ما زالت الأرض تخفي الكثير من الكنوز الأثرية القيمة التي تحكي تاريخ عصور قديمة تعرفنا على أسرارها من آثارها ونقوشها.
وفي مدينة لندن وتحديدًا بالقرب من لبرج "شارد" البرج الأطول في عاصمة المملكة المتحدة، والقريب من جسر لندن تم اكتشاف فسيفساء رومانية محفوظة بشكل جيد تغطي مساحة كبيرة من الموقع الذي وجدت فيها، وتعود أجزاء من هذه الفسيفساء إلى نحو 1800 عام.
وكان علماء آثار من متحف علم الآثار في لندن (MOLA) قد اكتشفوا في وقت سابق من هذا الشهر الفسيفساء وذلك خلال أعمال حفر تُجرى قبل البدء بأعمال بناء ستقام في هذا الموقع، الذي كان سابقًا موقفًا للسيارات.
وبحسب بيان صحفي صدر عن متحف (MOLA) فإنّ هذا الاكتشاف يعتبر أكبر فسيفساء رومانية من حيث الحجم اكتشفت في لندن في السنوات الخمسين الأخيرة.
من جهتها قالت مديرة الخدمات التطويرية في متحف علم الآثار بلندن "صوفي جاكسون" لـCNN:" إنّه اكتشاف مميّز حقًا"، مضيفة أنّ الفسيفساء الرومانية نادرة في لندن لأنها كانت مدينة "مزدحمة".
وبينت "جاكسون" أنّه "من الصعب التصديق أنّ هذه الفسيفساء ما زالت صامدة".
وأضافت قائلة:" إنه لأمر رائع العثور على فسيفساء كبيرة وكاملة مثل هذه في غرفة يمكن تحديدها، ونعتقد أنها غرفة الطعام. إنها جميلة جدًا أيضًا، لا بل هي رائعة في الواقع".
تجدر الإشارة إلى أنّ فريق علماء الآثار يعتقدون أنّ غرفة الطعام حيث عُثر على الفسيفساء قد تكون جزءًا من قصر روماني كبير، أو "نزل راقٍ جدًا يقدم الإقامة، وخدمة الإسطبل، والطعام". وتشير الزخارف الباذخة، والحجم المشار إليه آنفًا، إلى أنّ المسؤولين الرفيعي المستوى وضيوفهم أقاموا هنا.
تصميم الفسيفساء
تتألّف الفسيفساء من لوحتين الأكبر بينهما تعود إلى أواخر القرن الثاني أو الثالث ميلادي. لكن الفريق عثر على آثار لفسيفساء أقدم تحتها، وقالت جاكسون: إنّ خبيرًا سيُحاول إعادة رسمها وبنائها.
اللوحة الأكبر مزينة بـ"أزهار كبيرة، وملوّنة، محاطة بمجموعات من الخيوط المتشابكة"، وأنماط تتضمن عقدة سليمان. أمّا الفسيفساء الأصغر فتضم عقدتي سليمان "وأزهار منمنمة".
وبما أنّ هناك "تلازمًا دقيقًا" لهذا التصميم مع فسيفساء اكتُشفت في مدينة ترير الألمانية يعتقد الباحثون أنّ الفنانين نفسهم عملوا على الاثنتين، انطلاقًا من تقليد "سفر الحرفيين الرومان إلى لندن للعمل".
موقع الفسيفساء
ووصفت "جاكسون" موقع الفسيفساء قائلة:" الناس وعلى الأرجح الرجال في هذه الحالة، كانوا يتمددون على الأرائك، مستلقين على كتفهم الأيسر، يتناولون الطعام، وينظرون جنوبًا إلى الغرفة الأكبر، للتأمل بإعجاب بالفسيفساء".
وبمحاذاة موقع الفسيفساء اكتشف الفريق بقايا لوحات جدارية فخمة، وأرضيات من طراز تيراتسو وفسيفساء إضافة إلى عملات معدنية، ومجوهرات، ودبابيس شعر مزخرفة، الأمر الذي يوحي بأنّ سكان هذا الموقع كانوا من الأغنياء.
يذكر أنه ورغم أنّ مستقبل الفسيفساء لم يُقرّر بعد قالت "جاكسون" أنها ستعرض على الأرجح أمام الجمهور. أمّا علماء الآثار فسيستأنفون عملهم للوصول إلى المرحلة الأخيرة من الحفريات في مكان لم تتم معاينته من قبل.
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر تويتر "سيدتي".