الإنسانُ مجبولٌ على الإيمان ومن درجاته حبّ الذّات دون درجة الأنانية، ولترسيخ هذا الإيمان في القلب لا بدّ أن يحبّ المسلم لأخيه ما يحبّ لنفسه ويبادله المنفعة، كالشّجرة لا تنفرد بفيئها لوحدها إنّما تُظِلُّ به الهاربين من حرّ الشمس، فيرضى لغيره ما يرضاه لنفسه، يقول الرّسول الكريم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه)، يزينُ كلماته بميزان القَبول فإن أعجبته نَطَقها وكانت جواز سفر يعبُر بها قلوب الآخرين، فينطِق بما يحبّ أن يسمعه من غيره، يَرحَم ليُرحَم، يُساعِد ليُساعَد، أي ما تزرعه ستحصده عاجلاً أم آجلاً، وما تقدّمه لغيرك اليوم سيأتي من يقدّمه لك غداً وقت الحاجة، ولو سادت هذه الطّريقة كلّ المجتمعات لارتقت البشريّة لأعلى درجات الإنسانيّة وتمّ رفع شعار"نحن" وليس "أنا أو أنت"؛ لأن شعار" نحنُ" هو السّبيل لارتقاء المجتمع نحو القمّة، أما شعار "أنا أو أنت" فهو أسرعُ طريقٍ نحو الانحطاط، وعلى الإنسان أن يمدّ يد العون لأخيه الضّعيف، يساعده في شقّ طريقه نحو النجاح حتى وإن قام هذا الأخير بتقليده واتّباع أسلوبه في الحياة، وانتهج نهجه، فيشجّعه على ذلك، كالطّفل دائماً يقوم بتقليد من يراه قدوةً له وخاصّة والده من دون أن يُبدي الوالد تضجّراً أو انزعاجاً، بل يفرح لأنّ ولده اقتدى به.
الشخص المقلِّد شخصٌ بسيطٌ لا يمتلك مقوّمات تساعده على النّجاح فيضطرّ للتّقليد رغبةً منه بالتّحسّن للأفضل، وهنا يبدأ دور الشخص المقلَّد بتأمين الدّعم لكلّ من يحتاجه برحابة صدرٍ مفعمة بالإيجابيّة، وهذا دليل امتلاكه مهارات الذّكاء العاطفيّ والوعي الذّاتي وإدراكه لعواطفه وعواطف الآخرين، وتوظيف هذه القدرات بتطوير علاقاته مع المحيط بالشّكل الملائم وتدريجياً، ذلك أنّ الذّكاء العاطفيّ هو ذكاءٌ فطريّ وبدرجات متفاوتة لدى البشر، وهو يختلف عن الذّكاء العقليّ المعبّر عن درجة ذكاء الفرد وتحصيله الدّراسيّ، وقد أكّدت الدّراسات والتّجارب أنّ الذّكاء العاطفيّ يفوق الذّكاء العقليّ ذلك أنّ الذّكاء العقليّ يساعد في الحصول على وظيفة معيّنة، أمّا الذّكاء العاطفيّ فيساعد على الارتقاء نحو الأفضل.
نستنتج ممّا سبق أنّ الذّكاء العاطفيّ والذّات يولّدان المشاعر الإيجابيّة الموجّهة نحو طريق النّجاح، لذا ينبغي رفع شعار "ذاتك لقيادة حياتك".