في أدلّة عن آثار الأثاث الأولى، ولا سيّما الـكراسي، يرد اسم Skara Brae أي القرية الاسكتلنديّة التي عثر علماء الآثار فيها على أقدم مقاعد حجرية يرجع تاريخها إلى عام 3200 قبل الميلاد، فاستخلصوا أن المقاعد المذكورة تظهر علامات مبكّرة على الرغبة البشريّة في الارتفاع عن الأرض، أثناء الجلوس. أمّا الكراسي المتكئة على قوائم أو حتّى تلك القابلة للطي في مصر القديمة فقد مهّدت الطريق للتصاميم المزوّدة بالظهور ومساند الأيدي... كانت تطوّرت تصاميم الكراسي وأشكالها، من العصر اليوناني، مرورًا بأوروبا العصور الوسطى، حيث كانت الكراسي تمثّل مظهرًا من مظاهر السلطة، كما كانت الحال في الصين، منذ سلالة تانغ الحاكمة...
في الآتي، لمحة عن ثلاثة كراس "أيقونية" مرتبطة بالعصر الحديث، مصمّمة في إثر الحرب العالمية الثانية، وهي لا تزال تصنع حتّى اليوم، كما تتوافر نسخ مقلّدة منها.
1 كرسي التوليب
لم يكن مشهد بعض الطاولات والكراسي المزوّدة بقوائم، والموزّعة في الغرف، يروق للمهندس المعماري والمصمّم الفنلندي الأميركي Eero Saarinen، الذي كان يصف التصاميم المذكورة بأنّها "قبيحة ومربكة وغير مريحة".
في محاولة لجعل تصاميم الكراسي أكثر جاذبيّةً، طوّر سارينن مجموعة "توليب" حيث استبدل بقوائم الأثاث، قواعد مركزيّة، وقام بمحاكاة لأزهار التوليب في عمله، الذي استخدم مادة واحدة في تنفيذه. الجدير بالذكر أن تصميم سارينن كان تحقّق عن طريق Knoll، الشركة التي أسّستها صديقة سارينن فلورنسا وزوجها هانز نول، وذلك في عام 1957، وأن الكراسي تتبع طاولة الطعام "توليب"، التي لا تزال تنتج اليوم من الشركة المذكورة، وأن الكراسي "المستقبلية" لناحية المظهر، كانت ظهرت في مسلسل الخيال العلمي التلفزيوني "ستار تريك".
2 كرسي LCW
بعد أن تخرّج الزوجان Charles and Ray Eames من أكاديمية "كرانبروك" للفنون المرموقة في ميشيغان بالولايات المتحدة، هما انتقلا إلى لوس أنجلوس، حيث شرعا في الاشتغال بالأثاث، معتمدين على مواد وتقنيّات غير تقليديّة. أفرزت هذه التجربة عملية مبتكرة لصب الخشب الرقائقي، باستخدام الحرارة والضغط، مع الإشارة إلى أن اكتشاف المصمّمين أثار اهتمام البحرية الأميركيّة، التي كلّفتهما بإنتاج الجبائر من الخشب الرقائقي، بالإضافة إلى النقالات، والتي استخدمت بعد ذلك طوال الحرب العالمية الثانية.
لاحقًا، وتحديدًا في عام 1946، تقدم الزوجان في تجاربهما، فأنتجا كرسيًّا مريحًا، مهما كان وزن الجالس إليه، بالتناغم مع انحناءات جسده.
3 "لويس الشبح"
في عام 2002، وضع المصمّم الفرنسي العالمي فيليب ستارك نسخته الخاصّة من كرسي لويس السادس عشر الكلاسيكي، فجعل الكرسي الملكي مصنوعًا من البولي كربونات (نوع من أنواع البلاستيك المتين) الشفاف. أنتجت Kartell التصميم، الذي لم تكفّ مصانع عدة حتى وقتنا الراهن عن إصدار النسخ المقلّدة منه!
مزايا الكرسي التصميميّة عديدة، أبرزها أنّه مصنوع في قطعة واحدة، وليس من أجزاء موصولة ببعضها البعض، وأن الكرسي ملائم للاستخدام في المساحات الداخلية، كما في الهواء الطلق، فهو "مقاوم" لعوامل المناخ.