المحظورات هي مفرد حَظَرَ ؛ وهو المُحرَّم، أو الممنوع،ومحظورات الإحرام التي تعرَّف بأنّها: الممنوعات التي يُمنَع منها كلا الجنسيَن، أو أحدهما؛ بسبب الإحرام، وقد حظر الشرع بعض المُباحات حال الإحرام؛ لحِكم عديدة، منها: تذكير المُحرِم بالعبادة التي أَقدم عليها؛ فيتذلّل ويفتقر لله -عزّ وجلّ. ويُربّي النفس على المُغايرة في حال العيش بين التقشُّف والترف؛ توافُقاً مع نَهج النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم-. وتعزيز مبدأ المساواة بين الناس؛ فلا فرق بين غنيّ وفقير في الحجّ. وإظهار استعداد المسلم لإكمال العبادات البدنيّة.
يقول الدكتور عمرو خالد الداعية الإسلامي لسيدتي : أيام معدودات تفصلنا عن أداء فريضة الحج، وقد يذهب البعض وهو لا يعلم ما يجب فعله وما عليه تركه. عن أبي هريرة قال: سَمِعْتُ رسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقولُ: منْ حجَّ فَلَم يرْفُثْ، وَلَم يفْسُقْ، رجَع كَيَومِ ولَدتْهُ أُمُّهُ. متفقٌ عَلَيْهِ.
هناك أمور تحرم على الحاج ما دام محرماً، وهذه الأمور هي التي يطلق عليها محظورات الإحرام، وتنقسم لـ3 أقسام، محظورات الرجل والمرأة، ومحظورات على الرجال فقط، وقسم محرم على الإناث فقط.
أولاً: المحظورات على الرجال والنساء*
إنَّه من المقرر شرعاً أنَّ محظورات الإحرام المشتركة بين الرجال والنساء من الحجيج حال أدائهم المناسك والشعائر هي:
-منع الترفه :
ويقصد به عدم وضع الطيب والمقصود به الروائح، في الثوب أو البدن. الطِّيب يحرُم استعمال الطِّيب، كالمسك، والعود، والكافور، والورس، والزعفران لكلا الجنسَين حال الإحرام؛ سواء استعمله المُحرِم في تطييب ملبسه من ثوب أو خفّ أو نَعل، أو استعمله في تطييب بدنه كلّه أو بعضه؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (ولَا تَلْبَسُوا مِنَ الثِّيَابِ شيئًا مَسَّهُ الزَّعْفَرَانُ أوْ ورْسٌ).
- عدم إزالة الشعر:
أياً كان موضعه في الجسد، أما لو سقط الشعر بغير اختياره فلا حرج عليه.
-عدم تقليم الأظافر لليدين والرجلين:
وفي حالة انكسار الظافر والتأذي به، فلا حرج أن يقص القدر المؤذي منه، ولا فدية عليه.
- عدم القيام بالعلاقة الحميمة:
سواء المقدمات أو المباشرة، وفقاً لقول الله تعالى "الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ"، فالجماع ومقدماته من أعظم المحظورات أثناء الإحرام، لأنه يفسد الشعيرة.
- عدم الخطبة أو مباشرة عقد النكاح :
سواء لنفسه أو لغيره، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يَنْكِحُ المحرم ولا يُنْكَح ولا يخطب".
- عدم التعرض للصيد البري حال الإحرام:
فلا يجوز للمحرم اصطياد شيء من حيوانات البر.
-ما يُستثنى من تحريم الصَّيد: يُستثنى من تحريم الصَّيد ما يلي:
- الحيوانات الخمسة الواردة، بقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (خَمْسٌ مِنَ الدَّوَابِّ ليسَ علَى المُحْرِمِ في قَتْلِهِنَّ جُنَاحٌ: الغُرَابُ، وَالْحِدَأَةُ، وَالْعَقْرَبُ، وَالْفَأْرَةُ، وَالْكَلْبُ العَقُورُ).
-ويستثنى من الحيوانات المحرم صيدها الآتي: الحيوان المؤذي بطَبعه، كالأسد، والنمر، والفهد، وسائر السِّباع؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (يقتلُ المُحْرِمُ السَّبعَ العادي).
-الهَوامّ والحشرات؛ فقد ذهب الجمهور من الشافعية، والحنفية، والحنابلة إلى أنّها ليست من الصَّيد، ولا جزاء على من قَتلها، وذهب المالكيّة إلى القول بالجزاء على من قتل ما لم يكن مُؤذِياً منها. صَيد البحر مُطلَقاً؛ لقوله -تعالى-: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَّكُمْ)، وذبح المواشي الإنسيّة، كالأنعام؛ من بقر، وإبل، وغنم، وكلّ طير لا يطير في الهواء، كالدجاج، والبطّ.
-الفسوق والجدال من المحظورات:
ويقصد بالفسوق ارتكاب المعاصي من نميمة وغيبة وسب أو السرقة وقول الزور وكل أنواع المعاصي، أما الجدال فهو المجادلة في الحديث، وفقاً لقوله تعالى "فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج".
- قَطع شجر وحشيش الحَرَم :
اتّفق الفقهاء على حُرمة قطع شجر الحَرم الذي أنبته الله -تعالى-؛ سواءً على المُحرم أو غير المُحرم، كما يحرم قَطع الرَّطْب من النبات، وإزالة الشوك إلّا الإذخر؛ لقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- عن البلد الحرام: (فَهو حَرَامٌ بحُرْمَةِ اللَّهِ إلى يَومِ القِيَامَةِ، لا يُعْضَدُ شَوْكُهُ، ولَا يُنَفَّرُ صَيْدُهُ، ولَا يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلَّا مَن عَرَّفَهَا، ولَا يُخْتَلَى خَلَاهُ فَقالَ العَبَّاسُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إلَّا الإذْخِرَ فإنَّه لِقَيْنِهِمْ ولِبُيُوتِهِمْ، قالَ: إلَّا الإذْخِرَ). وقد استُثنِي من التحريم ما انقطَع من الشجر، أو كُسِر من الأغصان، أو سقط من الأوراق من تلقاء نفسه، أمّا الجزاء المُترتّب على قَطع شجر الحرم الذي أنبته الله، فقد تنوعت آراء الفقهاء في حُكمه على النحو الآتي: قال مالك: يأثم فاعله ولا جزاء فيه. وقال أبو حنيفة: يُؤَخَذ بقيمته هدي.
وقال الشافعيّ وأحمد: تُفتدى الشجرة العظيمة ببقرة، والصغيرة بشاة. بينما يجوز قطع شجر الحَرم الذي استَنبته الآدميّ عند الحنفية، والمالكية، والحنابلة، ويَحرُم ذلك عند الشافعيّة وفيه الجزاء، واستدلّوا بقول رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: (إنَّ إبْراهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وإنِّي حَرَّمْتُ المَدِينَةَ ما بيْنَ لابَتَيْها، لا يُقْطَعُ عِضاهُها)
*ثانياً: المحظورات على الرجال فقط
أما المحظورات على الرجال تتمثل في الآتي:
1. التجرد من المخيط، بمعنى عدم ارتداء الملابس والأحذية المعتادة.
2. عدم تغطية الرأس بملاصق، والمقصود به العمامة، والطاقية، والقبعة، أو الغترة، وكذلك عدم تغطية الوجه.
ثالثاً: المحظورات على النساء فقط
وهناك حكم خاص للنساء، فإذا طرأ عليها دم الحيض أو النفاس فيحظر عليها دخول المسجد الحرام، إلا إذا خافت إلغاء حجز السفر أو فوات رفقة، أو الفوج الآتية معه، فلها أن تستخدم الاجتهاد الفقهي الذي يبيح ارتداء حفاضة تمنع سيلان الدم من الموضع إلى ملابسها أو إلى الحرم، ولها أن تطوف إذا كانت مضطرة، ويسقط عنها طواف الوداع وتكتفي بطواف الإفاضة، كما يحرم عليها دخول المسجد النبوي وقراءة القرآن.
ومن المحظورات الخاصّة بالنساء:
يحرم على المرأة المُحرِمة أن تستر وجهها بالنقاب، وكفّيها بالقفّازين، قال الرسول -صلّى الله عليه وسلّم-: (ولَا تَنْتَقِبِ المَرْأَةُ المُحْرِمَةُ، ولَا تَلْبَسِ القُفَّازَيْنِ)، إلّا أن تسترهما لعُذر؛ فجاز لها ذلك مع الفِدية، كما يُباح لها أن تستر كفَّيها بغير القفّازين؛ كالكُمّ أو خرقةٍ تلفّها عليهما وأنَّه يترتب على ارتكاب أي من هذه المحظورات فدية وكفارة.