الثقافة ركيزة مهمة من ركائز التنمية الشاملة، وللثقافة أهداف تنموية نبيلة لا بدّ من رعايتها وإرساء دعائمها في المجتمع المدني العصري، وإذا أردنا أن نقيم تنمية ثقافية حقيقية في عالمنا العربي علينا تشجيع وإرساء وتكريس العديد من المبادرات الثقافية والفنية والفكرية، بل وخلق مبادرات موازية وتصميم إستراتيجيات عملية للنهوض بالثقافة.. ومن أهم هذه المبادرات عاصمة الثقافة العربية..
• عاصمة الثقافة العربية هي مبادرة لليونسكو
يقول الباحث صلاح عليش، الباحث في التراث الثقافي لسيدتي: عاصمة الثقافة العربية هي مبادرة لليونسكو على غرار عاصمة الثقافة الأوروبية، فقد جاء تطبيق فكرة عاصمة الثقافية العربية سنة 1996، بناءً على اقتراح المجموعة العربية في اليونسكو خلال اجتماع اللجنة الدولية الحكومية العشرية العالمية للتنمية الثقافية بباريس بالعام 1995، وفي الدورة الحادية عشرة لمؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي.
• الهدف من الفعالية
يقول عليش تهدف الفعالية لإيضاح فكرة أن الثقافة عنصر مهم في حياة المجتمع وسبيل أكيد للتنمية الشاملة، كما تهدف لتنشيط المبادرات الخلاقة والتنافس المثمر وإثراء الرصيد الثقافي والمخزون الفكري والحضاري، التاريخي، والارتقاء بمستوى الثقافة، وذلك عبر إبراز القيمة والثقل الحضاري للمدينة المستضيفة لفعاليات العاصمة الثقافية، وتنمية ما تقوم به من دور رئيسي في دعم الإبداع الفكري والثقافي للانفتاح على ثقافات وحضارات شعوب أخرى مختلفة، وتعزيز القيم، وبث روح الحوار والتفاهم والتآخي، والتسامح واحترام الخصوصية الثقافية وتوطيد أواصر العلاقة بين افراد المجتمع من خلال إقامة حوار إبداعي بين الأفراد وتعزيز مجلات التواصل الفكري والحوار الثقافي
تابعي المزيد: الدرعية عاصمة للثقافة العربية لعام 2030
• كيف يتم اختيار عاصمة الثقافة العربية
يقول عليش لسيدتي: يتم اختيار عاصمة الثقافة العربية على أساس رصيدها الثقافيّ ومخزونها الفكريّ والتاريخي والحضاريّ، ووفق شروط واضحة يتم إنشاء ملف متكامل يحال إلى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم لتتولى عرضه على اللجنة الدائمة للثقافة العربية، ثم على مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية، وقد اُختيرت المنطقة العربيّة وفقاً لاقتراح المجموعة العربية باليونسكو، لمشاركة البلدان العربية، نظراً لاحتوائها على إرثٍ ثقافيّ وحضاريّ عميق وكبير، أثرى الحضارة الإنسانيّة إثراءاً كبيراً، لافتاً أن برنامج "عواصم الثقافة العربية" ما زال مستمراً حتى الآن، وقد شمل العديد من الدول العربية.
• ماذا تجني الدول العربية من اختيارها كـ"عواصم للثقافة العربية".. ؟!
يقول: لا يمكن إنكار دور الثقافة والمثقفين في بناء وتطوير الوعي العام للمجتمعات، فكثير من أبناء أمتنا العربية لا يهتم بمتابعة البرامج الثقافية المنبثقة عن اختيار أي مدينة لتكون عاصمة للثقافة العربية، بل يكاد لايهتم أساساً بالثقافة نفسها، إلى جانب أن الكثير من أبناء المدينة المختارة قد يجهل كثيراً من أوجه النشاط والفعاليات الثقافية داخل مدينته، وهنا يأتي دور الإعلام الذي يضيء على المدينة كعاصمة للثقافة العربية، مما يساعد في رفع الوعي الثقافي والمعرفي للمواطن، ويعرفه على قيمة مدينته ثقافياً وحضارياً، كما يسلط الضوء عربياً ومحلياً على هذه العاصمة، ويساعدها على الحراك الثقافي، بحيث تصبح في دائرة اهتمام كافة أطياف المجتمع.
وتحرص المدن التي يقع عليها الاختيار على ترك بصمتها الثقافية في أذهان الحضور من خلال سنة كاملة من الاحتفالات والمبادرات والفعاليات والتي يتم من خلالها تقديم كافة العروض الجاذبة والمتميزة من شعبية وتراثية وفلكورية وعمل معارض التصوير والفنون التشكيلية وعروض مسرحية، كل هذا يؤدى إلى التفاعل الجماهيري والاحتكاك المباشر مع المثقفين والفنانين والأدباء، بعيداً عن أبراجهم العالية، والتي تجعلهم بمعزل عن جمهورهم، كما تؤدي هذه الفعالية دوراً كبيراً ربما كان مهملاً في ماضي هذه المدينة، وهو اهتمام ورعاية المسؤولين عن الثقافة وتقديم الدعم الكامل لإخراج هذه الفعالية الثقافية في أحسن صورها، مما سيولد كثيراً من التنافس بين المدن المجاورة لهذه المدينة لنيل اللقب أيضاً، ومن ثم تظل المدن العربية فى حالة حراك ثقافي حضاري مستمر..
• القاهرة أول عاصمة للثقافة العربية
يُذكر أن القاهرة هي أول مدينة تم اختيارها عاصمة للثقافة العربية بالعام 1996، وهناك عدد من البلاد العربية تم اختيار أكثر من مدينة لتكون عاصمة الثقافة العربية، فمصر تم اختيار القاهرة والأقصر فيها، والمغرب تم اختيار كل من الرباط ووجدة، وليبيا تم اختيار سرت وطرابلس، وتونس تم اختيار تونس العاصمة وصفاقس، وفلسطين بيت لحم والقدس، والسودان تم اختيار الخرطوم وبورتسودان، ومؤخراً الأردن تم اختيار عمان بالعام 2002، وإربد 2021 والتى تم تأجيل الاحتفال بها لهذا العام 2022 بسبب جائحة كورونا.
تابعي المزيد: بمُبادرة سّعوديّة: الخط ّالعربي في قائمة التّراث الثّقافي العالمي