تفترض المعرفة الكثير من التعقيد كونها تحتاج عملياً إلى نفاذ العقل إلى جوهر الأشياء في محاولة لإعادة تشكيل واقع معرفي، في حين تعد المعلومات وسيلة لمعرفة وإدراك والتعامل مع البيانات التي تمت معالجتها، بحيث أصبحت ذات معنى، وباتت مرتبطة بسياق معين، وحيث إن المعلومات تعرف على أنها أحد أهم وسائط اكتساب المعرفة، فكما يقول الكاتب والفيلسوف الإنجليزى صمويل جونسون المعرفة نوعان، أن نعرف الشيء بأنفسنا، أو أن نعرف كيف نأتي بالمعلومات عن هذا الشيء.. سيدتي التقت الباحث في المنطق وفلسفة العلوم بكلية الآداب أحمد خيري في حديث حول الفرق بين المعلومات والمعرفة.
• الفرق بين المعلومة والمعرفة
يقول خيري لسيدتي:
المعرفة كمفهوم ليست بالأمر الجديد، فالمعرفة عايشت الإنسان منذ نشاته الأولى البدائية، ورافقته خلال مراحل كثيرة ومتعددة حتى تفتح وعيه، وارتقت به من مستوياتها البدائية علي فترات عدة من خلال مراحل عمره، فما لبث أن اتسعت مداركه، وتبلورت دواخله، وتعمقت إدراكاته؛ حتى وصلت إلى مداها الآن، والإنسان يظل دائماً باحثاً عن المعرفة من خلال جمع المعلومات والحقائق للوصول إلى هذه المعرفة، والتي تعطيه القدرة على التمييز والإتقان واليقين، لكن لابد أن نعلم كيف نأتي بالمعلومات ولكن بحذر؛ حتى لا نغرق ونتشتت في جمع المعلومات، ومن ثمّ فالمعرفة هي المعلومات المختزنة في ذات الإنسان، والتي يستطيع أن يستعملها بشكل فوري ويضعها قيد التنفيذ الصحيح، وهي تراكم المعلومات من خلال التعليم أو الخبرة، ومن الحكمة أن تستطيع أن تطبق معرفتك لصالحك أو لصالح الآخرين.
تابعي المزيد: كيف تزيد قدرتك الإبداعية في العمل؟
وعن المعلومات يقول خيري:
- المعلومات تأتي من خلال فهم الحقائق على عكس المعرفة تؤدي إلى فهم الموضوع، ونقل المعلومات له وسائل عديدة ومختلفة لنقله مثل الإشارات اللفظية أو غير اللفظية، ولكن وسائل نقل المعرفة صعبة؛ لأنه ينبغي أن يكون المتلقي متعلماً بل مثقفاً أيضاً.
- تكلفة المعلومات يمكن استنساخها بتكلفة ميسرة ومنخفضة، ولكن المعرفة غير ممكن؛ لأنه يعتمد على القيم التجريبية أو الفردية أو التصورات.
- المعلومات من غير الممكن التنبؤ حول شخص أو أي شيء على عكس المعرفة فإن لها القدرة على التنبؤ بل وتقديم الاستدلالات.
- المعلومات تجلب على فهم الحقائق والأرقام.. والمعلومات ليست بالضرورة معرفة.
- يمكن اكتساب المعرفة فقط من خلال الخبرة، بينما يتم اكتساب المعلومات عن طريق الاتصال.
- قيمة المعلومات الحقيقية لا تظهر إلا عند تحويلها إلى معرفة من خلال التحليل العلمي والمعلوماتي وصولاً للهدف الحقيقي.
ويؤكد خيري أن: الفرق بين المعلومات و المعرفة في المعرفة الحياتية يصبح أكثر خفاءً وأقل تميزاً، فالإنسان يكون خارج مؤسسة تفرض عليه القيام بالتمارين التي تبين للإنسان أن معلوماته لم تصبح معرفة بعد.
• تحويل المعلومات إلى معرفة
يقول خيري: تتحول المعلومات إلى معرفة بعد إضافة عناصر كثيرة إليها: مثل التجربة والأهمية والقيمة والفهم والرأي والتفكير، فالمعرفة هي حصيلة الامتزاج الخفي بين المعلومات والخبرة والمدركات الحسية والقدرة على الحكم، فنحن نتلقى المعلومات ونتمثلها في عقولنا، ونطبق عليها آليات الاستنباط لاستخلاص المعرفة الضمنية الكامنة بها وآليات الاستقراء لتوليد معرفة جديدة انطلاقاً منها.
بالنهاية يقول خيري: خلاصة القول إن الفرق بين المعلومات والمعرفة يفوق بكثير الفرق بين المعلومات والبيانات.. مثال لذلك العلوم الطبيعية وتحصيل المهارات.. نرى المسافة التي تفصل بين المعرفة والمعلومات، فقراءة نص مثلاً في الرياضيات والفيزياء يعطي القارئ معلومات عنها، ولكن الوصول إلى المعرفة حول هذه المعادلة لن يتحقق إلا بعد حل كثير من التمارين التي تجبر الطالب على التفكير بالمعادلة وربطها بما يعرفه مسبقاً، واستنتاج نتائج لم يرها من مجرد قراءة نص المعادلة. كذلك عند تعلم أي لغة فإن مجرد قراءة قواعد وكلمات لغة معينة ومعانيها لا يتيح للطالب أن يكتب أو يتكلم بها، بل عليه أن يقوم بتمارين وأن يكتب نصوصاً، أو يقوم على التفكير بالقواعد ومعاني الكلمات، بما يساعده على تشكيل معرفة اللغة، ولذلك فإن الفرق بين المعلومات والمعرفة في المعرفة الحياتية، يصبح أكثر خفاءً وأقل تميزاً، وذلك جزئياً لأن الإنسان يكون خارج مؤسسة تفرض عليه القيام بالتمارين التي تبين للإنسان أن معلوماته لم تصبح معرفة.
تابعي المزيد: الفرق بين العلم والمعرفة
