mena-gmtdmp

تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على طموح الشباب وتركيزهم

السوشيال ميديا تسبب التشتت - المصدر freepik
السوشيال ميديا تسبب التشتت - المصدر freepik

باتت وسائل التواصل الاجتماعي جزءاً أصيلاً من تفاصيل الحياة اليومية، وصحيح أنه أمر له جانب إيجابي من حيث التواصل والاطلاع، لكن قد يبدو كذلك مصدر ضغط كبير، بسبب تأثير مواقع التواصل على التركيز والطموح، لاسيما لدى الشباب.
تزايدت التساؤلات حول تأثير السوشيال ميديا على الصحة النفسية، وبشكل خاص على تركيز الشباب وطموحاتهم. فهل أصبحت منصات مثل إنستغرام وتيك توك  وغيرها من منصات وسائل التواصل على سبيل المثال أدوات للتحفيز، أم عوائق تشتت الانتباه وتشتت الأحلام؟
يمكننا الإجابة عن هذه التساؤلات من خلال تحليل عدة دراسات وتقارير دولية، نرصد في هذا التقرير التوازن المعقد بين الإلهام والتشتت الذي تفرضه هذه المنصات على الجيل الرقمي.

إعداد: إيمان محمد

وسائل التواصل الاجتماعي تدفع نحو المقارنات

تشير دراسة نشرها موقع Psychology Today إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تقدم صورة انتقائية ومثالية عن حياة الآخرين، وهو أمر عارِ عن الصحة، وهذا من شأنه يدفع الشباب إلى مقارنة أنفسهم باستمرار مع غيرهم. هذه المقارنات تؤدي إلى انخفاض تقدير الذات بل والشعور بالدونية، لذلك يختفي تدريجياً الحافز الداخلي وقد يشعر الشاب أو الفتاة بضياع الحلم وطموحات المستقبل. فبدلاً من أن تكون الأهداف نابعة من الداخل، تتحول إلى سعي وراء المعايير التي تحددها "الترندات" الرقمية.

مجموعة من الشباب يلتقطون صورة جماعية - المصدر freepik

تأثير الإشعارات على التركيز

إذا كانت الدراسة السابقة قد ركزت على المقارنات في مواقع التواصل الاجتماعي وتأثيرها على الطموح، فإن ثمة بُعداً آخر شديد الأهمية، وهو تأثير منصات التواصل الاجتماعي على التركيز. وفي هذا الصدد أشارت دراسة نشرت في مركز Pew Research Center لعام 2022، أفادت أن العديد من الشباب يجدون صعوبة في الحفاظ على انتباههم خلال الدراسة أو القراءة بسبب التدفق المستمر للإشعارات والتنبيهات من التطبيقات. وأشارت إلى أن بعض الفتيات في الدراسة يشعرن بأن أدمغتهن تعمل بطريقة "مشتتة"، حيث يصعب عليهن التفرغ الكامل لأي مهمة.
أيضاً، الاستخدام المكثف لوسائل التواصل يرتبط بزيادة معدلات القلق واضطراب الانتباه بين الشباب، وحسب الدراسات فإن قضاء أكثر من ثلاث ساعات يومياً على هذه المنصات كفيلة بزيادة احتمالية تراجع الأداء الأكاديمي، كما يقلل من قدرات التركيز والتحليل العميق للمعلومات.

طموح الشباب في العصر الرقمي

من ناحية أخرى، لا يمكن إنكار أن وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت في تعزيز طموحات بعض الشباب، خاصة أولئك الذين وجدوا في هذه المنصات مساحة للتعبير عن الذات وعرض المواهب. فالمؤثرون وصناع المحتوى أصبحوا قدوة جديدة، يحفزون الآخرين على تطوير مهاراتهم وبناء مسارات مهنية غير تقليدية. لكن وفقاً للدراسة سالفة الذكر، فإن هذا التأثير الإيجابي ترافقه ضغوط عالية، حيث يشعر الشباب بالحاجة المستمرة للتميز والتفوق رقمياً، مما قد يؤدي إلى الإرهاق والقلق.

تأثير المقارنات السامة على الشباب

وبالعودة إلى الدراسة عينها، فإن وسائل التواصل الاجتماعي عززت روح "التنافسية السامة"، حيث يتم تقييم الإنجاز من خلال عدد الإعجابات أو المشاركات، وليس بناءً على القيمة الحقيقية لما يتم تحقيقه.
وبحسب الخبراء، فإن هذا النمط التنافسي يصنف كنوع "سلبي" لأنه يعزز الطموح السطحي ويقلل من التقدير للجهود الفردية طويلة الأمد. وهو ما يعرف بظاهرة “المقارنة السامة” التي تؤثر سلباً على تقدير الذات وعلى الأهداف الواقعية التي قد يسعى إليها الشباب.

نصائح لتقليل التأثير السلبي لمنصات التواصل على الشباب

ينصح الخبراء بعدة استراتيجيات للتقليل من تأثير السوشيال ميديا على تركيز وطموح الشباب، منها:

التحكم في وقت الاستخدام

واحدة من أكبر أخطاء استخدام السوشيال ميديا، هو “اللا وقت” أي يرافقنا الهاتف على مدار اليوم من دون الانتباه لعدد ساعات الاستهلاك، لذلك، يجب تخصيص أوقات محددة للتصفح الرقمي واستخدام تطبيقات لتتبع الوقت.

تحفيز الطموح الواقعي

سبق وذكرنا أن المقارنات غير الواقعية تؤثر على الطموح، لذلك ينصح بتشجيع الشباب على وضع أهداف حقيقية لا ترتبط بمقاييس الشهرة الرقمية.

تعزيز الوعي الرقمي

يمكن تخطي سلبيات منصات التواصل الاجتماعي من خلال تعزيز الفهم، وقد يتحقق ذلك بالاهتمام ببرامج تعليمية تسلط الضوء على التأثير النفسي للمقارنات الاجتماعية.

الاستراحة الرقمية

سبق وحذر الخبراء من فكرة الوقت وعدد الساعات اللانهائي الذي قد يقضيه الشاب أمام السوشيال ميديا. علينا أخذ استراحات منتظمة بعيداً عن الشاشات لتعزيز الصحة الذهنية.
وسائل التواصل الاجتماعي ليست شراً مطلقاً، لكنها تتحول إلى ذلك عند سوء الاستخدام وفقدان الوعي بالتأثيرات التي قد تتسبب فيها، كما يجب أن يظل الواقع هو المحرك الرئيسي لطموح المستقبل، لأن الحياة خلف الشاشات على الأغلب "مفبركة".
اقرأوا أيضاً الحب في زمن التكنولوجيا.. هل هو افتراضي أم حقيقي؟