهتماماً منقطع النظير في إعادة إحياء هذا الإرث التاريخي الذي تتناقله الأجيال لجعلها إحدى أهم وجهات التعرف إلى التاريخ السعودي.
وتبعد الدرعية التاريخية عن مركز الرياض العاصمة نحو عشرين كيلومتراً، ويحتضنها وادي حنيفة الخصب الواقع شمال غرب مدينة الرياض، وترتفع نحو 700 متر عن سطح البحر، ويقع شمالها عدد من بلدات نجد القديمة، من أبرزها الجبيلة والعيينة، وإلى الجنوب منها بلدة عرقة. وقد امتدت الدرعية في أوج عظمتها على مسافة ثمانية كيلومترات على جانبي وادي حنيفة من العلب شمالاً حتى المليبيد جنوباً، وتُعد من المواقع الإستراتيجية المهمة؛ فهي تقع وسط الجزيرة العربية متربعة على قمة جبال طويق.
إعادة إحياء الدرعية
وتشهد المملكة العربية السعودية في هذا العهد الزاهر عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود تطوراً هائلاً على جميع الأصعدة؛ حيث أسهمت جهوده في إعادة إحياء المنطقة، ما نتج عنه تسجيل حيّ طريف التاريخي بالدرعية في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو عام 2010. وترجم هذا النهج والتوجه الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية، بمسيرة البناء والتطوير بما يتماشى مع رؤية المملكة 2030 من خلال تطوير العديد من المشاريع على مساحة تتجاوز 190 كيلومتراً مربعاً.
مشروع تطوير بوابة الدرعية
يُعد مشروع بوابة الدرعية أحد أهم مخرجات ومنجزات رؤية المملكة 2030، وواحداً من المشروعات الوطنية المنبثقة من الأهداف والتطلعات الطموحة لرؤية 2030؛ حيث نمت وتطورت في إطار السعي الحثيث لتحقيق برامجها، لتُصبح "بوابة الدرعية" أكبر مشروع تراثي وثقافي في العالم، دشنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في نوفمبر 2019، ويتابع مُنجزاته المتنامية ولي العهد رئيس مجلس إدارة هيئة تطوير بوابة الدرعية؛ لتكون الدرعية التاريخية واحدة من أهم الوجهات السياحية والثقافية وأماكن الجذب في المنطقة والعالم. ويحقق المشروع تطلعات وأهداف الرؤية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، منها تعزيز وحماية التاريخ والتراث السعودي الحضاري، وتطوير المواهب المحلية في مجال البحوث الأكاديمية والتاريخية والتراثية، وتعزيز قيمة الاعتزاز بالتاريخ والتراث الوطني، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي وتطوير المحتوى المحلي. وتخطط هيئة تطوير بوابة الدرعية لإنشاء عدد من المتاحف المتميزة، ومراكز الفعاليات والمعارض التراثية والثقافية المتنوعة، وذلك سعياً لإبراز الدور الذي أدته الدرعية في تطور المنطقة بأكملها إستراتيجياً واقتصادياً، إضافة إلى عدد من الأصول ذات الطابع التراثي التقليدي.
تدوين القصص التاريخية
واستطاعت هيئة بوابة الدرعية، بالتعاون مع إدارة الملك عبد العزيز، تدوين القصص والأحداث التاريخية؛ حيث طوَّرت وراجعت 100 قصة تاريخية للدرعية، ركزت من خلالها على المحاور التاريخية والتراثية والثقافية، تتعلق بالشخصيات التاريخية البارزة في تاريخنا الوطني «الأئمة - والملوك - والأبطال - والقادة - والنساء البارزات - والأحداث التاريخية المهمة». وعُرفت الدرعية تاريخياً بأنها جوهرة نجد، ولا يقتصر ذلك فقط بسبب مياه وادي حنيفة المتلألئة، بل تشهد مدونات الرحالة الأوائل لهذا المكان على أناقة المدينة البسيطة، وعلى أهميتها لكونها مركزاً للتعلم والفنون، والثقافة الوطنية، ورمزاً ثميناً للهوية السعودية.