لاحق المصمّم الأميركي، ذو الأصول النيبالية، برابال غورونغ Prabal Gurung حلمه من الهند حيث بدأ دراسته، إلى الولايات المتحدة، حيث تدرب في أهم دور الأزياء، فبات لاعباً أساسياً في هذا المجال، وبقي حاملاً قضاياه الإنسانية وتصوّراته لمستقبلٍ منصفٍ للجميع، وملتزماً تسخير صورته العامة ذات الصدى الواسع، في خدمة من لا صوت لهم في العالم. حلّ كضيف شرف، على معرض العلامات التجارية السعودية، المصاحِب لحدث كأس السعودية، مبدياً إعجابه بقدرة المصمّمين والمصمّمات السعوديين على تحديث الملابس التقليدية بشكل راقٍ وباحترافية عالية. «سيدتي» التقته في حوار خاص.
التنوّع فرصة للنمو والتعلّم وتعليم الآخرين، ويرتبط بالشمولية والمساواة، والاحتفال باختلافاتنا معاً
«عش أحلامك» هو الشعار الأساسي الذي قامت عليه حياتك المهنية الزاخرة بالجهد والخبرات والتغيّرات، وكان دافعك للانتقال إلى مدينة نيويورك في عام 1999، والالتحاق بكلية «بارسونز للتصميم». ما القصة وراء ذلك؟
مدينة نيويورك هي مكان مليء بالحالمين الساعين لتخطّي المستحيلات، ويمكن لأي شخص فيها أن يكون أي شيء يريده، فالفرص فيها لا حصر لها. وبالنسبة لي، شعرت أن هناك المزيد لأتعلمه كي أتطوّر وأتقدّم في مسيرتي، وكان القدوم إلى إحدى أهم عواصم الموضة في العالم حلمي دائماً.
من الهند وصولاً إلى الولايات المتحدة، تدرّبت مع عدد من المصمّمين المشهورين الذين يعتمدون أنماطاً وخطوطاً مختلفة. أخبرنا عن تلك المراحل، وأي مرحلة كان لها الأثر الأكبر على مسيرتك؟
لقد كان لكلّ مرحلة من تلك المراحل تأثير كبير على حياتي المهنية، وشكّلت كلّها فرصة للتعلم من كلّ شخص، وهي فرصة لا تقدّر بثمن، وقد ساعدني ذلك كثيراً، ليس فقط في حياتي المهنية، ولكن أيضاً في حياتي الخاصة.
أنت مصمّم أزياء أمريكي من أصل نيبالي، وُلدت في سنغافورة، ودرست في الهند. هل ساعدك تنوّع الثقافات هذا في حياتك المهنيّة؟ أم أنّه كان عقبة أمامك في بعض الأحيان؟
لطالما كان التنوّع مفيداً في حياتي المهنية، لأنّه يوفّر منظوراً مختلفاً، ويسمح بإسماع أصوات مختلفة. لا أرى هذا عقبة أبداً، بل على العكس، أعتبره دائماً فرصة للنمو والتعلم وتعليم الآخرين. بالنسبة لي، التنوّع يرتبط حقاً بالشمولية والمساواة، والاحتفال باختلافاتنا معاً.
تصاميمك الآن موجودة بقوة على السجادة الحمراء، وتطلبها أكثر النساء شهرة في العالم؛ لمن يصمّم برابال غورونغ؟
علامتنا التجارية تتبنى فلسفة تشمل الفخامة الحديثة، والأسلوب الذي لا يمحى، والتألق الملفت، بحيث يكون العالم مكاناً متنوعاً وشاملاً. وقد تأسّست على جوهر الاحتفال بالمرأة بجميع أشكالها. أما التي ترتدي تصاميمنا فهي امرأة قوية، حسّاسة، واثقة، وجريئة، وتختزل الأنوثة بلمسة.
تابعي المزيد: فاطمة بالحداد: معرض "تكنولوجيا مستقبل الأزياء" قدم دفعة كبيرة للمصممات السعوديات
قضايا إنسانية
خلال حياتك المهنية، حملت العديد من القضايا الإنسانية، والتزمت الدفاع عنها، مثل دعم العمال المحليين، والخلفيات المتنوّعة، والعارضات ذوات المقاسات الكبيرة، وتعليم الأطفال، وحقوق المهاجرين، والعديد من القضايا الأخرى. كونك شخصية عامة، ما تأثير ذلك على المساعدة في هذه القضايا؟
لقد أدركت في وقت مبكر أن الصحافة والاهتمام لا يمكن أن يبقيا معي دائماً، وأنني بحاجة لاستخدام هذه المنصة للفت الانتباه إلى الأسباب الأكثر أهمية، والتي تستحق العمل من أجلها. لذلك، وبعد فترة وجيزة من بعض لقاءاتي الصحافية الأولى، والتي دفعتني من مصمم جديد إلى مصمم معروف وتتم متابعته، بدأت مؤسّستي الخاصة، مؤسسة شكيشيا نيبال Shkishya Foundation Nepal، في وطني نيبال، حيث تمكنّا من التأثير بشكل جيد في حياة أكثر من 100000 شخص.
تم إطلاق علامتك التجارية في عام 2009 في أسبوع الموضة في نيويورك، والآن تباع في أكثر من عشرين دولة حول العالم. برأيك، ما الذي يجعل العلامة التجارية تنجح؟ وما هي نصيحتك للمبتدئين في هذا المجال؟
المثابرة هي المفتاح. والحصول على طابع مميز وفريد من نوعه أمر يساعد على تمييز العلامات التجارية، ويسمح للعلامات التجارية بالنمو في الفضاء الدولي.
لقد فزت بالعديد من الجوائز منذ إطلاق خطك، هل هذا يجعلك تشعر بالراحة أو القلق بشأن المسؤولية الإضافية والخوف من التراجع؟
أشعر بالفخر والتواضع، أكثر من أي شيء آخر؛ كما يشجعني ذلك على مواصلة هذه الرحلة واستكشاف منافذ جديدة للتعبير.
علامتنا التجارية تتبنى فلسفة تشمل الفخامة الحديثة، والأسلوب الذي لا يمحى، والتألق الملفت
صناعة الأزياء
عندما نتحدث عن صناعة الأزياء العالمية، فإن تصميماتك تفرض نفسها، ما الذي يجعل أسلوبك مختلفاً ويشيد به المشاهير؟
إنها سهلة الوصول ومخصّصة، والأمر يعود لمن يرتديها ليقرّر القصة التي يريد أن يرويها من خلالها، أي إذا كانت حالمة وساحرة، أو حادة وقوية. بمعنى آخر، هذه التصميمات مفتوحة للتفسير، وأعتقد أنها تلقى صدى لدى الناس لأسباب مختلفة، فهي تخلق ارتباطاً معهم، كأنها لهم بالتحديد، تنقل شخصيتهم الحقيقية، ويخبرون قصصهم من خلالها.
ما هي أحلامك المستقبلية؟
العمل على خلق مستقبل منصف وشامل يتطلب التزاماً ثابتاً من كل واحد منا. واليوم الذي نرى فيه نتيجة عملنا دون أسئلة أو تساؤلات، هو اليوم الذي نعلم فيه أننا حققنا أهدافنا. والطريقة الوحيدة لتحقيق هذا الهدف هي ضمان حصول كل شخص، مهما كانت خلفيته ولونه، على مقعد على الطاولة، تمهيداً لإمكانية قدرته على إنشاء طاولته الخاصة في المراحل المستقبلية. ولكنني أملك سبباً إضافياً، وهو استكشاف جمال البلاد في أوقات فراغي.
تابعي المزيد: المصمّمة ديانا شعبان: أزياؤنا تشعر النساء بالثقة والقوة
زيارة الرياض
تسجل السعودية اليوم نجاحات باهرة على جميع المستويات. ما هو انطباعك عن الحياة في السعودية، وعن الشعب السعودي؟ ما هي التغيرات التي لاحظتها؟
أعتقد أن روح الدولة تعتمد على شعبها، وفي الفترة القصيرة التي قضيتها هنا، في السعودية، لاحظت كيف كان الناس مضيافين وكرماء ويحسنون الاستقبال، لذلك شعرت بالترحيب. كانت رحلتي دافئة، ومفعمة بالطاقة الرائعة، لا سيما بعد مشاهدة هذا الاندماج بين جميع الناس، وإحساسهم العميق بالفضول، والرغبة الدائمة في معرفة المزيد. وأنا ممتن لأنني التقيت عدداً من المصممين والمصممات السعوديين، ولاحظت مستوى الحرفية التي يجسّدونها..
كنتَ حاضراً في معرض العلامات التجارية السعودية المصاحب لحدث كأس السعودية كضيف شرف؛ بناءً على ما شاهدته، كيف ترى واقع الموضة في السعودية؟
كان حدثاً جميلاً للغاية، والمهارات وجودة العمل فيه رائعة. برأيي، إن القدرة على تحديث الملابس التقليدية أمر مثير جدًا للإعجاب، ويمكنني تصوّر تلك الأنماط تسافر في جميع أنحاء العالم.
تابعي المزيد: المصمّمة السعودية أروى العماري تفوز بجائزة EMI Gala لعام 2022
المصمّمون والمصمّمات السعوديات
من الذي أعجبك عمله من بين المصمّمين والمصمّمات المشاركين؟ وما الذي يجعل تصاميمهم مميزة؟
كلهم دون استثناء، ولديهم جميعاً وجهات نظر مميزة، وكان طابعهم الخاصّ واضحاً وملفتاً جداً. أنا أحاول متابعة كل صيحات الموضة العالمية والاتجاهات المختلفة في هذه الصناعة، لأنها تمثل مصدراً دائماً للإلهام.
يوضّح هذا الحدث كيف حمل السعوديون والسعوديات قيمهم وتقاليدهم ونجحوا بتكييفها مع العالم الحديث؛ ما رأيك في تأثير التراث على مجالات الإبداع؟
هويتك تنبع من تراثك وجذورك، وهذا في النهاية ما يكوّن شخصيتك. وبالنسبة لي، أحب الاحتفال بهذه المُثُل، وأن أرى تأثير التراث على التصميم، إذ أنه شيء رائع أحاول دائماً إدخاله في تصاميمي الخاصة أيضاً.
كان اللباس التقليدي حاضراً بقوة في إطلالات الحاضرين، وحتى كبار الشخصيات، هل أعجبك، وهل يمكن أن تستلهم منه في مجموعاتك القادمة؟
نعم بالتأكيد، وبرأيي، كان الرقي هو العنصر الطاغي والموحّد بين جميع الأنماط.
في عالم الموضة والفنون، المنافسة قوية، وتتطلب الكثير من المثابرة والتصميم؛ هل تعتقد أن المواهب السعودية تحتفظ بمكانة متميزة في هذا المجال على مستوى العالم؟
نعم بالتأكيد، فهي تجسد أصواتاً متميزة لها صدى، وتبرز بقوة على المسرح العالمي.
ما هي نصيحتك للمصمّمين الذين يرغبون في نقل أعمالهم إلى مستوى عالمي؟
عندما تمتلك وجهة نظر وصوت قويين، وتكون شجاعاً وتلتزم بذلك، حينها الشغف والمثابرة يؤتيان ثمارهما.
هل سنرى مشاريع مستقبلية تجمعك مع مصمّمين ومصمّمات سعوديين مبدعين؟
أحب وأتطلع إلى ذلك.
تابعي المزيد: مصممة الأزياء دانية العلي:عباياتنا وفق مبدأ «الموضة المستدامة والبطيئة»
كأس السعودية
استضافت مدينة الرياض مؤخرا فعاليات كأس السعودية لسباق الخيل بميدان الملك عبد العزيز، في نادي سباقات الخيل؛ ويعتبر هذا الحدث الأكثر أهمية في تاريخ سباق الخيل في المملكة، كما أنه السباق الأكثر قيمة على مستوى العالم، بجوائز بلغت 30.5 مليون دولار أميركي.
ولا تقتصر أهمية الحدث على المشاركين في السباق، إذ أنّ الجهات المنظمة حرصت على إطلاع العالم على التراث والثقافة السعوديين، من خلال الفعاليات المصاحبة، وقد أضفت الأزياء التراثية تميّزاً على أمسيات المهرجان، حاملةً تواقيع مصمّمين ومصمّمات سعوديين، وعلامات تجارية سعودية متخصّصة بالأزياء.
تابعي المزيد: جلسة تصوير خاصة بـ سيدتي ..أناقة عالميّة في رمضان Ramadan Muse
