اختلفت الفترة التي انقطع عنها أبناؤنا عن مقاعد الدراسة تبعاً لاختلاف المرحلة الدراسية، ولكن تشاركوا جميعاً بصدمة الانقطاع وضرورة التأقلم والتكيف مع التغيير بسرعة، من دون تهيئة أو استعداد لهذا التغيير.
اختلفت كذلك مشاعرهم وأفكارهم وآراؤهم حول التعليم عن بعد والعودة للمدرسة تبعاً لاختلاف شخصياتهم وظروفهم وتأثير هذا الانقطاع عليهم.
لجائحة كورونا آثارٌ كذلك أثرت على نفسية الطلبة وتؤثر على عودتهم للدراسة حضورياً، فالجائحة تسببت بظهور وساوس ومخاوف لدى العديد حول انتقال العدوى والنظافة، ما يجعل العودة للمدرسة صعباً ومُرعباً لأولئك.
فهذه الظروف التي عاشها الطالب تبعاً للجائحة تركت بصمةً في شخصيته وحياته، ولها آثارٌ إيجابية وسلبية ظهر بعضها والبعض الآخر قد يستغرق وقتاً أطول.
فخلال هاتين السنتين كان هناك طفل يحاول التأقلم والتعود على روتين الصف التمهيدي في الفصل الدراسي الأول من عام 2020، استقبل خبر عدم الحاجة للذهاب للمدرسة بسعادة غامرة فهو ليس بحاجة لفراق والدته كل يوم للذهاب إلى بيئة غريبة، هذا الطفل عاد الآن إلى مقاعد الدراسة وهو في الصف الثاني الابتدائي، المدرسة لم تعد للعب والصف لم يعد يحتوي ألعاباً وأركاناً كما يذكره. اعتاد حضور المدرسة يومياً ووالدته بجانبه تحضنه، تدعمه وتساعده. فما هو تأثير العودة للمدرسة حضورياً على هذا الطفل؟
كما نجد في الجانب الآخر فتاة في الصف الخامس الابتدائي غادرت مقاعد الدراسة، وهي طفلة فتعود لها الآن وهي شابة مراهقة في مرحلة مختلفة (المتوسط)، كان اهتمامها يتمحور في ربطات الشعر زاهية الألوان والأشكال والآن عادت لمقاعد الدراسة بشكل مختلف واهتمامات مختلفة. فما هو تأثير العودة للمدرسة حضورياً على هذه الفتاة؟
اختلف شكل التعليم عن بعد من منزلٍ لآخر، ومن طالبٍ لآخر كذلك، وبذلك اختلف تأثيره.
العودة للمدرسة حضورياً قد تكون أسهل على الطلاب الذين التزموا بمواعيد نوم واستيقاظ محددة، ولم يكن التعليم عن بعد بمثابة إجازة طويلة يخرجون، يسهرون ويحضرون المدرسة أينما كانوا كبيت الجدة، السيارة، الحديقة وغيره. بل كانوا ملتزمين بالاستيقاظ مبكراً والنوم ليلاً والحضور للمدرسة بالتزام مع الدفاتر والأقلام في ظروفٍ مُهيَّأة من هدوء ومكتب أو طاولة.
اعتاد بعض الطلاب ذوي الشخصية الهادئة أو المنغلقة على العزلة والمساحة الخاصة خلال هذه الفترة، فلم يضطروا لمواجهة مواقفَ عدة تدعوهم إلى الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم والتعامل مع الشخصيات المزعجة بالنسبة لهم، فبالعودة للمدارس حضورياً غالباً ما سيكتئبون، يغضبون أو يحبطون من عدم وجود اختيار لهم.
أما الطلاب الاجتماعيون المرحون فهم يحتفلون بالعودة لمقاعد الدراسة لرؤية زملائهم واستئناف المغامرات والمحادثات الشائقة معهم يومياً.
أخيراً.. الاهتمام بالمرونة والصحة النفسية مهم وضروري للطلبة، ليتمكنوا من استئناف حياتهم الدراسية، والتركيز بالتعلم ونيل الشهادات العلمية. الاعتراف بتلك الأهمية والتأثير أولى الخطوات التي يستطيع الأهل القيام بها ويلحقها الإرشاد والتدريب من المدرسة والمراكز المتخصصة؛ لنساعد الطلبة على للتأقلم والتقبل للعودة للمدرسة حضورياً.