خطّت عشرات النساء أسماءهن بحروف من نور في المجالات الصعبة؛ بل وتفوقن أحياناً على الرجال في ميادين شتى كالرياضيات والتكنولوجيا؛ ليغيرن وجه الكوكب، لا أحد يستطيع أن يهمّش بصمة المرأة في التاريخ على مرّ الزمان، ودورها في التحول اللافت في شتى المجالات السياسية والفنية والاقتصادية والاجتماعية.
حنان حماد، المؤرخة المصرية بجامعة تكساس كريستيان الأمريكية، ترى أن كثيرات هن النساء اللاتي أصبحن نماذج يحتذى بهن ومازلن مصدراً للإلهام حتى يومنا، منهن من لمعن في مجالات غاية في الصعوبة مثل: الفيزياء النووية، وأخريات ابتكرن أجهزة إلكترونية مهمة، ونوع ثالث من النساء كرّسن حياتهن لمساعدة الفقراء. وخلال الاحتفال بيوم المرأة الدولي؛ علينا تسليط الضوء على الإنجازات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للنساء. ففي الوقت الحاضر، هناك بالفعل الكثير من الحملات والمنظمات والأفراد الذين يحاربون من أجل حقوق المرأة، ومع ذلك، لم يزل عدد النساء اللواتي استطعن أن يكون لهن مساهمات لافتة في تغير العالم،
هنا اخترنا لكم قصصاً رواها التاريخ لنساء ملهمات أصبحن من بين الشخصيات العالمية الشهيرة بحيث امتلئت قصص التاريخ بهن وبشجاعتهن واقدامهن واقتحامهن الصعاب..
فلورنس نايتنجيل 1820
فلورنس نايتنجيل، تُعرف برائدة التمريض الحديث، ويطلق عليها اسم "سيدة المصباح" أو "السيدة حاملة المصباح". وولدت فلورنس نايتينجيل في بلدة فلورنسا بإيطاليا عام 1820 وكانت من عائلة بريطانية غنية تؤمن بتعليم المرأة، وتعتبر نايتينجيل على نطاق واسع مؤسسة التمريض الحديث. تلقت تعليمها في المنزل على يد والدها، وكانت تطمح بأن تخدم الآخرين وتصبح ممرضة، ولكن والديها عارضاها في البداية، حيث لم يكن ينظر إلى مهنة التمريض في ذلك الوقت بأنها مهنة جذابة، وعلى الرغم من رفض والديها إلا أن فلورنس مضت قدماً في طريقها لتعلم التمريض. تعلمت التمريض في مدرسة الكايزروارت، وكانت تؤمن بأهمية وضرورة وضع برامج لتعليم التمريض وبرامج لتدريس آداب المهنة، وأن تكون هذه البرامج في أيدي نساء مدربات وعلى أخلاق عالية يتحلين بالصفات الحميدة.
اهتمت فلورنس بالنظافة وقواعد التطهير، وبتمريض الصحة العامة في المجتمع، وتعتبر أول من وضع قواعد للتمريض الحديث وأسساً لتعليم التمريض ووضعت مستويات للخدمات التمريضية والخدمات الإدارية في المستشفيات ونصائحها عن غسل اليدين مازالت سارية حتى الآن.
وجمع الشعب البريطاني خمسين ألف جنيه، قدموها لها هدية؛ تقديراً للخدمات التي أدتها خلال حرب القرم التي أظهرت تفانيها في مهنتها، وكذلك وطنيتها لأن فلورنس أنقذت حياة الكثير من الجنود خلال حرب القرم بين 1854 و1856، وأحدثت تغييراً كبيراً في النظرة للممرضات، وأثبتت أن التمريض ليس وظيفة ولكنه تفانٍ، تسلمت نايتنجيل هديتها لتقدمها بدورها لبناء "بيت نايتنجيل"؛ لتدريب الممرضات بمستشفى سانت توماس، وهو البيت الذي مازال قائماً يحمل اسمها حتى اليوم، وفي عام 1907 كانت أول امرأة تمنح وسام الاستحقاق، وكانت قد قاربت العام التسعين من حياتها الحافلة بالعمل. وحازت فلورنس على لقب السيدة حاملة المصباح؛ لأنها كانت تخرج في ظلام الليل إلى ميادين القتال، وهي تحمل مصباحاً بيدها، للبحث عن الجرحى والمصابين لإسعافهم. وأصبحت إحدى أشهر النساء في التاريخ.
ماري كوري
ماري كوري عالمة فيزياء ومخترعة، لعبت دوراً كبيراً في تطوير أول آلة أشعة سينية، التي تعتبر أحد أهم الآلات الطبية في العالم التي استعملت لتشخيص وعلاج الأورام السرطانية، ماري اسمها الحقيقي ماريا سكلودوسكا، وهي بولندية، وهي أول امرأة حصلت على جائزة نوبل، وهي الوحيدة التي حصلت عليها مرتين في مجالين مختلفين؛ حيث حصلت عليها في الكيمياء والفيزياء؛ درست كوري الفيزياء في جامعة السوربون في فرنسا، واهتمت بالنشاط الإشعاعي، ثم حصلت على شهادة الماجستير في الفيزياء، ثم الماجستير في الرياضيات.
ونالت كوري على جائزة نوبيل مرتين وفي مجالين مختلفين وهي أول شخص يحقق هذا الإنجاز، حيث اكتشفت كوري وزوجها بيير عنصري البولونيوم والراديوم عام 1898. وحصلت على جائزة نوبل للفيزياء عام 1903 وفي عام 1911 حصلت على جائزة نوبل في الكيمياء، وأسست كوري مركزاً لبحوث محاربة السرطان عام 1921 وهو أحد المراكز الرائدة في هذا المجال حتى يومنا هذا. لذلك تستحق ماري كوري أن تكون من بين أشهر النساء في التاريخ. تعتبر ماري كوري أول شخص يفوز بجائزة نوبل مرتين، وذلك لأبحاثها حول النشاط الإشعاعي ودوره في علاج السرطان، كذلك تطوير استخدامات الأشعة السينية في الجراحة.
الأم تيريزا
وهي راهبة أصولها ألبانية، كانت هذه السيدة صغيرة الحجم قد لفتت أنظار العالم إليها بسبب اهتمامها بالفقراء وخاصة في مدينة كالكوتا الهندية؛ حيث أسست أول ملجأ استقبل آلاف الفقراء. وقد تحول هذا الملجأ لاحقاً إلى مؤسسة ضمت 3 آلاف راهبة و400 راهب، واستقبلت فقراء ومرضى من مختلف أنحاء الهند. وفي عام 1979 قبلت جائزة نوبل ولكنها طلبت تحويل الأموال المخصصة لعشاء تكريمها إلى فقراء مدينة كالكوتا، عملت في التدريس في دارجيلين، وهي مدينة في سفوح جبال الهيمالايا. وفي عام 1946 سمعت نداءً داخلياً يدعوها لمساعدة الفقراء الذين تعيش بينهم. وبعد 10 سنوات من مساعدة الفقراء في أزقة كالكوتا التي كان يعيش بها 100 ألف مشرد فتحت مشفى في معبد هندوسي في كاليغات، ثم ملجأ لليتامى وآخر لمرضى الجذام.
ولدت الأم تريزا المعروقة باسم أجنيس غونكسا بوغاكسيو عام 1910 في سكوبيه، عاصمة جمهورية مقدونيا الحالية، منذ أن كانت في الثانية عشرة من عمرها قررت العمل في التبشير في الهند، وفي سن 19 عاماً انضمت إلى معهد ديني أيرلندي حيث درست الإنجليزية، وفي عام 1929 توجهت إلى الهند.كانت الأم تريزا، التي لم تمتلك سوى دلو وثوبين من الساري، رمزاً للحب والعطاء لأولئك الذين افتقدوا الحب والعطاء، وحصلت أيضاً على جائزة نوبل للسلام في عام 1979 لمهامها الخيرية التي استمرت طوال حياتها؛ لذلك تعتبر الأم تيريزا من بين أشهر النساء في التاريخ.
كلارا بارتون 1821-1912
كلارا بارتون 1821-1912
كانت كلارا بارتون هي الأصغر بين خمسة أطفال في عائلة زراعية في ماساتشوستس، وأصبحت معلمة في سن مبكر، وأسست مدرسة عامة في نيوجيرسي، سمعت كلارا بارتون قصصاً عن زمن الحرب من والدها، بدأت خدمتها في الحرب الأهلية الأمريكية بتوزيع الإمدادات شخصياً على الجنود الجرحى والمرضى، وهي ترعى شخصياً بعض الذين يحتاجون إلى خدمات التمريض. وبحلول العام التالي، حصلت على دعم الجنرالات جون بوب وجيمس وادزورث، وسافرت بإمدادات إلى العديد من مواقع المعارك، ومرة أخرى تمريض الجرحى. تم منحها الإذن لتصبح المشرفة على الممرضات.
كما عملت على التعرف إلى القتلى والجرحى، حتى تتمكن العائلات من معرفة ما حدث لأحبائها. على الرغم من أنها كانت داعمة للاتحاد، في خدمة الجنود الجرحى، فقد خدمت كلا الجانبين في تقديم الإغاثة المحايدة. أصبحت معروفة باسم "Angel of the Battlefield".
سمعت لأول مرة عن اتفاقية جنيف التي تأسست عام 1866 والتي لم توقع عليها الولايات المتحدة. أسست هذه المعاهدة الصليب الأحمر الدولي، وهو ما سمعته بارتون للمرة الأولى عندما جاءت إلى أوروبا. شاركت بارتون مع الصليب الأحمر الدولي؛ لتقديم الإمدادات الصحية إلى أماكن مختلفة، بدأت العمل من أجل التصديق على اتفاقية جنيف وتأسيس فرع تابع للصليب الأحمر الأمريكي. أقنعت الرئيس غارفيلد بدعم المعاهدة، وبعد اغتياله، عملت مع الرئيس آرثر للتصديق على المعاهدة في مجلس الشيوخ، وأخيراً حصلت على هذه الموافقة في عام 1882. في تلك المرحلة، تم تأسيس الصليب الأحمر الأمريكي رسمياً، وأصبحت كلارا بارتون أول رئيسة للمنظمة. وقد قامت بإدارة الصليب الأحمر الأمريكي لمدة 23 عاماً مثل بقية النساء الأخريات في قائمة أشهر النساء في التاريخ، حيث كرست حياتها لمساعدة الآخرين. أسست الصليب الأحمر الأمريكي، كانت ممرضة مستشفى في الحرب الأهلية الأمريكية، ومعلمة وكاتبة براءات اختراع.
هيلين كيلر 1880-1968
هي مؤلفة، أثبتت أن الإعاقات لا يمكن أن تعوق أي شخص عن النجاح، هيلين كيلر فقدت السمع والبصر وهي في سن الثانية عشرة، بدأت كيلر حياتها العلمية مع الأطفال المشابهين لحالتها، وعندما بلغت سن السابعة قرر والداها إيجاد معلم خاص لها، وبالفعل كانت الشابة المتخصصة آن سوليفان التي استطاعت التقرب من الفتاة، والتي كان لها دور كبير في مجال التعليم الخاص، بعد أن أنهت كيلر التعليم الثانوي التحقت بكلية رادكليف؛ حيث حصلت على شهادة البكالوريوس، وقد عاشت كيلر بعد ذلك مع معلمتها سوليفان بشكل دائم حتى وفاتها، وفي خلال سنوات التعليم أصبحت كيلر من داعمي الاشتراكية، وفي عام 1905 انضمت كيلر إلى الحزب الاشتراكي الأمريكي، وقد أصبحت كيلر بعد ذلك ناشطة بارزة في الأعمال الخيرية؛ حيث كانت مدعومة من قِبل التعليم والتنشئة الاجتماعية للأشخاص من ذوي الإعاقة، وكانت شخصية بارزة ونشطة في الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، وفي عام 1934 مُنحت كيلر جائزة ليندون جونسون، وهو وسام الحرية الرئاسي، ومنذ عام 1980 يُحتفل بعيد ميلاد هيلين كيلر بمرسوم صدر من جيمي كارتر حينها، بالإضافة إلى ذلك فقد أصبحت كيلر من ضمن الثقافة الشعبية؛ حيث كانت شعبيتها من خلال مسرحيتها "صانع المعجزات".
أميليا إيرهارت
وهي أول طيارة في التاريخ، وأول من استطاع أن يطير عبر المحيط الأطلسي، وكانت شجاعتها مصدر إلهام للكثير من النساء على شَغل ما كان يعتبر وظائف للذكور فقط، كانت إيرهارت أول امرأة تحصل على صليب الطيران الفخري؛ نظراً لكونها أول امرأة تطير بمفردها عبر المحيط الأطلسي، حققت العديد من الأرقام القياسية الأخرى، كتبت عن تجربتها في الطيران وحققت مبيعات كبيرة، وكان لها دور أساسي في إنشاء "التاسعة والتسعون"، وهي منظمة طيارين للسيدات، انضمت إيرهارت إلى هيئة التدريس في الجامعة الشهيرة عالمياً جامعة بيردو قسم الطيران في عام 1935، بوصفها عضو هيئة تدريس زائراً؛ لتقديم النصح للنساء في مجالات العمل وإلهامهن نظراً لحبها للطيران.
أثناء محاولة للدوران حول الكرة الأرضية في عام 1937 باستخدام الطائرة لوكهيد ل-10 إلكترا بتمويل من جامعة بيردو، اختفت إيرهارت فوق وسط المحيط الهادئ قرب جزيرة هاولاند، لاتزال الألغاز عن حياتها وعملها وسبب اختفائها مستمرة حتى يومنا هذا.
إميلين بانخورست 1858-1928
هي ناشطة سياسية بريطانية وقائدة الحركة البريطانية سوفرجت، التي ساعدت المرأة في الحصول على حق التصويت، في عام 1999 اختارتها مجلة تايم ضمن أهم 100 شخصية في القرن العشرين؛ مؤكدة أنها تعد مثلاً أعلى للمرأة في الوقت الحالي؛ فقد قادت المجتمع نحو مسار جديد لا يمكن العدول عنه، وقد تعرضت لنقد شديد بسبب خططها المتشددة، كما تباين المؤرخون حول مدى فاعلية هذه الخطط، ومع ذلك يُعد عملها عنصراً حاسماً في إعطاء المرأة حق التصويت في بريطانيا؛ لذلك تعتبر إميلين بانخورست من بين أشهر النساء في التاريخ.
كليوباترا :
الملكة كليوباترا السابعة والمعروفة باسم كليوباترا، هي آخر ملوك الأسرة المقدونية، التي حكمت مصر منذ وفاة الإسكندر الأكبر في عام 323 قبل الميلاد، وحتى احتلال مصر من قِبَل روما عام 30 قبل الميلاد، كانت كليوباترا ابنة بطليموس الثاني عشر، وقد خلفته كملكة سنة 51 ق.م مشاطرة العرش أخاها بطليموس الثالث عشر، وقد وصُفـت بأنها كانت جميلة وساحرة، على نقيض ما تبرزها الصور التي وصلت إلينا، أما الرجال الذين وقعوا في غرامها؛ فقد أسرتهم بشخصيتها القوية الظريفة وبذكائها ودهائها. قد لا يوافق البعض على أساليبها ولكن الحقيقة أنها فعلت ما كان عليها القيام به لحماية بلدها مصر؛ لذلك يخلدها التاريخ حتى الآن كإحدى أعظم وأشهر النساء في التاريخ.