يعدّ ممثلاً مغناطيسياً من نوع خاص، يجذب الضوء إليه بفضل قدراته وإبداعه أينما حل. برع في دراما البيئة الشامية، وأصبح أحد أيقوناتها، لا بل مثالاً للنجاح والتميز. لكن وبحكم ثقافته وغناه الفكري والمعرفي قدم العديد من أبرز الأعمال المعاصرة التي لا تغيب عن ذاكرة الجمهور، وكان دائماً ميالاً لهذا النوع من الدراما؛ لأنه يفتح مخيلات العقل على البحث والتفكير. لم يقدم نفسه مشهوراً أو نجماً بل قدم نفسه باحثاً وصاحب مشروع درامي. لذلك ينظر إلى النجومية والشهرة كتحصيل حاصل بعد كل البراعة والتنوع في الأداء. النجم السوري عباس النوري ضيف مجلة "سيدتي" لهذا العدد من خلال الحوار الآتي.
بداية دعنا نبدأ من مسلسل "حارة القبة"، ما الجديد الذي يقدمه "أبو العز" في الموسم الثاني من العمل؟
تستمر الشخصية في الجزء القادم بمواجهة مجموعة من الأحداث المتطورة والشائقة، ولا أريد الكشف عنها؛ حرصاً على المتابعة.
«حارة القبة» ليس بديلاً لـ«باب الحارة» و«أيام شامية» هو الأساس.
هل شخصية "أبو العز" أكمل درامياً من شخصيتي "أبو عصام" و"المعلم عمر"، أم هي امتداد لهما؟
تبدو شخصية "أبو العز"، وكأنها استكمال لتطور شخصية البطل الشامي، ولكني لا أميل لهذه النظرة، وأفضل رؤية كل شخصية على حدة ضمن حكايتها فـ "أبو عصام" كانت له حكايته في المسلسل المرحوم "باب الحارة"، وكذلك "المعلم عمر" في المسلسل المرحوم الآخر "ليالي الصالحية"، وأعود بك إلى المسلسل الأكثر متابعة من غيره، وهو "أيام شامية" والذي أنتج عام 1992 وأديت فيه وقتها شخصية "محمود الفوال"، وبرأيي هذا المسلسل هو السر وهو اللغز، وشكّل شرارة الانطلاق لكل الأعمال الشامية التي أنتجت بعده سواء شاركت بها أم لم أشارك، ولكنه برأيي يبقى الأهم؛ لأنه الرحم الذي خرجت من تجربته كل الأعمال التي تلته.
هل تعتقد أن مسلسل "حارة القبة" هو البديل الجماهيري لـ "باب الحارة"؟
"حارة القبة" يطرح حكاية مختلفة خارجة عن حدود الحارة المغلقة، وهو لا يطرح نفسه بديلاً لأي عمل، بل هو منافس جريء يريد طرح لغة جديدة ومختلفة تماماً.
الكثيرون قالوا إن مسلسل "حارة القبة"، هو خلطة أعمال شامية هل توافق على هذا الكلام؟
هذا كلام سطحي لا معنى له بل هو تجربة تستحق نظرة نقدية متقدمة وخارجة عن المألوف والمتداول في عالم النقد، وانتظروا ما سيقدمه العمل في موسم رمضان 2022.
هل تعتقد أن البطولات في مسلسلات البيئة الشامية فوتت عليك خيارات أخرى في الدراما المعاصرة؟
لم تبعدني المسلسلات الشامية عن غيرها، وأنا اعتذرت عن عدم قبول الكثير من الأعمال التي لجأ ويلجأ إليها كل من يطلب الشهرة؛ لكونها جذابة لجمهور عريض، لكن الأعمال الاجتماعية باتت تتراجع لاعتبارات رقابية من ناحية، ولاعتبارات ترتبط بضحالة كتابها من ناحية أخرى.
الأعمال ذات الفكر الجريء
شخصية "جلال" في مسلسل "ليس سراباً" أسرت قلوب المشاهدين؛ ألم تَشْتَقْ لهذا النوع من الشخصيات؟
المسلسل يقارب أفكاري وشخصيتي، وقدمت فيه شخصية أحبها الناس، وتعلقوا بها وتعود أهميته بالنسبة لي؛ كونه حاز على رضا نسبة كبيرة من الجمهور، وهو ما أسعدني فعلاً وبرأيي المسلسل هو من الدلائل التي تعطينا البوصلة الحقيقية لقبول الجمهور للأعمال ذات الفكر الجريء، فالجمهور يحب أن
يرى حياته على الشاشة.
لمَ أنت مبتعد عن الدراما الاجتماعية؟
لم، ولن أبتعد عن الدراما الاجتماعية، ومازلت أميل إليها بالدرجة الأولى، وأفضلها عن غيرها مشترطاً جرأة الطروحات، وجرأة مماثلة في تناول حياة الناس، فأنا كممثل لا أراهن إلا على الأعمال الاجتماعية، وأعدّها امتحاناً حقيقياً لقدرة الممثل على إنتاج شخصيات متعددة أكثر شبهاً بالحياة، وقانوني الذي أسير عليه هو أني كلما ازددت شبهاً بالحياة كنت أقرب إلى الإقناع والنجاح معاً.
ميّار لم يدرس بالوساطة ...
أحفادي أعادوا لعمري مفهوم الطفولة وبت أحلم وأطمع بالعيش أكثر.
ابنك درس الإخراج السينمائي في أوروبا وأمريكا، والكل يتحدث عن موهبته، ما السبب أنه لم ينل فرصته حتى الآن؟
ميّار لم يدرس بالوساطة، بل درّس على حسابه في أهم دولة صانعة للسينما والفنون وهي الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على بكالوريوس في السينما وماجستير في صناعة الأفلام وماجستير آخر في الإخراج السينمائي، وبرأيي الشهادات ستبقى ضمن براويز حائط غرفته ما لم يخرج بعمله إلى أرض الواقع، ولا أميز ابني إلا بالمحبة وتميزه في هذه المهنة يأتي من جهده فقط وليس من محبتي له.
حدثنا عن عباس النوري الجد؟
أحفادي أعادوا لعمري مفهوم الطفولة، وأعادوا في شخصيتي إنتاج الطفولة، وبت أحلم وأطمع بالعيش أكثر مثل الطفل. الحفيد يضعك أمام نفسك أكثر. أرى طفولتي بهم وأحلم لو كنت حفيد نفسي لعملت على إعادة إنتاج الطفولة لشخصيتي وأنا جد.
لو عاد الزمن بك إلى الوراء؛ فهل تعيد الخيارات الفنية نفسها أم تتخلى عن قسم منها؟
الزمن لا يعود، ولو عاد فسأعيد الخيارات نفسها؛ لأني سأكون في المحطة الزمنية نفسها التي سمحت لي بأن أختار هذا الخيار أياً كان، ففي النهاية هي تجارب مررت بها، وكان لابد أن أمر بها حتى أتعلم فأختار التعلم دائماً، وأن أعيد التجارب كلها.
"مع وقف التنفيذ"
عودة للدراما الاجتماعية هذا العام في مسلسل "مع وقف التنفيذ"؛ هل من تفاصيل؟
هو من تأليف علي وجيه ويامن الحجلي، وإخراج سيف الدين سبيعي، وهو عمل جميل وجريء وأؤدي فيه شخصية أعتقد أنها ستكون مختلفة وجديدة، وهو عامل مهم ويدخل لجوهر الصراعات الحقيقية الموجودة في حياتنا الاجتماعية.
مسيرة حافلة امتدت لخمسين عاماً كيف تصف حلوها ومرها؟
هي تجربة طويلة ولا أراها إلا من باب الشغف، ومازلت شغوفاً وسأبقى، وتعلمت من تجاربي الكثير وقرأت الكثير، ولا زلت أشعر بأني في البدايات ومن دون شغف لا وجود للمستقبل.
هل لا زال الشغف والقلق نفسه عند عباس النوري؟
بالتأكيد وسيبقى لديّ الشغف، فمن دونه لن أعيش ولن أكون فناناً، وعندما أحس بأن شغفي بدأ بالتراجع سأترك هذه المهنة على الفور.
دراما بلا بيئة حقيقية ....
الممثلات الجميلات من دون موهبة مكانهن البراويز فقط.
هل تعتقد أن جمال الشكل ودراما العضلات طغت على فن التمثيل في الوقت الحالي؟
نرى ذلك في الدراما التي تسمى مشتركة، لكن للأسف هي تشترك بكل شيء إلا في مقاربتها للحياة، فهي ما زالت بلا بيئة حقيقية لأحداثها وحكاياتها، وهي ذات بيئة مفترضة أما بيئتها الوحيدة فهي الاقتراح السياحي؛ لذلك تجد شخصياتها أقرب للموديل منها للحياة.
نرى الكثير من ملكات الجمال والمشاهير يدخلن عالم التمثيل، هل برأيك يمكن أن تستمر هذه الظاهرة؟
تستمر في حال استمر الابتعاد عن كتابة الحياة كما هي. الجمال مطلوب في الدراما عند لزومه، أما ألا يظهر من الفن إلا الوجه الجميل؟ فأنا متبرع وعلى حسابي الشخصي لتقديم عدد من البراويز اللازمة؛ لتتعلق على جدران بيوت الممثلات المكتفيات بالجمال وحده دون غيره. فهكذا جمال يلزم هكذا جدران فقط وليس الشاشات.
"السوشيال ميديا"
ما السر وراء دخولك "السوشيال ميديا"، هل هو قناعة أم للتماشي مع متطلبات المرحلة؟
دخولي إلى عالم "السوشيال ميديا" كان بإرادتي؛ لأن هذا المنبر أتعامل فيه مع قناعاتي وحياتي وأفكاري، وكل القضايا التي تهمني ولا يهمني أن أكون "ترند"، ولا أفكر بطريقة الباحث عن متابعين؛ فأقدم نفسي بشكل حقيقي خارج عن الاعتبارات المزيفة، وحالياً ربما أنا كسول وغير نشيط على حساباتي، ولكن أعلم أن أكون كما أنا وحقيقي عندما أنشر أي شيء.
صنع الراحل بسام الملا ما سمي بدراما "البيئة الشامية"؛ فهل ترى أن هذه التجربة فتحت الباب واسعاً للدراما السورية بمختلف صنوفها؟
بالتأكيد ولا يمكن إنكار ذلك. بسام الملا قدم اجتهاده دونما احتراف وصناعة مقصودة كان مخرجاً يمثل، ويتمثل كافة شخصيات أعماله ويحس بها من دون استثناء، إضافة لكونه يمثل جيلاً مختمراً بالعمل التلفزيوني وكواليسه، ولعل أنجح ما فيه كان حسن إدارة علاقاته بالوسط الفني المليء بالتعقيدات والأمزجة والطموحات المختلفة لأكثر من ممثل وممثلة، فقد كان ينتصر لشغفه قبل حسم خلافاته. وتجاربه حتماً فتحت آفاقاً جديدة لصناعة الصورة التلفزيونية من جديد، وهذا ما ظهر في أعماله الأخيرة، وإن لم يسعفه الحظ بإكمالها بسبب المرض. تستطيع القول من دون مواربة إن ما قدمه بسام الملا من فرجة بأعماله الشامية فاق بها أساتذته، وكان استثنائياً رحمه الله.
من ترى من الممثلين الشباب الأقرب إلى بداياتك؟
لا إجابة.
قدمت في مسلسل "شارع شيكاغو" شخصية جديدة ومختلفة، كيف بنيت هذه التركيبة من المتناقضات في شخصية واحدة؟
هو عمل محبب لقلبي كثيراً أحببته، وكنت شريكاً فيه من كل الجوانب، وأسعدني العمل مع محمد عبد العزيز بدءاً من الفكرة إلى الورق إلى الصورة.
هل يمكن أن تعيد التعاون مع محمد عبد العزيز؟
هو مخرج شغوف وصاحب علاقة حقيقية مع الثقافة؛ لذلك يسعدني جداً التعاون معه مرة أخرى.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي»
وللاطلاع على فيديوجراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي»
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن»