يعدُّ أول مغنٍّ سعودي يقتحم مجال الأوبرا، على الرغم من صغر سنه، إذ يبلغ من العمر 25 عاماً. عشق الغناء، فتخصَّص في المجال، واختار تحديداً الموسيقى الكلاسيكية، وأبدع فيها نظير ما يمتلكه من موهبةٍ كبيرة، استفاد منها إلى جانب دراسته الأكاديمية. في بداياته الفنية، واجه عوائق كثيرة، وقفت أمام تقديمه لنفسه، في مقدمتها عدم تلقيه التشجيع الكافي، لكنه أصرَّ على النجاح موسيقياً، حيث طوَّر أدواته، وعزَّز خبراته حتى وصل إلى المجد. الفنان السعودي خيران الزهراني، في حواره مع «سيدتي» تحدث عن مشواره الموسيقي، ومشاركاته الأوبرالية، كما كشف عن نظرة المجتمع لهذا الفن. وتحدث عن مشاركته في ثالث الأمسيات الغنائية التي نظَّمتها وزارة الثقافة ضمن مهرجان «الأوبرا الدولي» الأول، الذي أقيم على مسرح أبو بكر سالم في «بوليفارد الرياض».
حدِّثنا عن مشاركتك في مهرجان «الأوبرا الدولي» الذي نظَّمته وزارة الثقافة؟
سعيدٌ جداً بمشاركتي في المهرجان الأول للأوبرا، الذي نظَّمته وزارة الثقافة، وقدَّمت فيه وصلةً أوبرالية عبارةٌ عن مقطوعتين من تراث المؤلف الموسيقي هنري برسل، هما king arthur what power art thou وo let me weep، كما غنَّيت الفصل الأخير Nessun dorma من الأوبرا ذائعة الصيت «توراندوت»، المعروفة بقصتها الكلاسيكية عن الأميرة الباردة، إضافة إلى أول أوبرا سعودية بعنوان «أعلى وأمجدُ» من قصائد الشاعر حسان بن ثابت، بلحن «أؤلّف» ليتناسب مع صوتي دون عزف الأوركسترا، وأتبعته بأسلوب «أكابيلا» الغنائي، الذي يعدُّ من الأداءات الغنائية الصعبة لاعتمادي كلياً على صوتي وتعويضي الآلات الموسيقية، واختتمت فقرتي بمقطوعة Melodramma.
كيف جاء مشوارك في عالم الأوبرا؟
لطالما آمنت بأن الله عز وجل لا يعطيك شيئاً دون أن تسعى إلى تحقيقه، وهذا ما نستخلصه من قصة مريم، عليها السلام: «وَهُزِّىٓ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَٰقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جنياً». دخلت الفن بعد أن تعبت على نفسي كثيراً، وطوَّرت من مهارتي الفنية، واستطعت تحقيق غايتي بفضل الله أولاً، ثم بثقتي في قدرتي على النجاح.
تابعي المزيد: الثقافة السعودية تنظم ورشة تلقي من خلالها الضوء على "تاريخ الأوبرا" بمهرجان "الأوبرا الدولي"
اجتهدت في تطوير نفسي
مَن الذي اكتشف موهبتك الفنية؟
لم يكتشفها أحدٌ، أنا مَن اكتشف هذه الموهبة، واجتهدت في تطوير نفسي، ووصلت إلى هدفي لأنني آمنت بإمكاناتي، وحاربت من أجل إظهارها وتحقيق النجاح. لا أخفيكم، كان من الصعب عليَّ شقُّ طريقٍ جديدٍ في حياتي، لم أعتد على السير فيه، وصعبٌ جداً، لكنني استطعت بإصراري على بلوغ غايتي ونيل مرادي. هذا الطريق كان له لذته الخاصة، التي أنستني كل تعبٍ شعرت به.
هل وجدت تشجيعاً عند اقتحامك هذا المجال؟
كلا، في بداياتي لم أجد تشجيعاً من أي أحدٍ مع الأسف! لذا اعتمدت على نفسي، وشجَّعتها وحفَّزتها، لأنني مؤمنٌ بموهبتي الفنية.
يعني كلامك أنك وجدت معارضةً ورفضاً لدخول الفن من كل المحيطين بك؟
نعم، مع الأسف، كل الذين أعرفهم رفضوا تشجيعي على اتخاذ هذه الخطوة، بل وكشفوا عن رفضهم أن أصبح فناناً.
الآن وقد نجحت، وأصبحت أول مغني أوبرا سعودي، هل يحمِّلك هذا مسؤوليةً أكبر؟
بالتأكيد. هي مسؤوليةٌ فنيةٌ كبيرة، كما هو الحال مع الممثل، وأفتخر بتقديم هذا الفن باسم وطني، وأعدُّه هدفاً كبيراً، أسعى إلى تحقيقه والمنافسة فيه. أن أكون الأول لا يعني أنني الأفضل، لكنني أجتهد بطريقةٍ احترافية لأن أصبح كذلك في مجالي.
قدَّمت أول أغنيةٍ عربية بالطريقة الأوبرالية في مسرح ليالي، حدِّثنا عنها؟
وقتها لم أستطع تقديم الأغنية مباشرةً بسبب جائحة كورونا، فأتاح لي مسرح ليالي الفرصة لتسجيلها خلال شهر رمضان، وسُعدت جداً بردة فعل الجمهور بعد الاستماع إليها، ما حفَّزني على مواصلة المشوار.
تابعي المزيد: سوسن البهيتي وجوزيف كاليها يفتتحان مهرجان الأوبرا الدولي على مسرح أبو بكر سالم
تجربةٌ لا تنسى
شاركت مع فنانين في إحياء حفلٍ فني عسكري بإيطاليا، كيف تصف التجربة؟
تجربةٌ لا تنسى. الحمد لله استطعت، على الرغم من صغر سني، أن أغني إلى جانب فنانين محترفين في المجال، يسبقونني بعقودٍ، ويمتلكون خبراتٍ واسعة، وأفتخر بأن أكون أول سعودي يُعترف به عالمياً في الأوبرا الإيطالية.
هل تعرَّضت للمضايقة بعد اختيارك هذا الفن؟
مع الأسف، نعم. مجتمعي عامةً، ومحيطي بشكلٍ خاص معتادٌ على طريقة غناءٍ معينة، تخلو منها الأوبرا، لذا تعرَّضت إلى بعض المضايقات، لأنني سلكت طريقاً مختلفاً، ولم يتقبَّل الكثيرون فني، لكنني بفضل الله تجاوزت تعليقات «المتنمِّرين».
حالياً، هل تجد تقبُّلاً من المجتمع لفن الأوبرا؟
اليوم ألمس اختلافاً «إيجابياً» في تعاطي المجتمع مع الأوبرا، كما أن الوعي الثقافي بأهمية هذا الفن يزداد تدريجياً في السعودية عاماً بعد آخر.
جمهور الأوبرا، هل ينتمي إلى فئةٍ عمريةٍ معينة؟
كلا، جمهور الأوبرا يشمل كل الفئات، لكنه يتميَّز بمستوى الثقافة العالي.
ما نوعية الأغنيات التي تؤديها في الأوبرا؟
أقدم أغنياتٍ أوبرالية من حقبٍ مختلفة، مثل الباروك، والأوبرا الكلاسيكية، إضافة إلى «الأوبرا الدينية»، مثل أغنيتي «أعلى وأمجد».
كيف تقيِّم مشاركتك في مهرجان أبوظبي، الذي غنَّيت فيها الأوبرا بالعربية؟
مهرجان أبوظبي للغناء تبنَّاني بوصفي موهبةً سعودية، وأضافت لي المشاركة فيه الكثير، حيث مُنِحت الفرصة لأكون أول سعودي يقدم هذا الفن، وتمَّ الاعتراف بي في الإمارات فنانَ أوبرا سعودياً، وقدَّمت فيه أغنيةً أوبرالية باللغة العربية، تمثِّل وطني.
بمَن تأثَّرت عند اختيارك هذا اللون الفني، ومَن مثلك الأعلى فيه؟
تأثَّرت بالدكتورة والمؤلِّفة الموسيقية هبة القواس، التي أشرفت عليّ وعلى تأليف أغنيتي. هبة سبقتني في المجال، لذا أتعلَّم منها الكثير في كل مرة ألتقيها.
تابعي المزيد: سوسن البهيتي تتحدث لـ "سيدتي" عن مشاركتها في مهرجان الأوبرا الدولي: سعيدة جداً بتطور الأوبرا من السعودية للعالم
هناك موهوبون كثرٌ صاروا نجوماً بفضل مواقع التواصل الاجتماعي
عندما قدَّمت أغنيتي «رسالة سلام»، كنت أهدف إلى نشر المحبة والسلام بين جميع الناس
الموهبة شرطٌ أساسي
هل واجهتك صعوباتٌ معيَّنة في البدايات؟
نعم، عانيت من صعوباتٍ كثيرة، لكنني تخطيتها بوقوف أصدقائي المقرَّبين مني إلى جانبي، وقد زاد هذا الأمر من إصراري على تحقيق ما أطمح إليه بأن أصبح أول فنان أوبرا سعودي، له خطه الخاص، وطريقته المميزة لإبراز هذا الفن الراقي.
هل يختلف جمهور حفلات الأوبرا عن جمهور الحفلات الأخرى؟
بالتأكيد. لكل فنٍّ جمهور خاص، يحبه ويحرص على حضور حفلاته، وعلى الرغم من أنني فنان أوبرا، إلا أنني قادرٌ على غناء أي لونٍ لقوة حنجرتي.
مقارنةً مع صعوبة الأوبرا كل فنٍّ آخر يسهل تقديمه بالنسبة لي، وهذا ما يميِّز فنان الأوبرا.
ما الألوان والأنماط التي تقدمها؟
أغني الأوبرا، والجاز، والبوب، والسول ميوزك، وألواناً أخرى.
مطربون تأثَّرت بهم، وتغنِّي لهم دائماً؟
هناك عددٌ من الفنانين الذين أحبُّ الغناء لهم، وتأثَّرت بهم كثيراً، منهم أندريا بوتشيلي، ولوتشيانو بافاروتي، وماريا كالاس.
حالياً، ما الأهم في الفن: الموهبة، أم الحظ، أم «الواسطة»؟
من وجهة نظري، الموهبة شرطٌ أساسي للوصول إلى قلوب الجمهور، لكنها تحتاج إلى «الواسطة» في أيامنا الحالية، فدونها سيكون الطريق صعباً كما حدث معي، حيث عانيت كثيراً لتحقيق هدفي، أما الحظ فلا أؤمن به، بل بتوفيق الله.
تابعي المزيد: اليوم الثاني لمهرجان الأوبرا الدولي.. عذوبة صوت وموسيقى بهية
أسعى إلى تقديم رسائل عدة
هل حصلت على جوائز خلال مشاركاتكِ الفنية؟
لم يحدث أن قُدِّمت جوائز خاصة بالأوبرا لأحصل عليها.
ما مدى تأثير الـ «سوشال ميديا» في اكتشاف المواهب، وانتشار الفنان؟
لها أثرٌ إيجابي من حيث انتشار الموهوب، وتعريف الجمهور به. هناك موهوبون كثرٌ صاروا نجوماً بفضل مواقع التواصل الاجتماعي.
بوصفك فناناً أوبرالياً، هل تسلَّط الأضواء عليك حالياً أكثر من السابق؟
نعم. اليوم تسلَّط الأضواء على كل المواهب الفنية السعودية، ما يمنحنا دفعةً قويةً للاستمرار والتألق.
كيف تحافظ على صوتك؟
المحافظة على الصوت تتطلب أموراً عدة، منها الابتعاد عن المأكولات الحارّة، وشرب القهوة بكثرة، وأداء تمارين الصوت يومياً، وهذا ما أفعله دائماً.
ما الأشياء التي تلهمك؟
الإلهام يأتي من أشياء كثيرة، وبطبيعتي يلهمني الناجحون الشغوفون الذين يحققون أحلامهم وطموحاتهم من العدم، حيث أستمدُّ منهم قوتي.
لكل فنانٍ رسالةٌ، يسعى إلى إيصالها لجمهوره من خلال أعماله، ما رسالتك؟
مثل أي فنانٍ، أسعى إلى تقديم رسائل عدة من خلال أعمالي. عندما قدَّمت أغنيتي «رسالة سلام»، كنت أهدف إلى نشر المحبة والسلام بين جميع الناس، وحينما قدَّمت «اللغة العربية»، أردت التأكيد على جمالية اللغة العربية.
تابعي المزيد: زُوار مهرجان الأوبرا الدولي مبهورون.. و"سيدتي" تستطلع تجاربهم
أفضل صفةٍ في المرأة
ما هواياتك المفضَّلة؟
أعشق السفر لاكتشاف مناطق جديدة في كل مرة.
مَن مطربك أو مطربتك المفضَّل؟
لوتشيانو بافاروتي، وماريا كالاس.
ما برجك؟
لا أهتم بالأبراج كثيراً، ولا يهمني إلى أي برجٍ أنتمي.
شخصٌ يؤثر بك بشدة؟
الفنانون عادةً حسَّاسون جداً في جوانب كثيرة من حياتهم، ويتأثَّرون أسرع من غيرهم. من جهتي، كل شيءٍ حولي يؤثر بي إيجاباً، أم سلباً.
ما أكلتك المفضَّلة؟
طبقي المفضَّل، هو الطبق الذي لم أجرِّبه بعد.
ما رأيك في الحب، الحياة، السعادة، الأمل، الشهرة؟
أستطيع أن أجمع بين كل هذه الكلمات بالقول: لا توجد حياة من غير حب، ولا توجد حياة من غير سعادة، ولا توجد حياة من غير أمل، أما الشهره فحالةٌ مؤقتة، وعملك هو الدائم.
ما مواصفات المرأة المثالية من وجهة نظرك؟
أفضل صفةٍ في المرأة أن تُقدِّر وتحب ما أفعله، وتساعدني فيما أصنعه، وأن تكون عوناً لي، وألَّا تؤخِّر نجاحي بعدم تفهمها طبيعة موهبتي.
ما طموحاتك ومشاريعك المستقبلية؟
بناء جسرٍ ثقافي بين السعودية وإيطاليا، ونشر الثقافتين واللغة العربية.
تابعي المزيد: خيران الزهراني ودانيل دينيس يختتمان مهرجان الأوبرا الدولي