أن تكون شخصاً يتمتع بصفة النزاهة يعني أن تعلم أن قوانين الطبيعة وقوانين الحياة لن تفلت منك، وأنك - في الوقت نفسه - لا يمكنك التغلب عليها. ولتعرف الوصول إلى النجوم في فضاء من الكرامة والحقيقة والاعتراف بالذات، عليك أن تؤمن بذلك فقط. وأنه بمجرد أن تعرف تلك القوانين ستدرك كيف يكون الشخص نزيهاً.
تقول الدكتورة أميرة حبارير خبيرة التنمية البشرية لسيدتي إن النزاهة هي عملية لبناء الشخصية، ويجب على المرء أن يمر بها في حياته وفي دروس الحياة وفي ظروف الحقيقة الواضحة. وبالتأكيد فإن هناك من الناس من يفهم معناها بشكل أسرع، في حين أن البعض الآخر يستغرق حياته بكاملها للوصول إليها.
مفهوم النزاهة الشخصية
تُعَدُّ ممارسة النزاهة على الصعيد الشخصي الأكثر أهمية والأكثر تجاهلاً في الوقت نفسه، مع أنَّها العامل الأساسي لحياةٍ صادقة ذات معنى، فممارسة النزاهة الشخصية تعني الوفاء بالوعود وعدم الاكتفاء بالتخطيط دون التنفيذ، فعند التفكير في أمر ما مهما كان كبيراً أو صغيراً فستُلزِمك النزاهة بالعمل والوصول إلى الهدف، فهي المفتاح للوصول إلى الحياة المثالية.
فالحياة بنزاهة تنطوي على متطلبات أساسية عدَّة؛ كالتحلي بالأخلاق الفاضلة والشعور بالهدف الذاتي، وهذا أكثر ما يجب أن نرتقي لنصل إليه؛ لذلك تعدُّ النزاهة نهج حياة ينتهجه الفرد في مُختلف المواقف الحياتية للالتزام بمجموعة من المبادئ الأخلاقية والقيم الشخصية الهامة، مما يجعله موظفاً وصديقاً وأباً وزوجاً أفضل؛ وذلك لأنَّه يُرضي ذاته أولاً، ويسعى إلى تأدية دوره في الحياة بشكلٍ مثالي. لذا، من الواضح إلى حد ما أنَّ النزاهة تُهيِّئ المواطنين ليمارسوا دورهم ممارسة أفضل، وتجعل منهم قدوة أفضل إن تمسَّكوا بها، وكل هذا يعتمد على تأثير أفعالك في الآخرين. ماذا عن تأثير أفعالك النزيهة في نفسك؟ من الصعب أن تكون مثل "مهاتما غاندي"، ولكن ماذا لو كنت صادقاً مع نفسك وجديراً بالثقة، كيف ستتغير حياتك عند تطبيق مبدأ النزاهة الشخصية؟ تُمثِّل النزاهة على المستوى الشخصي المكوِّن الأضعف والأكثر تجاهلاً بينَ كل أنواع النزاهة، وعلى الرغم من استخفاف الناس بها، إلا أنَّها قوة عظيمة لا يُستهان بها.
*ملامح النزاهة الشخصية:
- الصدق مع النفس:
فالصدق مع النفس ليس بالأمر السهل خصوصاً عندما تحاول الغوص في أعماق النفس للكشف عن المشاعر الحقيقية أو السبب الحقيقي المُحرِّك للأفعال وردود الفعل. يتطلب الصدق مع النفس قوة للاعترافِ بالسبب الحقيقي للفشل والامتناع عن اختلاق الأعذار - وهو اتِّخاذ موقف محايد دون تحيُّز - والإقرار بأنَّ السبب الأساسي "لعدم فقدان الوزن" على سبيل المثال هو الإفراط في تناول الطعام غير الصحي، وليس خللاً في جيناتك الوراثية؛ النزاهة الشخصية هي في كون المرء صادقاً مع نفسه؛ بحيث يمكنه التخلُّص نهائياً من الأعذار وقبول الواقع.
- قبول أوجه القصور:
بصفتنا مخلوقاتٍ بشرية نملك نقاط قوةٍ إلى جانب نقاط الضعف، يتطلَّب الأمر قوة في الشخصية ونزاهة لقبول هذا المبدأ والاعتراف بنقاط الضعف ومحاولة تحسينها، حيث يقبل الشخص النزيه أوجه القصور الشخصية ويطرح الأفكار لمحاولة التغلُّب عليها.
- الالتزام بالوعد:
إنَّ أفضل هدية يمكن أن تقدمها لنفسك هي الالتزام بجدية كلامك؛ لذا إذا قطعت وعداً على نفسك، فأوفِ به، ولو أنَّ كل شخص وفى بوعوده لنفسه، لحققنا جميعاً معظم أهدافنا ووصلنا إلى مستوى رائع من الرضا الذاتي عند عقد العزم على فعل شيء ما، فالقوة الداخلية بالالتزام والنزاهة مع النفس هي خير مُعين.