تعتبر الترجمة أهم وسائل نقل المعرفة والثقافة والفكر، من أجل تحقيق مستوى حضاري أفضل، فهي قنطرة للتلاقح بين ثقافات الشعوب، لذلك يمكننا القول إنها فن من فنون الحياة ومد جسور تواصل مع الآخر..وبحسب الدكتور حسين محمود عضو لجنة الترجمة بالمجلس الأعلى للثقافة المصرية لسيدتي تعتمد الترجمة تحويل نص أصلي مكتوب من اللغة المصدر إلى نص مكتوب (النص الهدف)، ولعل أقدم الترجمات المهمة، ترجمة أجزاء من ملحمة »جلجامش« السومرية، إلى لغات آسيوية عدة، منذ الألفية الثانية قبل الميلاد.
وقد عرف العرب قديما الترجمة كأداة للتواصل والحياة مع الآخر، منذ أن انفتحوا على العالم من حولهم، سواءً بسبب التجارة أو الترحال، وكانوا على صلة بالأحباش والفرس والروم، حتى أن الشاعر (الأعشى) عرف عنه تضمينه لكلمات فارسية أكثر من غيره.
وبعد الإسلام عرفت (الترجمة) والتي راجت خلال العصر العباسي، بسبب اتساع الفتوحات الإسلامية، فترجموا عن اليونانية علوم الطب والفلك والرياضيات والموسيقى والفلسفة وغير ذلك.
*حرفة وفن
الترجمة لا تعتبر نقل كلمة من لغة إلى أخرى، لأن من يفهم الترجمة أنها مجرد نص ما بما يقابله في اللغة التي يترجم إليها، كلمة مقابل كلمة، قد ينتج نصاً آخر مختلفاً، لأن هناك دلالة القواعد اللغوية، والدلالات اللفظية، والمعلومة التي تحملها الكلمة، وكلها على المترجم أن يرعاها. لذلك أصبح للترجمة نظريات ومدارس، منها نظرية «الثالوث»، التي قال بها «جورج ستاينر»، حيث وضع للترجمة ثلاث طرق: الحرفية (أو الكلمة بالكلمة)، والحرة (الدلالة بالدلالة)، والترجمة الأمينة.
وقد اعتبر البعض الترجمة، فناً يعتمد على إبداع المترجم وثقافته مع حسه اللغوي، وعليه أن يجتهد في إبراز نقل المعنى (وليس نقل الكلمات نقلاً حرفياً)، ونقل الزمن (الماضي والحاضر والمستقبل) ومدلولات الزمن والنحو لتعزيــز المعنـــى، إضافة إلى نقل الأسلوب بشكل مستساغ ومفهوم.
*دور الترجمة في توطيد العلاقات بين الشعوب
وللترجمة دور بارز في توطيد العلاقات بين الشعوب وتتمثل أهميها في ما يلي: تسهم الترجمة بشكل كبير في إنقاذ العديد من الأرواح وذلك لوجود مشروع ضخم للترجمة يقوم بفحص الأخبار الدولية للبحث عن الكلمات المساعدة في تحديد حالات تفشي الصحة العالمية واحتوائها، كما تسهم الترجمة في منع الإرهاب من خلال ترجمة المعلومات الخاصة بالجماعات المتطرفة لمنع الهجمات الإرهابية وتنفيذها فعلياً.
وتحافظ الترجمة على السلام والأمن العالمي، وذلك لمشاركة المترجمين في تحويل الخطب والوثائق الرسمية وصياغة معاهدات السلام بدقة، بجانب مشاركتهم في محادثات قادة العالم لرعاية العلاقات وتوفير البصيرة والتوجيه للرؤساء والوزراء ومنعهم من إنشاء برامج مزيفة للثقافة ومساعدتهم في تحقيق انطباع جيد لهم وللمصالح.
وتلعب الترجمة دوراً مهماً في السياسة فهي أداة جيدة للتواصل مع الناخبين ذوى اللغات المختلفة، مما يحقق مناخاً جيداً للديمقراطية كما في الولايات المتحدة إذ يتحدث شخص واحد بين خمسة أشخاص لغة غير إنجليزية بالمنزل، بالإضافة إلى ذلك تسهم الترجمة في خلق الوظائف، حيث أن هناك أكثر من 26000 شركة في جميع أنحاء العالم تبيع خدمات الترجمة التحريرية والفورية، وهي أيضاً مساهم أساسي في أي اقتصاد حي، إذا أنها لا تقصر الوظائف على المترجمين فقط ولكن توظف العاملين في مجالات التمويل والمبيعات والتكنولوجيا والتسويق وإدارة المشروعات والهندسة أيضاً.
وتسهم التراجم الدينية في تقوية العقائد والشرائع الدينية.
ويمكن للترجمة أن تساعد في تعزيز السياحة العالمية من خلال تقديم الترجمة الصحيحة للسياح جنباً إلى جنب مع الإرشاد الحقيقي،.
وتلعب الترجمة دوراً رئيسًا في تغذية العالم كله، حيث أن شركات الأغذية والمشروبات الكبرى بفضل الترجمة، استطاعت التواصل مع الزبائن الذين يتكلمون لغات أخرى، وهو ما يعني أن أدلة الموارد البشرية، وبرامج التدريب – وأحياناً، حالات تعويض العمال، وحتى آلية وضع الطعام على الطاولة يجب أن تترجم.