عادة ما يميل الشخص إلى من هم يشبهونه سواء في المظهر أو الأفكار أو المستوى الاجتماعي، بل إن البعض قد يعتبر أن الاختلاف سبب للقلق ومن ثم الخلافات. لكن الأمر في العصر الحالي لا يمكن أن يستمر كذلك، لأننا أصبحنا أمام متغيرات حثيثة تؤثر على الثقافة و المظهر و الأفكار، من ثم علينا جميعًا أن نتقبل الآخر مهما اختلف معنا.
من ناحية أخرى فإن الاختلاف ليس فرصة سلبية تنتقص من الشخص، بينما هو فرصة للتطوير من حيث الانفتاح على الآخر وتجربة أفكار جديدة، وفي نفس الوقت التكيف مع المتغيرات الذي بدوره سيعزز المرونة لدى الشخص.
إعداد: إيمان محمد
الاختلاف فرصة للنمو
في حين يشعر العديد من الناس بعدم الراحة عند الالتقاء بأشخاص يختلفون عنهم كثيرًا إلا أن الخبراء قد يعدون هذه التجربة فرصة للتطور، فحسب Medium فإن الاختلاف ليس شيئًا نخافه، بل فرصة لنتعلم. ويشير الموقع إلى أن تقبل الاختلافات لا يعني أن نغير معتقداتنا أو نخفي هويتنا، بل أن ندرك أنه يمكن رؤية العالم من منظور آخر لأن بهذه الطريقة ينضج الفكر وقد يصبح لدينا فرصة أكبر لحل النزاعات وبناء علاقات سليمة وصحية. بل ويعد موقع الاختلاف و التعامل معه فرصة لتقبل الذات قبل الآخر؛ لأننا في هذه الحالة نؤمن بأن لكل شخص تجربته وشخصيته وليس بالضرورة أن نسير جميعًا الطريق نفسه.

عقلية النمو الطريق لتقبل الاختلاف
من ناحية أخرى، يسلط تقرير نشر في INSEAD Knowledge الضوء على ما يسمى بـ "عقلية النمو" كمحفز فعال لتقبل التنوع. يشير التقرير إلى أن الأشخاص الذين يمتلكون عقلية النمو يؤمنون بأن القدرات والمهارات يمكن تطويرها عبر التجربة والتعلم، وهم أكثر قابلية للتفاعل الإيجابي مع من يختلفون عنهم. هذا النوع من التفكير يجعلهم أقل خوفًا من الخطأ أو التغيير، وأكثر تقبلًا للرؤى الجديدة. عندما يتحلى الشخص بعقلية النمو لا يرى أن أي اختلاف يشكل تهديدًا عليه بينما يراه فرصة للنقاش و التعلم.
فوائد تقبل الاختلافات على حياتك الشخصية
كما سبق وتحدث الخبراء، فإن الاختلاف ليس تهديدًا بل فرصة ذهبية لتطوير الشخصية وتعزيز العلاقات الاجتماعية، كما أن له فوائد أخرى على السلام الداخلي والصحة النفسية، وحدد موقع Medium أن تقبل التنوع لا ينعكس فقط على جودة العلاقات الاجتماعية، بل يترك أثرًا كبيرًا على السلام الداخلي والصحة النفسية. وعدد فوائد الاختلاف كالتالي:
- كسر الصور النمطية والأحكام المسبقة.
- بناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل لا التشابه السطحي.
- اكتساب مرونة نفسية وفكرية في مواجهة التحديات.
- التعايش مع الاختلاف لا يضعف هويتك، بل يقوّيها، لأنك تدرك قيمتها من خلال المقارنة لا الرفض.
كيفية تطوير العقل لتقبل الاختلاف
قد يرى البعض أن العقل يتطور من خلال حفظ المعلومات، لكن الخبراء دحضوا هذه الفكرة وقالوا إن هذا التطور يتحقق تدريجيًا من خلال طرح الأسئلة، فالعقل المتطور لا يبحث عن تأكيد قناعاته، بل يسعى لتحديها، وتوسيعها، وتحليلها من زوايا جديدة.
وهنا يلعب الاختلاف دورًا أساسيًا، لأنه يحفز على رؤية أنماط جديدة من التفكير، ويضعنا في مواقف تتطلب مرونة، ما يضطر الشخص للتعلم المستمر و المرونة والتكيف، ويشير التقرير السابق بشكل واضح إلى أن "الوعي بتنوع العالم، تزداد قدرتك على التفكير النقدي واتخاذ قرارات متزنة".
كيف تتقبل الآخر وتطور شخصيتك؟
بناء على ما ورد في المقالتين السابقتين، إليكِ خطوات عملية تساعدك على تطبيق هذا المفهوم في حياتك اليومية:
الاستماع النشط
عندما نتعرض لشخص يختلف كثيرًا عن طبيعتنا فقد يلجأ البعض لسلوك دفاعي، من خلال تجهيز الرد أثناء الاستماع، دون إعطاء الفرصة للاستيعاب الكامل لنهاية الحديث، وهو خطأ يُصعب المهمة.
القراءة و الاطلاع خارج دائرة الاهتمام التقليدية
عادة ما نميل إلى منطقة الراحة، وهي الاطلاع و التفاعل مع المألوف لدينا، لكن هذا سلوك لا يدفع نحو التطور والنمو. لذلك من الأفضل متابعة محتوى من ثقافات أو آراء لا يعرفها الشخص جيدًا.
الاحتكاك بأشخاص من خلفيات مختلفة
ابحث عن المختلفين، لأنهم فرصة للتطور والتعلم. يمكنك تحقيق ذلك في بيئات متعددة مثل بيئة العمل، التطوع، أو حتى عبر الإنترنت. لا تدع فرصة لا تحتك فيها بأشخاص مختلفين عنك.
تدرب على عدم إصدار الأحكام الفورية
وهي أحد الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الشخص، حين يتسرع ويقرر إصدار حكم على موقف أو شخص دون التروي و الدراسة الجيدة. من الأفضل أن تأخذ لحظة لتفكر "لماذا يعتقد الشخص ذلك؟" بدلًا من "كيف يقول هذا؟"
الاستثمار في الوعي الذاتي
يتحقق الوعي الذاتي حين نلامس أنفسنا الحقيقية بعيدًا عن الضغوطات اليومية، ويمكن تحقيق ذلك من خلال التأمل، الكتابة اليومية، أو حتى جلسات التحدث مع النفس بصدق.
العالم لم يأت ليكون نسخة واحدة بينما الأصل في الحياة هو التنوع و الاختلاف وتجربة الجديد بهدف التطور والنمو، كل اختلاف تقابله في حياتك هو درس صغير في الوعي، وكل لحظة تتقبّل فيها وجهة نظر لا تشبهك، فأنت تنمو فكريًا وعاطفيًا وبالطبع هذا التطور و النمو ينعكس لاحقًا على التطور المهني كذلك.
اقرأي أيضًا حقائق لا يُدركها الإنسان: دروس خفية في الحياة تُشكّل وعينا