تقول المعماريّة العراقيّة الراحلة زها حديد إن "جاذبية الكونكريت تتمثّل في حالة المادة التي تبدو كأنّها غير مشطّبة"؛ هذه الجاذبيّة حسب وصف حديد، معطوفة على التطوّرات التي عرفتها طرق تصنيع المادة، جعلاها مرغوبة أخيراً، ومستخدمة بصورة متزايدة في الديكور الداخلي العصري.
في البحث عن أصل الأشياء، يتبيّن أن الكونكريت عبارة عن مادة مصنعة من الترابة والرمل وبودرة الصخر (أو البحص) والماء، وهي نتيجة للتفاعلات الكيميائيّة بين المكوّنات المذكورة، مع أهمّية الإشارة إلى أن مادة الكونكريت ليست الأسمنت كما هو شائع خطأً. أضف إلى ذلك، تحتاج مادة الكونكريت إلى تعزيزها بالحديد لأنّها قابلة للتفسّخ والانهيار. كانت المادة تستخدم في البناء، من دون أن تعبّر عن أي ميزة أو جماليّة، إذ هي لا تظهر في الواجهة بل في متن العمارة أو الجسر أو... إلّا أنّها تطورت بصورة جعلت المنازل العصريّة، حتى تلك الفخمة بينها، تبرزها في ديكوراتها.
تالعوا المزيد:
الطراز الصناعي العصري
سؤال "سيدتي" مهندس التصميم الداخلي إميل أشقر عن التطوّرات التي عرفتها المادة، يجيب عنه قائلاً إن "الإضافات إلى مكوّنات الكونكريت، صيّرت المادة أقل إيذاء للبيئة أثناء تصنيعها، وأكثر قوّةً ونظافة، وخالية من الشقوق، فتوسّعت استخداماتها، وأمست مرغوبة في دواخل المنازل، ودالّة إلى الطراز الصناعي العصري، أو إلى الفخامة".
ويضيف أن "المواد المزادة إلى الخامة، كما تعزيزها بالألياف البصريّة المقصوصة (وليس بالحديد كما كانت الخامة في حالتها الأساسيّة)، كلّها خلّص الكونكريت من وزنها الثقيل ومن سمكها، فسمح بقولبتها وبالتفنّن في الاشتغال عليها حتّى تُخرج تصاميم كثيرة الحضور في الديكورات الداخليّة".
تابعوا المزيد: أفكار عمليّة لتوظيف الديكور المينيماليست في المنزل
العمارة والتصميم الداخلي
"في العمارة، تستخدم مادة الكونكريت أكثر بعشر مرّات مقارنة بكل مواد البناء الأخرى مجتمعة (الخشب والزجاج والحديد و...)، أمّا في التصميم الداخلي فلا حدود لتطبيقات الكونكريت المعالجة الحديثة" حسب المهندس إميل، الذي يقول أنّه "على الرغم من تطلّب المادة الدقّة في الاشتغال عليها، هي حاضرة في أساسيّات التصميم الداخلي (الجدران والأرضيّات)، وفي المفروشات (أسطح الطاولات، مثلاً، أو الأثاث الخارجي) والإكسسوارات (وحدات الإضاءة وأحواض الزرع...)".
ويعدّد المهندس في الآتي، أماكن وزوايا في المنزل تستقبل المادة:
• تكسو الكونكريت الأرضيّات في الشقق "المودرن".
• هي تلبّس الجدران عن طريق ألواح قليلة السماكة.
• تدخل المادة في صنع المفروشات، لا سيّما أسطح طاولات الطعام.
• تصمّم "الجزيرة" في المطبخ أو حتّى أي سطح داخل المساحة المذكورة، وتتمتّع بخاصّية عدم التبقّع، بعد معالجتها.
• تحضر المادة في تصميم الحمّام، سواء في صنع المغطس فيه أو المغسلة وسطح المغسلة أو في أرضيّة مقصورة الاستحمام، وتتمتّع بميزتين في الحالة الأخيرة: الميزة الأولى هي انعدام أي وصلات في ألواحها، والميزة الثانية أنّها لا تسمح بتسرّب المياه.
تابعوا المزيد:
• تصمّم وحدات الإضاء السقفية المعلّقة والمنسدلة، بالإضافة إلى وحدات الإضاءة الأرضيّة.
• تجمّل مساحة المنزل الخارجيّة، لا سيّما "الترّاس" والحديقة، حيث تصنع المفروشات الخارجيّة المقاومة لعوامل المناخ، وأحواض الزرع.
الرمادي المطفأ أو اللمّاع
نظراً إلى حياديّة لون الكونكريت الرمادي المطفأ (أو اللمّاع)، تدمج المادة بسهولة بالحديد الأسود وبالخشب الفرنسي الفاتح، كما بـ"الكروم" والنحاس الأصفر والأحمر وبـ"الستانلس ستيل" و... كما هي تنسجم في محيط مرصوفة أرضيّته بالبلاط الرمادي الضارب إلى البيج (غريج)، ومؤثّث بأثاث مصنوع من المنسوجات الجلديّة والقماشيّة الملوّنة بالرمادي أو البنّي. يقول المهندس إميل إنّه "يسهل عموماً، التنسيق بين المادة، والعناصر الأخرى في الشقّة العصريّة، مهما كانت الألوان الطاغية عليها".
تابعوا المزيد: ديكورات باللونين الرمادي والبيج في المنزل العصري
ويوضّح أنّه في إطار التطوّرات الطارئة على تصنيع المادة، تضاف صبغة إلى موادها، لتطل حمراء أو زرقاء أو خضراء، من دون أن تستغني عن ماهيتها".
__
* الصور من شركة Concrete Hub