جذب معرض «صُنِعَ في السعودية»، الذي أقيم ضمن فعاليات النسخة الثانية من موسم الرياض، وتحديداً في واجهة الرياض بين 13 و16 فبراير 2022، أعداداً كبيرة من الزوار. وشهد المعرض تهافت كثيرين عليه للتعرَّف إلى واقع الصناعات السعودية، والقصص الملهمة لرواد الأعمال المشاركين فيه، إذ احتضن أكثر من 150 شركة، قدمت منتجاتها في بيئةٍ حاضنةٍ للإبداع، ومناسبة لعقد شراكات جديدة. «سيدتي» تجوَّلت في أروقة «صُنِعَ في السعودية»، والتقت عدداً من المشاركين في المعرض، وسألتهم عن طبيعة المنتجات التي يقدمونها، ونوعية مشروعاتهم.
أجهزة صناعة القهوة
عارف المرشدي: هذه المشاركة هي الأولى لنا وسعدنا بزيارة الناس لجناحنا والاهتمام بقصة مشروعنا
بدايةً، أوضح عارف المرشدي، شريكٌ مؤسِّس في مكيال، أنهم يصنعون في الشركة آلات القهوة، ويورِّدونها لعددٍ كبير من المقاهي المنتشرة في السعودية والخليج العربي. وعن كيفية إطلاق مشروعهم قال: «بدأنا عملنا من المنزل عام 2017 متسلحين بشغفنا بالصناعة، وأجرينا محاولاتٍ عدة قبل أن نتلقَّى أول طلبٍ على منتجاتنا من أحد المقاهي، وتحديداً صنع جهاز تعبئةٍ وتوزيعٍ له، وقد استغرقنا في صنعه ثلاثة أشهرٍ، واستفدنا كثيراً من مصنع الجسم الآلي للجهاز، واليوم تعمل 70% من محامص المقاهي في السعودية بأجهزةٍ من صنع مكيال، في مقدمتها جهاز النقل الهوائي للبن الأخضر الذي يخلِّصه من الغبار، وينظِّف المحصول». مضيفاً «نغطي بأجهزتنا كافة مراحل التحميص في المقاهي، ونصدِّرها إلى دول مجلس التعاون الخليجي، ونسعى في المرحلة المقبلة للوصول إلى العالمية». وتطرق المرشدي إلى مشاركتهم في معرض «صُنِعَ في السعودية»، كاشفاً عن أن «هذه المشاركة هي الأولى لنا، ونُسعَد بزيارة الناس لجناحنا، والاهتمام بقصة مشروعنا، فهذا الأمر يحفزنا على ابتكار أجهزةٍ جديدة، خاصةً أن مستقبل الصناعة في السعودية زاهر بعد إطلاق رؤية 2030». وفيما يخصُّ جديدهم، بيَّن أنهم يختبرون جهازاً ضمن مشاركتهم في المعرض حيث سيحدِّدون مدى حاجة السوق إليه، وهو عبارةٌ عن آلةٍ لتنظيف «مستوعب الأسبريسو»، كما يقيسون، تزامناً مع عام القهوة السعودية، مدى الاحتياج لأجهزةٍ لتحضير القهوة السعودية، موضحاً أن «سلسلة إمداد القهوة السعودية تبدأ من مزارع جيزان والباحة وعسير، ويحصل العاملون فيها على دعمٍ كبيرٍ من وزارة الزراعة وجهاتٍ أخرى».
منتج سريع التحضير
ناصر الخرعان: أسعى منذ خمسة أعوام إلى إحياء ثقافة اللباس الشعبي ونشره
وبيَّن ناصر الخرعان، الذي يهتمُّ بالتراث السعودي ويسعى منذ خمسة أعوام إلى إحياء ثقافة اللباس الشعبي ونشره، أنه يشارك في معرض «صُنِعَ في السعودية» بالقهوة النجدية. وأوضح أن «هذه القهوة تُقدَّم ترحيباً بالضيوف والزوار، ولا يخلو منها أي بيت في المنطقة، وهي اليوم سريعة التحضير، إذ لا يستغرق إعدادها أكثر من ثلاث دقائق، وتضاف إليها البهارات والتوابل المعروفة، مثل الزعفران والهيل».
الصناعات الرقمية
بشاير العريج: شاركنا في صنِع في السعودية ببرنامج نفتخر بأنه ابتكر من قبل شباب سعوديين
وذكرت بشاير عبد الكريم العريج، مدير حساباتٍ في مجلس «تيك» المتخصِّص في «رقمنة مجالس الإدارة»، أنهم يعملون منذ أربعة أعوام على فرض الرقمنة في عمل مجالس الإدارة بدلاً من النظام الورقي القديم. وحول طبيعة مشاركتهم في المعرض، قالت: «نشارك في صُنِعَ في السعودية ببرنامجٍ، نفتخر بأنه ابتُكِرَ من قِبل شبابٍ سعوديين، وقد أتينا إلى هنا للحديث عن هذا الإنجاز، ودور الشباب في رفع الاقتصاد السعودي، وإسهاماتهم في مجالات العلوم والتقنية». مضيفةً: «شبابنا عملوا بعمقٍ على السوفتوير، والأكواد، والأمن السيبراني من أجل إخراج هذا المنتج بأفضل شكل». وأشارت العريج إلى أن برنامجهم يشمل مجلس الإدارة بأكمله، بدءاً من الأعضاء وصولاً إلى القرارات والتصويت والمهام، كما يخدم اللجان الحكومية، كاشفةً عن أن قائمة عملائهم تزيد يوماً بعد آخر. وأثنت على تفاعل الزوار معهم في المعرض «إذ يسألنا الصغير والكبير عن المنتج، ويشيد بنا ذوو الخبرة في المجال، ونتلقى أسئلةً كثيرة عن السوفتوير، وأمورٍ تقنية أخرى».
معلومات تراثية
ولفت عبد اللطيف الوهيبي، صاحب متحف العقيلات ومؤلِّف موسوعة العقيلات التي تتحدث عن تجار منطقة نجد والقصيم، إلى أن متحفه يقدم معلوماتٍ عامة حول «ثقافة العقيلات»، وكيفية استعدادهم للرحلات، إلى جانب التعريف بصناعاتٍ يدوية قديمة جداً، منها صناعات يومية مثل «المسامة» لرفع البضائع على ظهر الجمل، و«الشداد» للركوب فوق ظهر الجمل، و«الشويلي» لمنع سرقة الحصان، و«الرحاة» لطحن القمح والحبوب، مبيناً أن «الشداد» مثلاً لا يزال يُصنع منذ 113 عاماً، كاشفاً عن أنهم قدموا في المعرض جلسةً حول ضعف الأمن قديماً، مؤكداً أن كل مَن زارهم، أشاد بهم لتعريفهم بحضارة البلاد العريقة. وحول موسوعة العقيلات قال: «هذه الكلمة لا تدلُّ على عائلةٍ بعينها، بل هي صفةٌ ومهنةٌ لأشخاص تاجروا بالإبل والخيل، استيراداً وتصديراً، وأسهموا في نقل الثقافة السعودية للبلدان العربية، ونقل ثقافة تلك الدول إلى بلدهم، ووثق بهم أصحاب المِلَل الأخرى، لأن رأسمالهم كان أمانتهم، واستطاعوا ربط العراق والأهواز والشام ومصر والسودان ونيجيريا وتركيا اقتصادياً». مضيفاً: «نقل العقيلات الأطعمة السعودية، مثل الكليجا، إلى تلك البلدان، كذلك النخيل، خاصةً الصقعي والخلاص والبرحي، والكتب العربية، وكتب العقيدة والتوحيد، وجاؤوا منها بكلمات ومنتجات جديدة، كما حقق عديدٌ منهم إنجازاتٍ غير مسبوقة، منها تأسيس سليمان الدخيل جريدةً في بغداد، العاصمة العراقية، عام 1327هـ، وإنشاء إبراهيم الطاسان القوات المتحدة».
الحرفة اليدوية
وأثنى عطا الله صالح السعد، حرفي، على المعرض، كاشفاً عن أنه يشارك فيه بـ «نجارة المشغولات التراثية». وتحدَّث السعد عن موهبته بالقول: «استفدت من موهبتي في الرسم كثيراً، حيث طوَّرتها، والتحقت بدورةٍ مهنيةٍ للنجارة، وبعد تمكُّني منها، اخترتها حرفةً لي، وأستخدم في عملي المطرقة، وأدوات الحفر، المنشار، والمسامير». وكشف عن أنه يعتمد في عمله على إبراز «النقشة النجدية»، مؤكداً أن الآراء حول منتجاته التي قدمها في المعرض مبشرة ومشجعة على الاستمرار، موضحاً أنه مثَّل وطنه السعودية في ملتقيات متخصِّصة في الكويت والإمارات.
تصاميم سعودية
هبة السقاف: شركة «شبابنا» غير الربحية تدعم خمسة براندات ذات تصاميم سعودية
أما هبة السقاف، ممثلة شركة «شبابنا» غير الربحية والمهتمة بتمكين الشباب، فأشارت في حديثها عن مشاركة الشركة في معرض «صُنِعَ في السعودية» إلى أن «شبابنا تدعم خمسة براندات ذات تصاميم سعودية، منها براند من معدن الإنسان، الذي يقدم الأساور، والسبح، والسلاسل، والخواتم، والإكسسوارات، وكل منتجٍ من هذه المنتجات يهدف إلى تقديم شيءٍ جديد للإنسان، كما هناك نقشاتٌ للكائنات الطبيعية، فالأسد مثلاً يرمز إلى الشجاعة، والحوت إلى الحلم، والسلحفاة إلى المبادرة، أما براند مشكاة فعلامةٌ نسائية لتعليقات الحقائب والأحزمة، وتبرز فيها النقوش التراثية السعودية، والأحذية القماشية، بينما يستهدف براند بُنيَّ للأطفال الحقائب، والتراي بود، وغطاء السيارة، ويتضمن نقوشاً تراثية، مثل نقش الجمل على الحقائب، وهناك أيضاً عطور شبابنا المصنَّعة والمصمَّمة من قِبلنا. وأضافت «ننشط كذلك في صناعة الحديد، والأبواب، والأطعمة، والسجاد، كما ندعم عبر ركنٍ خاصٍّ عدداً من الرسامين والرسامات.
