ظلت كنوز العصر الرومانسي وما تحويه من خبايا ونفائس وخفايا مخبأة بين جنبات منزل رائد الرومانسية الألماني يوهان فولفغانغ فون غوته، حتى بثت الحياة مؤخراً في متحف العصر الرومانسي في فرانكفورت، عقب حلقات طويلة من الصراع دامت سنوات؛ من أجل افتتاح أول متحف يحتفي بالعصر الرومانسي، وما يشوبه من إرهاصات طالت مختلف مجالات الفن والأدب والثقافة وحتى العلم..
- صراع من أجل افتتاح المتحف
حسب موقع monopol-magazin.de الألماني، كان هناك صراع طويل من أجل افتتاح المتحف الرومانسي الألماني في العام 2021، حيث لفتت آن بونينكامب-رينكن، مديرة Hochstift الألمانية الحرة، أحد الداعمين لفكرة المتحف، أنه لا يوجد متحف واحد في العالم متخصص في الحقبة الرومانسية، وهو ما يمثل عنصراً لتفرد قيمة المتحف الثقافية والفنية، حيث تم تكريس المتحف للأعمال التي أنتجت خلال الفترة منذ نحو عام 1790 إلى 1850.
وأكدت رينكن أن المتحف يقع بجوار مسقط رأس غوته؛ لكي يكون نقطة جذب للزوار الدوليين. حيث يستقبل "Goethehaus" منزل غوته نحو 100،000 ضيف سنوياً، موضحة أن مالك المبنى الخاص بالمتحف هو شركة الإسكان البلدية، والتي أقامت حفلاً كبيراً لوضع حجر الأساس في صيف عام 2016، ومنذ ذلك الحين هدأ المشروع تماماً، مما أثار جدلاً حاداً بعد أن ألغت المدينة مؤقتاً التمويل الموعود، وعقب صولات وجولات؛ تم جمع تكلفة إنشاء المتحف بإجمالي 16 مليون يورو مسبقاً للمبنى الجديد والمعرض الدائم، بما في ذلك تكنولوجيا المتحف.
اعرفي المزيد: متحف الشريف.. رحلة من قلب الطائف إلى الماضي الجميل
- مبانٍ ليست "مواجهات" ولا "هندسة أحداث"
اللافت معمارياً فى المتحف، الذي صممه مايكل لاندز، أن مبانيه ليست "مواجهات"، وليست "هندسة أحداث"، بل مبانٍ تتلاءم بشكل متناغم مع قيمة ما تعرضه، لتكون أحجية ذات مغزى وطويلة الأمد في مشهد المدينة. حيث سعى التصميم المعماري المدهش للمتحف لإيجاد معنى للرومانسية، كمفهوم وشعور، في الماضي واليوم.. وما هي الأسئلة التي اتبعها الرومانسيون، حيث استطاع التصميم الإجابة عن هذه التساؤلات، متنقلاً بين ساحات وأفنية وإضاءات وتكنولوجيات ومؤثرات خاصة لينقل حالة عامة من الرومانسية البيضاء والسوداء، من Goethe إلى الفن الهابط؛ لتطوف كل هذه الحقب بين جدران المتحف.
اعرفي المزيد: متحف الطيبين.. العودة للماضي من قلب مدينة الخُبر
- نافذة بانورامية وسلم للسماء
فور دخولك للمتحف، تلتقيك نافذة بانورامية كبيرة تطل على الحديقة الرومانسية، ثم يأخذك "سلم السماء" إلى منطقة العروض، الموزعة على ثلاثة طوابق: الدرج الأزرق المتلألئ يصبح أكثر ضيقاً كلما صعدنا أكثر، حيث يتناقص الدرج كما لو كان صاعداً نحو السماء، وهو خداع بصري؛ ليعطي انطباعاً وكأنه يمتد إلى ما لا نهاية. وما يعزز ذلك الانطباع هو تغريد الطيور القادم من الأعلى، ولكن لا يمكن رؤية أي طيور مهما صعدنا أكثر على الدرج، وهو الذي يجعل الزائر وكأنه أحد شخوص الرومانسية بذات العصر السحري.
يحتوي المتحف على واجهات عرض تحمل بين جنباتها ذخائر المجموعات الفريدة للأدب الرومانسي الألماني، بالإضافة للخرائط التفاعلية، كما يحوي مخطوطات لكليمنس وبيتينه برينتانو ونوفاليس والأخوين شل يجل ويوزيف فون آيشندورف، ومسودات مؤلفات موسيقية لروبرت شومان أو أعمال كاسبار دافيد فريدريش، وأشكالاً فنية أخرى يتم عرضها بطريقة فريدة، كما يوفر المتحف أماكن الاستماع إلى قصائد كبار شعراء الحقبة الرومانسية.. وقد خصص المتحف نحو 1200 متر مربع من مساحته للعروض الدائمة، و400 متر مربع أخرى للمعارض المؤقتة التي تتغير تباعاً.