عصر السّرعة غزا العالم، وأصبحت حياتنا عبارة عن عجلات تدور بسرعةٍ بغيةَ الوصول إلى ما نريد، هذه السّرعة قتلت المتعة في حياتنا، الجميع يسعى إلى تحقيق نتائج باهرة بأقصر وقت ممكن، أو الوصول لمركز وظيفيّ معيّن، وبعد تحقيق ذلك لا يشعرون بالسعادة ولذّة الوصول، إنّما يجدون القلق والخوفَ من الفشل، مع العلم أنه من علامات النّجاح. يعود تفسير ذلك إلى أن سعي الإنسان جاهداً لتحقيق غايته يجرّده من مشاعر الطّريق الذي يسلكه (فرح، حزن، سعادة، تعب، إلخ)، فهو لم يستمتع بلحظات التّعب وسّهر الليالي، نراه منهمكاً في عمله، لم يذق حلاوة اجتياز مراحل الرّحلة واحدةً تلوَ الأخرى، لم يشعر بلذّة مناجاة ربّه في جوف الليل، يدعوه لتحقيق ما يصبو إليه، كلّ هذه المشاعر تكون بعيدة كلّ البعد عنه، لأنّ همّه الوحيد هو الوصول إلى القمة سريعاً، فما يأتي سريعاً يذهب كذلك بالسّرعة نفسها.
الشّخص النّاجح يجب أن يضع لنفسه أهدافاً لا تقلّ عن الثّلاثة، وأن تكون ضمن زمن محدّد يكفي لتحقيقها، ويعمل مستمتعاً بالطّريق وحلاوته.
وللتفريق بين الهدف والرؤية نجد أنّ:
الهدف: يجب أن يكون ملموساً، حتى لو كان تحقيقه بعيد المدى (عشر سنوات مثلاً)، بعد عشر سنوات سأكون قد زرت العالم بأكمله، هذا هدف بعيد المدى ولكن لذة الطريق تجعل للهدف معنى سامٍ، كذلك بعد ثلاث سنوات سأكون قد انتهيت من بناء منزلي والكثير من تلك الاهداف، التي يجب أن تكون ملموسة، واقعية، أنانية بعض الشّيء، وخاصة بالنسبة للشخص ذاته المعنيّ بالهدف.
أما الرؤية: غير ملموسة وتعني العطاء للآخرين، على عكس الهدف الذي يكون شخصياً، مخصصاً لنجاح فردي غير جماعي، ولكن إن كان تحقيق الهدف هو الوصول إلى شيء أسمى من الهدف الشخصي، أي تحقيق أهداف المنظمة، فهذا ما يطلق عليه الرؤية التي هي العطاء للأمة، فعندما ندخل مؤسّسة حكومية على سبيل المثال نجد لوحة مكتوب عليها رؤية ورسالة وأهداف المنظمة، فالأهداف تتضمن التفاصيل التي على المؤسسة القيام بها وتحقيقها، أمّا الرؤية تكون موسّعة ومفصّلة أكثر، كذلك غير ملموسة، فيها عطاء وجودة ونظرة للآخرين، مقارنة مع الأهداف التي تعني تحقيق كلّ شخص لهدفه ضمن إطار زمنيّ محدّد، وهذا الإطار قد يكون مؤرّقاً للبعض، فهو إن لم يحقق ما خطّط له ضمن هذه الفترة الزمنية سيشعر بالفشل والإحباط.
وهنا تأتي أهمية وضع مدة زمنية محددة كافية لتحقيق الهدف المنشود وإضافة فترة أمان، تلافياً لأي ظرف طارئ قد يتعرض له الشخص خلال مسيرة عمله. فمثلاً تكون صياغة الأهداف على نحو كالآتي: سأحقق هدفي خلال هذه السّنة وليس خلال ثلاثة أشهر، وهنا الهدف يكون واقعيّاً وبمدة زمنية كافية وبالتالي هدفاً ممكن التحقيق.