تُعد ظاهرة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني ظاهرة فلكية مذهلة لم يستطع أحد الاقتراب منها والإتيان بمثلها أو حتى تقليدها في أي مبنى على مدار التاريخ بطول الزمان وعرضه.
لم يعلم أحد كيف توصل المصريون القدماء منذ آلاف السنين لهذا العلم الذي يربط علوم الفلك بالعمارة والفيزياء والرياضيات والذي يجعل ضوء الشمس يدخل معبد أبو سمبل في أسوان مرتين كل عام بنفس التوقيت في تمام الساعة 6:25 صباحًا 21 فبراير، و 5:53 صباحًا في يوم 21 أكتوبر (يوم ميلاد رمسيس الثاني ويوم توليه العرش) ليخترق ضوء الشمس هذا المكان المظلم العميق في الصخر الذي يبعد 65 مترًا عن مدخل المعبد ليدخل في سلاسة على وجه الملك فيضيئه تمامًا لمدة 20 دقيقة (تحول التاريخ ليوم 22 فبراير و 22 أكتوبر كل عام بعد نقل معبد أبو سمبل بعد تقطيعه لإنقاذه من الغرق في بداية الستينيات).
• ضوء الشمس يصل لتماثيل ثلاثة ولا يصل لرمز الظلام
في البداية يصل ضوء الشمس لوجه الملك في غرفته، ثم ينتشر قريبًا ليكون حزمة من الضوء تضيء وجوه ثلاثة تماثيل من الأربعة، وهم رموز الشمس حيث تضيء الشمس تمثال أمون رع، وتتعامد على وجه رمسيس الثاني، وتضيء تمثال حور آخت، ولا يصل الضوء لتمثال بتاح رمز الظلام.
وحول ذلك يقول د. أمير نجدت صبري الخبير الأثري لـ"سيدتي": "تظهر المعجزة في اختيار يومين من الإضاءة وتحديدهما قبل عملية النحت، فالمعبد منحوت في الجبل بدقة مدهشة"، لافتًا أن هذا الأمر يحتاج لمعرفة كاملة بأساس علم الفلك والعديد من الحسابات الفلكية لتحديد انحدار محور المعبد. كما تظهر المعجزة في تصميم محور المعبد، فهو مستقيم بشكل كامل على مسافة 65 مترًا مقطوعة في الصخر.
وأكد نجدت أن هذه الظاهرة كانت تحدث يومي 21 فبراير، و21 أكتوبر، إلا أنه عندما نقل المعبد ١٢٠ م غربًا وبارتفاع ٦٠م، تغير موعد الظاهرة ليكون يومي 22 فبراير، و22 أكتوبر.
تابعي المزيد: التعامد الأول للشمس على الكعبة لهذا العام
• التفسير الفلكي للظاهرة
حسب موقع egyptfwd.org، استند قدماء المصريين في اكتشافهم إلى أن الشمس تمر على كل نقطة في أثناء شروقها وغروبها مرتين في كل عام، وأن المسافة الزمنية بينهما تختلف تبعًا لبعد كل نقطة عن نقطة الشرق تمامًا، ومن المعروف أنه نتيجة لحركة الأرض حول الشمس في مدار نصف دائري هناك حركة ظاهرة للشمس من خلال ما يسمى دائرة البروج السماوية وهي دائرة تنخفض بمقدار 23.5 درجة على ما يسمى خط الاستواء السماوي. لذلك يختلف موقع شروق الشمس يوميًا بالأفق في فترة تتراوح بين -23.5 درجة و 23.5 درجة من الشرق الحقيقي الذي تشرق منه الشمس فقط.
اختار قدماء المصريين نقطة في مسار شروق الشمس تبعد عن نقطتي مسارها زمن قدره أربعة أشهر، لتتوافق مع يوم 21 أكتوبر و21 فبراير من كل عام، ثم قاموا ببناء المعبد بحيث يكون اتجاه المسار الذي تدخل منه الشمس على وجه رمسيس الثاني من ناحية الشرق من فتحة ضيقة. وقد جعل قدماء المصريين هذه الفتحة ضيقة بحيث إذا دخلت أشعة الشمس في يوم وسقطت على وجه التمثال فإنها في اليوم التالي تنحرف انحرافًا صغيرًا قدره ربع درجة، وبهذا تسقط الأشعة في اليوم التالي على جدار الفتحة ولا تسقط على وجه التمثال مرة أخرى.
تابعي المزيد: خلال حكم "رمسيس الثاني".. اكتشاف آثار لـ"مهندس فرعوني" بمصر
-
استعدادات كبرى لظاهرة فرعونية فلكية فريدة
وفي كل عام تستعد مصر لهذه الظاهرة الفرعونية الفلكية الفريدة التي تتكرر، فقد شهد المعبد أمس توافد ضخم للسائحين لحضور لحظة تعامد الشمس على وجه الملك رمسيس الثاني، كما حضر الظاهرة السنوية وزير الآثار والسياحة المصري خالد العناني وعدد من سفراء الدول الأجنبية وفق إجراءات وقائية واحترازية مشددة للحماية من فيروس كورونا، إلى جانب الإجراءات الأمنية المشددة بمداخل ومخارج المعبد.
تابعي المزيد: الشمس تسقط على وجه الملك رمسيس بظاهرة فرعونية تتكرر منذ 3000 عام