في ظل ما يعانيه العالم من صراعات ظهرت الحاجة الملحة للحفاظ على موروثات السجلات السمعية والبصرية الخاصة بالمجتمعات البشرية، والاعتراف بأهميتها بوصفها جزءاً لا يتجزأ من الهويات الوطنية والعالمية، فـ«المحفوظات» ليست «مقابر ضخمة»، وإنما هي أماكن أساسية «لاستمرار الوعي البشري»، هكذا قال خايمي توريس بوديت، مدير عام اليونسكو السابق والشاعر المكسيكي الشهير..
فلطالما روت المحفوظات السمعية والبصرية قصصاً عن حياة الناس وثقافاتهم من جميع أنحاء العالم، ومثلت دليلاً حيوياً توثيقياً للذاكرة الجمعية الحضارية للشعوب، وتراثاً استثنائياً شديد التميز والتمايز، ومصدراً قيماً للمعرفة والمثاقفة؛ لما تعكسه من تنوع ثري، وزخم ثقافي واجتماعي ولغوي وإثني، يجمع بين الهشاشة والقيود التقنية الدقيقة، ويحمل كثيراً من تفاصيل اللحظات الفارقة في تاريخ الأمم، ومن واجبنا أن ننقله إلى الأجيال المقبلة.
• استراتيجية للحفاظ على المواد السمعية البصرية المهمة وصيانتها للأجيال المقبلة
وفق هذا السياق أقرت الأمم المتحدة يوماً عالمياً للاحتفال بالتراث السمعي البصري؛ «اليوم العالمي للتراث السمعي والبصري» بالعام 2005، في السابع والعشرين من أكتوبر كل عام، بوصفه آلية لزيادة الوعي العام بضرورة الحفاظ على المواد السمعية البصرية المهمة وصيانتها للأجيال المقبلة، حيث يتم حفظ الموجودات السمعية البصرية المهمة في العالم، كالأفلام والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، وإِنقاذها من أَحداث تهددها نتيجة الإهمال والتدهور أو التقادم التكنولوجي أو حروب عرَّضتها للتلف أو للاحتراق أو للضياع أَو للنهب أو التشتُّت أو للاتِّجار غير المشروع؛ فالتسجيلات الصوتية والصور المتحركة يمكن تدميرها عمداً أو فقدها بصورة لا رجعة فيها بسهولة ويسر.
ويُعد الاحتفال باليوم العالمي للتراث السمعي البصري «WDAH» إحياءً لذكرى اعتماد المؤتمر العام الحادي والعشرين في عام 1980 للتوصية الخاصة بصون الصور المتحركة والحفاظ عليها؛ حيث يوفر اليوم العالمي مناسبة مهمة لرفع مستوى الوعي العام بضرورة اتخاذ تدابير عاجلة والاعتراف بأهمية الوثائق السمعية والبصرية. كما يُعد فرصة للدول الأعضاء في اليونسكو لتقييم أدائها في ما يتعلق بتنفيذ توصية 2015 المتعلقة بالحفاظ على التراث الوثائقي والوصول إليه، بما في ذلك في شكل رقمي.
من خلال مبادرات اليوم العالمي للتراث السمعي البصري وبرنامج ذاكرة العالم، يتم تشجيع عمل المهنيين للمحافظة على هذا التراث، حيث تتم إدارة هذا التراث من خلال مجموعة من العوامل التقنية والسياسية والاجتماعية والمالية وغيرها.
وتحقق WDAH التفويض الدستوري لليونسكو لتعزيز «التدفق الحر للأفكار بالكلمة والصورة» تمثيلاً لتراثنا المشترك وذاكرتنا عبر تسليط الضوء على دور التراث في بناء دفاعات السلام في أذهان الناس.
تابعي المزيد: الأمم المتحدة تحيي اليوم العالمي للتراث السمعي والبصري
• الاحتفال باليوم العالمي للتراث السمعي البصري عام 2021
حسب الموقع الرسمي لليونسكو تزودنا المواد المسموعة أو المرئية، مثل عناصر التراث الوثائقي، بنافذة نطل منها على العالم من خلال متابعة الفعاليات التي لا يمكننا المشاركة فيها، والإصغاء إلى أصوات ظلت حبيسة الماضي، وصياغة حكايات نسترشد ونستمتع بها. ومن ثمّ فإنّ موضوع اليوم العالمي للتراث السمعي البصري لهذا العام هو «نافذتك على العالم»؛ إذ يكتسب دور المحتوى المسموع والمرئي أهمية متزايدة في حياتنا، ونحن نسعى إلى فهم العالم من حولنا وبناء أواصر الصلة مع إخواننا في البشرية.
-
دعوة للمشاركة
وضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للتراث السمعي البصرى تدعوكِ المبادرة المشتركة لليونسكو والمجلس التنسيقي لجمعيات المحفوظات السمعية CCAAA للمشاركة بأن تحكي قصتك وحقيقتك والاحداث الخاصة بك، عبر نافذة عالمية من خلال صفحة الويب:
https://www.ccaaa.org/WDAVH2021
• مؤتمر سد الفجوة لجيل جديد من المحفوظات الصوتية والمسموعة والمرئية
تتضمن فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للتراث السمعي البصري عقد فعاليات مؤتمر IASA 2021 «سد الفجوة لجيل جديد من المحفوظات الصوتية والمسموعة والمرئية» عبر الإنترنت، ففي العام الماضي نجح المؤتمر الافتراضي لـ IASA لعام 2020 في تزويد المشاركين بمجموعة واسعة من الخبرات والطرق الجديدة للتفاعل بوصفهم مجتمعاً محترفاً للحفاظ على التراث السمعي البصري، وقد نجح المؤتمر بشكل كبير على الرغم من افتقاد المشاركين ميزة الاجتماع وجهاً لوجه، إلا أن الجميع أدركوا إمكانية الاستمرار عبر الإنترنت لتبادل الأفكار والمشاريع وإنشاء توقعات جديدة للإرشيف السمعي البصري، و نظراً للشكوك المستمرة بشأن السفر الدولي؛ سيُعقد مؤتمر IASA هذا العام مرة أخرى عبر الإنترنت، في الفترة من 27 إلى 30 من سبتمبر.
تابعي المزيد: اليوم العالمي للتراث السمعي البصري