د. أحمد عبد الرحمن العرفج Dr. Ahmad Al Arfaj
رحم الله والديْنا وكلّ من له فضلٌ علينا، فقد كانوا يجتهدون في تربيتنا وإدخال السرور إلى نفوسنا.. والغريب أننا لم نعرف اجتهادهم في تربيتنا إلا عندما كبُرنا وأدركنا ماذا تعني الحياة، وماذا يعني حِرص الوالديْن على توجيه الأبناء بالطريقة التي يعتقدون أنها صحيحة.
رحم الله كلّ من قسى علينا في طفولتنا من أجل مستقبلنا، على الرغم من أننا كنا نكره تلك القسوة، وعندما كبرنا أدركنا أن القسوة التي عانينا منها في الطفولة كان الهدف منها إراحتنا لاحقاً حين تباغتنا الشيخوخة والكهولة.
بالله عليكم تأمّلوا هذه القصة التي استوقفتني كثيراً، فلعلّها تستوقفكم أيضاً.. إنها قصّة رواها الإمام ابن القيم في كتابه "زاد المعاد ص 5/475"، حيث يقول: (سمعتُ شيخنا ابن تيمية رحمه الله يقول: تنازع أبوان صبياً عند بعض الحكام فخيره بينهما فاختار أباه، فقالت الأم للقاضي: سله لأي شيء اختار أباه؟ فسأله القاضي، فقال الصبي: أمي تبعثني كل يوم للكتّاب والفقيه يضربني وأبي يتركني ألعب مع الصبيان، فقضى به للأم وقال: أنتِ أحق به).
في النهاية أقول: أرجو أولاً أن تكونوا قد تأمّلتم القصة جيداً، ثم أرجو ثانياً أن تركِّزوا على دور الأمّهات، لأن أكثر عباقرة العالم كانوا من صنيعة أمهاتهم، ولعلّ علماءنا الكبار مثل الإمام الشافعي وأديسون ومالك بن نبي وعلي عزّت بيغوفيتش وفرويد، وأحمد العرفج وغيرهم.. كلُّ هؤلاء أفادوا البشرية، وإن كنتُ أشكُّ في آخر عالم منهم.. ولعلّ اهتمام الأمّ ظاهرة خلّدها شعراً شاعر النيل حافظ إبراهيم حين قال:
الأُمُّ مدرسةٌ إذا أعددْتها أعددتَ شعباً طيِّبَ الأعراق