كرّمَ اللهُ المرأةَ وأعلى شأنها، واحترمها كلّ الاحترام، فهي نصف المجتمع تقوّم وتربّي النّصفَ الآخر، حتى غدت المجتمعَ بأكمله.
النّساء شقائق الرّجال لهنّ حقوق كالرّجل، حقّ التّعلّم، الحياة، الميراث، العمل بما يناسب طبيعتها الفيزيولوجية التي خلقها الله عليها وألا تتعارض مع وظيفتها الأساسيّة من تربية الأبناء ورعاية المنزل، والكثير من المسؤوليّات التي تقع على عاتقها، تقوم بها بكلّ رحابةِ صدرٍ وطيبِ خاطرٍ ونفسٍ تملؤها السّعادة، فتنشر الفرح في أرجاء بيتها ومن حولها.
وقد حثّ النّبيّ الكريم على احترامها والمحافظةِ على مشاعرها، فهي رقيقةٌ كالزّجاج وأيُّ خدشٍ يجرحُ قلبها ويترك فيه ندبة لا تزول، صلاحُها صلاحٌ للمجتمع وفسادُها فسادٌ له، فلا يجب أن نؤذيها جسديّاً ولا معنويّاً لما لذلك من أثرٍ سيّء على نفسيّتها، وقد قال النّبي في ذلك: (استوصوا بالنّساءِ خيراً).
إنّ معاملة المرأة بالحُسنى واليُسرِ واللّين من علامات تقوى الله، والإحسانُ إليها بابٌ من أبواب الصّلاح والتّقوى، وقد وضّح النّبيّ ذلك في الحديث الشّريف: (اتّقوا الله في النّساء)، وإن كان الإسلامُ قد أمر بتكريمها زوجةً وبنتاً وأختاً وأمّاً، فما بالٌ بعضُ الرّجالِ لا يولونَ المرأة حقّها، بل وينظرون إليها نظرةَ استعلاءٍ وترفّع، وأنّ ما تقومُ به من أعمالٍ واجبٌ وشرطٌ عليها، فهي امرأة وهو رجل، حتّى وإن كانت متعبة ومرهقة لا يحقّ لها التّقصير في خدمته وخدمة منزله، وكأنها آلة لا تُصابُ بالضّعف، فيوجّه لها كلماتٍ لا تليقُ بإنسانةٍ كرّمها الخالق عزّ وجلّ، وقد أمر رسولنا الكريم، الرّجل أن يعاملها معاملةً حسنةً ويعاشرها بالمعروف فقال: (خيرُكم خيركم لأهله وأنا
خيرُكم لأهلي).
كما أكّد النّبيّ الكريم على حماية المرأة من الكسرِ والضّياع لما تحمله داخلها من لينٍ ورقّةِ القلبِ وضعفِ الجسمِ، فتتأثرُ بالكلامِ الجارح ولا تنسى المواقف الصّعبة المؤلمة التي تتعرّض لها، خاصّةً إن كانت من أقرب النّاس إليها، فعلى الرّغم من تمتّع المرأة بالقوّة وكانت أكثرَ نساء العالم تحكّماً وسيطرةً، فلا تزال تخبّئ داخلها طفلةً صغيرةً بريئةً جلُّ طلباتها الاهتمام الصّادق، العطف، الحنان، السّتر، الأمن والأمان، فهي تحتاجُ للطّيبة النّابعة من القلب بعيداً عن الأنانيّةِ، وتعاطُف الرّجل معها واهتمامه بها لا يُفقِدُه رجولته ولا يقلّل من شأنه ولا يحطّ من قدره، بل على العكس تماماً، حيث إنّ تعامله معها باللّينِ والرّفق وحُسنِ الخُلق، وإظهار الفرح حين لقائها هو قمّة الرّجولة، ويرفع قدره لأعلى الدرجات في قلبها وعقلها، ويكبُر في نظرها وتراه أفضل رجال العالم، والحديث التالي يُثبت ذلك (أكملُ المؤمنين إيماناً أحسَنُهم خُلُقاً، وخيارُكم
خياركم لنسائهم).
لذا رسالةٌ لكلّ رجلٍ عرف الله ونهجَ تعاليم الإسلامِ أن يرفقَ بالقوارير، فهنّ وصيّةُ النبي وقوامُ الأسرة المسلمة، فالمرأة على الرغم من قوّتها تحتاجُ رجلاً يكونُ سندها تضعُ عليه حِملها الثّقيل واثقةً أنّه الشّخص الكُفء.