كثير من النساء والفتيات على حدّ سواء يعشن تحت ما يسمى بالرّهاب الاجتماعي، أو ما يسمى بالقلق الاجتماعي، الذي يتحوّل أحياناً إلى نوع من أنواع الاضطراب والقلق، خصوصاً عند مواجهة الآخرين.
أنا لست مُتخصّصة في علم النّفس وتحليل الشّخصيّة، ولكن من خلال ملاحظاتي لبعض سلوكياتي وتغييرها، ومن خلال ملاحظة سلوكيات بعض النساء اللواتي أعرفهنّ عن قرب ولي معهنّ اتّصال دائم... لمست أنّهنّ دائماً تحت تأثير الخجل والخوف من ردّة فعل الآخرين، مع أنّ أخلاقهنّ عالية وتصرّفاتهنّ لا يعيبها شيء، يتظاهرن بشخصيات غير شخصياتهنّ ليندمجن مع الآخرين ويعبرن عن آرائهن ومشاعرهن، وهذا نوع من الفُصام الذي يحول بينهنّ وبين الاتصال والتواصل مع الغير بشكل سليم وفعّال ومن دون حواجز أو خلفيات.
فهؤلاء ينقصهنّ تقدير الذّات، والإيمان بقدراتهنّ في الخروج للمجتمع وتحقيق النجاح واستحقاق الأفضل؛ كما ينقصهنّ أيضاً الدّفاع عن قناعاتهنّ بكل حزم وحسم وقوّة وصلابة وشراسة إذا لزم الأمر، حتّى لا يصبحن ضحايا مجتمع يُقدّس التّبعية.
عزيزتي: المسالة بسيطة جداً، كوني واثقة من ذاتك ومؤمنة بقدراتك ومهاراتك، ولا تتساهلي في الدّفاع عنها، كوني عاقلة حكيمة في المسائل التي تتطلّب العقل والحكمة، وعفوية في المواقف التي تحتّم عليك ذلك، كوني ذكيّة في تعاملك مع الآخرين مع الأخذ بعين الاعتبار، أمزجتهم ونفسياتهم وطباعهم، فحفظ مكانة كلّ شخص ومقامه، وخصوصاً من كبار السّنّ وأهل العلم أمر لابدّ من وضعه في الحسبان.
فميزانك لقياس الأمور هو دينك أوّلاً ومبادئك ومجتمعك وعاداته ثانياً، شرط ألّا تتعارض هذه العادات والتّقاليد والأعراف مع المنطق، وألّا تكون حجرة عثرة في وجه صحّتك النّفسيّة وانطلاقك للنجاح وتحقيق ذاتك.
لا تتظاهري بالانفتاح والتّحرّريّة والتقدّم المبالغ فيه، ولا تتباهي بأشياء ثانويّة كمعرفتك بالماكياج والموضة، وحبّك للنوتيلا، واهتمامك بإصدارات الموضة، ومسايرتك للإنتاجات السينمائية ومعرفتك بالممثلين ونجوم هوليوود لتحظي بإعجاب النّاس، ومدحهم لك بالرقيّ والانفتاح والعصرنة... وتبرهني على أنّك أنثى راقية.
كوني أكبر من ذلك، بعلمك ومعرفتك وثقافتك ومستوى تفكيرك
كوني أنت بعفويتك، بحقيقتك، بتربيتك، بأخلاقك، كوني مزيجاً بين ما يمليه عليك قلبك وما يلزمك به عقلك عند اتّخاذ قراراتك، لا تتعجّلي بالكلام والجُمي لسانك، واعلمي أنه حصانك إذا صنته صانك، وإن خنته خانك.
كوني متغيّرة متجدّدة، أنثى لها أحلام، تكرّس كل جهودها لتحقيقها بشرف وقوّةِ عزيمة وإرادة، لا تسمحي بإحباطك، وأثبتي للجميع أنّ حواء لا تُقهر وليس في قاموسها ما يسمى بالمستحيل، عيشي حياتك بلطافة تارة وبعناد تارة أخرى، فالحياة لا تستقيم للضّعفاء:
وما نيلُ المطالب بالتّمنّي ولكن تُؤخَذُ الدّنيا غلابا
ولا تسمحي بأن تكوني مجرّد رقم أو سلعة بمواصفات معيّنة في مجتمع يتعامل بقوانين السوق.