لأن الدراما العربية تعتبر مرآة للواقع وتجسيداً لتفاصيل إنسانية مُركّبة تتصل لا تنفصل عن حياة المجتمعات العربية ما بين مصر أو الشام او الخليج، فإن كثيرًا من القصص الدرامية تُبنى على العلاقة الفطرية بين الأم والأبناء، والتي تتخذ خطوطًا درامية متشابكة ما بين البِر أوالجحود، او العطف أو التضحية أو التبرّي، لتُنتج من خلالها حبكات درامية وسيناريوهات معقدة تجتذب المشاهدين.
الدور الأصعب
دور الأم في الدراما العربية، يعتبر الدور الأصعب – وفقًا لنقاد السينما – انبعاثًا من العاطفة الإنسانية الفطرية الرحيمة في قلب السيدات والتي تستعصي على التمثيل أو التقمص، إلا لمن يمتلك الموهبة الحقيقة وعايش تلك المشاعر في الحقيقة. بالطبع ما بين الواقع والتمثيل خيط ضعيف يمسك بأطرافه جيداً فقط البارعون في التمثيل، فكلما اقتربوا من الواقعية باتوا ممثلين باقتدار، ودور الأم في الدراما المصرية واللبنانية والسورية والخليجية من الأدوار التي تجسد تلك النظرية بشكل واقعي وتعبر عنها عمليًا. ولعل نماذج الأم في الدراما والسينما اشتهرت بها شخصيات بعينها برعت في أدائه بإتقان وتفانٍ ممثلات عظيمات أبرزهن قديمًا أمينة رزق وعزيزة حلمي، وكريمة مختار وحديثًا سوسن بدر، أما الخليجية فبرعن فيها حياة الفهد وسُعاد عبدالله. الدراما العربية تكتظ بعشرات الحكايات التي تعتمد على الأم، فهي حكاية قائمة بذاتها داخل الأعمال الدرامية، حتى وإن كانت ليست البطل الأوحد في العمل، لكنها تشع الكثير من الطاقة الوجدانية التي تستطيع بها أن تصل إلى القلب مباشرة قبل العقل، فيقال هنها «أنظرها بقلبك»، مما يصعب مرور قصص الأم في الدراما هباءً دون أن يشعر بها الجميع. يُمكنك أن تلمس مكانة الأم الواقعية ما بين هؤلاء الذين يدندنون في مصر بكلمات أغنية «ست الحبايب» للفنانة الراحلة فايزة أحمد، وصولًا إلى من ينشدون كلمات العظيمة «غوار الطوشة» التي غنت في السبعينات من القرن الماضي أغنية «يا مو يا ست الحبايب»،
سيدات الشاشة في الوطن العربي
ولا زالت تلك الأغاني تمتلك تأثير وتستثير مشاعرنا رغم عفويتها ومرور الكثير من الأعوام عليها إلا أن أثرها لا زال باقيًا. تمكنت الكثير من سيدات الشاشة في الوطن العربي من تجسيد هذا المخزون الوجداني، المشاعر الفياضة وفطرة الأمومة والتي يشعرن بها أولًا خلف الكاميرات، في أدوارهن البارزة على الشاشات، وظهر ذلك في إحساسهن النابض بالحنان أمام الكاميرات، وكيف مزجن شعورهن الفطري مع أدوارهن المكتوبة على الورق والنص الدرامي، وإليكم أبرز أمهات الدراما العربية في التقرير التالي:
كريمة مختار ماما نونا
باتت الفنانة الراحلة كريمة مختار واحدة من أشهر أمهات الدراما المصرية، بعدما برعت في دور «ماما نونا» الذي جسدته في مسلسل «يتربى في عزو»، ولم يكُن بمثابة مشهد درامي في مسلسل فقط، ولكن جعلها تحظى بشعبية مفرطة في مصر والوطن العربي، فعلى الرغم من تقديمها هذا الدور لعشرات المرات على الشاشة إلا أن كان لهذا الدور وقعُ أخر.
"المصور كان بيعيط في المشهد ده بجد" قصة ماما نونا في مسلسل "يتربى في عزو" وتفاصيل مشهد وفاتها"المصور كان بيعيط في المشهد ده بجد" قصة ماما نونا في مسلسل "يتربى في عزو" وتفاصيل مشهد وفاتها #صاحبة_السعادة
Posted by dmc TV on Tuesday, January 25, 2022
استطاعت كريمة مختار أن تمزج بين عاطفتها التي تمكنت من تكوينها أمام الكاميرات كأم على مدار السنوات، وتُحولها إلى واقع في المسلسل الذي تم إنتاجه في العام 2007، وكان نجلها في المسلسل الفنان يحيى الفخراني، وظلت هي الحضن الدافئ للأبناء والأحفاد، منذ أن كانت تُجسد هذا الدور في فيلم «الحفيد» وانتهاءً بما عكسته من حنان ومشاعر أمومة في «يتربى في عزو».
سوسن بدر بين القوة والحنان
تعتبر الفنانة القديرة سوسن بدر، من الأمهات اللاتي ظهرن على الشاشة المصرية والعربية وأفضن بمشاعر الأمومة في الدراما بشكل احترافي، فما بين الأم الحنون التي تحمل همّ نجلها في مسلسل «جراند أوتيل» وأجٌبرت على أن تُخفي زواجها بمالك الفندق حتى تحمي نجلها من بطش الزوجة الأولى له والتى كانت تُجسد دورها «أنوشكا». . لكنها عادت وعندما انكشف سر نجلها «محمد ممدوح» قامت بحمايته بكل ما أوتيت من قوة، وحاولت منعه من الزواج من «دينا الشربيني»، كونها كانت تعلم بحقيقتها وأنها فقط تطمع في الحصول على أمواله بعدما علمت بأحقيته في أن يرث الفندق الذي كان يعمل فيه «نادلًا»، وتبرع سوسن في الدور الدفاعي عن نجلها رغم كبر سنه، وتُظهر في مشاعرها أن كل أم ترى نجلها طفلًا حتى وإن كبُر في السن. مسلسل "جراند أوتيل" تم إنتاجه في العام 2016، وشارك في بطولته الفنانين عمرو يوسف، أمينة خليل، محمود ممدوح، دينا الشربيني، أنوشكا، سوسن بدر، والقديرة شيرين وباقة من ألمع النجوم المصريين الشباب، تم تصويره في أسوان، وهو من إخراج محمد شاكر خضير. تعود بنا من هذا العمل وبعدها بعام واحد فقط إلى تجسيد دور أقوى يُظهر مدى براعتها كأم، حيث تظهر سوسن بدر في دور الأم لخمسة أولاد في مسلسل «أبو العروسة» بأجزائه الثلاثة، الذي بدأ عرضه منذ العام 2017، وتبدو «عايدة» السند لأولادها وزوجها سيد رجب الذي يُجسد دور «عبد الحميد» منذ أن زوجت نجلتها مرورًا إلى دورها في العمل كأم للجميع وفي المنزل أيضًا.
جمعت سوسن بدر في دورها بمسلسل «أبو العروسة» الذي يُعرض في الوقت الحالي على فضائية DMC المصرية، بجزئه الثالث، بين حنان الأم وقوة السيدة المصرية التي تستطيع أن تُدير منزلها بتدبير، ويبدو أن كاتب ومخرج العمل حاولا الاستفادة من ذلك داخل العمل نفسه، قبل أن توصله هي لنا على الشاشة، فيظهر ذلك من أمنيات فتيات المسلسل اللاتي تمنين أن تكون هي والدتهن.
منى واصف .. إبداع أم
الفنانة منى واصف واحدة من أبرز الممثلاث السوريات اللاتي قدمن دور الأم في الدراما السورية والعربية، حيث ارتبط اسمها بأدوار الأمومة في العديد من الأعمال المتميزة، وتمكنت من تقديم دور غير تقليدي للأمهات، مما جعل تحديد ملامح طبيعة شخصية الأم التي تؤديها صعبًا للغاية، فتحاول دائمًا مزج الدور المكتوب بما هو واقعي بالفعل. المصداقية والواقعية هما هدفا منى واصف عندما تقدم أدوارها أمام الكاميرات، فلا تحاول أن تظهر كأنها تقدم دوراً فقط في الدراما، لكنها تحاول أن تعصر النص لتستخلص منه فقط المعنى، لكنها كانت تُعيد صياغته معنويًا بفطرتها والأم التي بداخلها، وتوصل الرسائل عبر لغة جسدها للتعبير عن الشخصية بكلمات أقل وأحساس أكبر.
هالة شوكت الأم الصادقة
وُصفت الفنانة السورية الراحلة، هالة شوكت، بأنها من أكثر الفنانات اللاتي أدين دور الأمر بصدق، على الرغم من انتقالها السريع من الأدوار التي بدت فيها فتاة صغيرة السن بملامح رقيقة وجميلة، إلى دور الأم ولكنها كان تُنقل كم المشاعر الصادقة من أعماقها إلى أذهان وقلوب المشاهدين، وأبرز أدوارها كان في العمل الدرامي «الأجنحة». حولت هالة شوكت أنظار المخرجين عن جمالها الفتان، إلى موهبتها الفنية التي تستطيع عبرها تقديم أدوار الأم، حيث كان أشهر أدوارها شخصية «أم نصار» في مسلسل «الخوالي» الذي أخرجه بسام الملا، فيما تمكنت من إتقان دورها في شخصية «أم المعلم عمر» بمسلسل «ليالي الصالحية»، وكانت نهاية تجربة الأم هالة الحنونة التي تنشغل على الدوام بأحوال أولادها في مسلسل «كسر الخواطر».
حياة الفهد.. الأم المُبدعة
يُطلق على الفنانة الكويتية، حياة الفهد، سيدة الشاشة الخليجية، ودائمًا ما يحتفظ المُشاهد بذكريات من عملها الشهير «خالتي قماشة» وقدمت من خلاله الفهد، دورًا مخالفًا للصورة الذهنية التي يرسمها المشاهد عن الأم، وكان دوراً جديداً على حياة الفهد التي اعتاد عليها الجمهور بأدوار الأم الحنونة والمسالمة. فخالفت الجميع وقدمت دور الأم القوية والتي تحاول على الدوام حماية أولادها فجسدت دور المرأة العجوز التي ترغب في الحفاظ على أبنائها، فلجأت إلى خطة تمكنها من التعرف إلى أفكارهم وتصرفاتهم، وبعد زواجهم تقوم بوضع أجهزة مراقبة وكاميرات تجسس في غرف أولادها الذين يقيمون معها في المنزل لتكون مسيطرة عليهم وعلى زوجاتهم، ويتخلل العمل الكثير من الأحداث الكوميدية. وأصبح هذا الدورعلامة فارقة في مسيرة الأدوار التي قدمتها الفهد، ولازال راسخاً في أذهان الجميع بسبب براعة الفهد بتقديمه. ولكنها وعلى مدار أكثر من 32 عامًا تمكنت من تقديم المزيد من الأدوار ذات الطابع المختلف بالرغم من تمحور معظمها حول دور الأم، فاستطاعت ببراعتها أن تُقدم دور الأم الفقيرة مُعسرة الحال، وتمكنت من إيصال شعورها الحنون بإبداعها بتقديمها دور الأم، إلى مختلف الأجيال الصغير قبل الكبير.
سعاد عبدالله إبداع السندريلا
من سيدة الشاشة إلى الفنانة الكويتية المبدعة سعاد عبدالله والتي يُطلق عليها "سندريلا الشاشة الخليجية"، تفننت في تقديم الجانب التربوي الأعظم للأم العربية، عبر المزيد من الرسائل التعليمية والتربوية الممزوجة بالإنسانية والحنان، وكشفت جوانب متميزة في شخصية الأم خوفًا على أبنائها والتصدي لمحاولات الإنزلاق عن القيم الاجتماعية لمن هم خلف الكاميرا وأمامها أيضًا. أبدعت سعاد عبدالله في أدوار الأم خلال أدوارها العظيمة وأبرزها كان في أعمال: «أبناء الغد»، «أمنا رويحة الجنة» و«أم البنات».
لطيفة المقرن وعباءة الأم
ارتبط دور الفنانة البحرينية لطيفة المقرن، في المسلسل السعودي الشهير «خزنة»، والذي تم عرضه في أواخر الثمانينات من القرن الماضي، في أذهان المشاهد الخليجي، على أنها هي الأم الحنون التي تقطن مجتمع بسيط، وتتعامل بعفويتها، لكنها مع الوقت لم تستطع الخروج من عباءة الأمومة في أعمالها الدرامية التي تلته، وعلى مدار السنوات.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي»
وللاطلاع على فيديوجراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي»
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن»