الفن المفاهيمي فن فكري بشكل مفرط، يتم فيه دعوة الجمهور المتلقي لتجاوز سياقات التفكير التقليدية، وتخطي معايير وقياسات الإبداع الاعتيادية، حيث تُعد الفكرة أو المفهوم أهم جانب من جوانب العمل الفني بل قد تكون أكثر أهمية من العمل الفني نفسه.
والمفاهيمية كحركة تقدّر الأفكار على المكونات الشكلية الشكلانية أو المرئية البصرية للأعمال الفنية. وقد اتخذت أشكالًا لا تعد ولا تحصى، ومن منتصف الستينيات حتى منتصف السبعينيات، أنتج فنانو الفن المفاهيمي كم هائل من أعمال وكتابات رفضت تمامًا الأفكار القياسية للفن. سيدتي التقت أميرة نجيب – فنانة تشكيلية لتحدثك عن الفن المفاهيمي ماهيته وأصوله في السياق التالي.ز
تقول أميرة نجيب لسيدتي: "في الفن المفاهيمي، تعتبر الفكرة أو المفهوم أهم جانب من جوانب العمل. عندما يستخدم الفنان شكلاً مفاهيميًا للفن، فهذا يعني أن كل التخطيط والقرارات يتم اتخاذها مسبقًا والتنفيذ التقني أوالإبداع الفني أمر روتيني."
• أصول الفن المفاهيمي
• خلق موقف منفتح تجاه الفن
تؤكد أميرة أنه في أوائل الستينيات، كان مصطلح "مفهوم الفن" مستخدمًا بالفعل من قبل أعضاء حركة Fluxus والتي احتضنت فنانين من آسيا وأوروبا والولايات المتحدة. وكانت الحركة تدور حول خلق موقف منفتح تجاه الفن، بعيدًا عن حصرية الحداثة. كان فنانو Fluxus مهتمين بتوسيع نطاق مرجعية الجمالية نحو أي شيء، من كائن إلى صوت أو عمل. من بين فناني Fluxus المشهورين: يوكو أونو، التي كانت نشطة في مجموعة واسعة من أنشطة Fluxus في كل من نيويورك وموطنها الأصلي اليابان، وجوزيف بويز في ألمانيا. وإن لم يكن الأمر كذلك دائمًا يعتبر Fluxus جزءًا من حركة الفن المفاهيمي.
تابعي المزيد: الروسية يوليا برودسكايا تبدع لوحات ثلاثية الأبعاد بفن الكولينغ
• إخراج العمل الفني من الجدار إلى مساحة ثلاثية الأبعاد
تستكمل أميرة: كانت أهم نقطة انقسام حاسمة بين ممارسات الحداثة وممارسات الحداثة المضادة في أواخر الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن الماضي، مجموعة اللوحات السوداء لفرانك ستيلا والتي أدت لظهور الفن البسيط والمفاهيمي، لافتة أن الهدف من هذه الأعمال كان التأكيد حرفيًا على شكل اللوحة وتكرارها، وإخراج العمل من الجدار إلى مساحة ثلاثية الأبعاد، وكان هذا هجومًا على الحداثة أدى إلى ظهور شيء كان مناهضًا تمامًا للشكل. وقد أصبح العمل الفني يتعلق بالأفعال والأفكار، ومن هذه النقطة فصاعدًا، بدا الأمر وكأن بوابات الإبداع قد انفتحت وانتقل الفنانون إلى منطقة جديدة تمامًا. فقد وصلت الحداثة لنهايتها.
• ظهور مصطلح "الفن المفاهيمي" conceptual art
تقول أميرة: بدأ الفن المفاهيمي يتبلور كاملُا مع مقالة Sol LeWitt في عام 1967 بعنوان "فقرات حول الفن المفاهيمي" في Artforum، وكانت أحد أهم الكتابات حول المفاهيمية، وقد قدم سول لويت الفن المفاهيمي باعتباره الحركة الطليعية الجديدة، على أنه في الواقع، ظهر مصطلح "الفن المفاهيمي" لأول مرة في هذه المقالة. أصبح افتتاح مقال LeWitt يشكل البيان العام للنهج المفاهيمي.
ففي الفن المفاهيمي، تعد الفكرة أو المفهوم أهم جانب في العمل وعندما يستخدم الفنان شكلاً مفاهيميًا في الفن، فهذا يعني أن كل التخطيط والقرارات يتم اتخاذها مسبقًا والتنفيذ أمر روتيني. وتصبح الفكرة آلة تصنع الفن.
• الفن المفاهيمي حول العالم..
تقول أميرة: لم تكن المفاهيمية مهمة في الولايات المتحدة الأمريكية وإنجلترا فحسب، بل تم استكشافها وتطويرها على نطاق واسع في أجزاء أخرى من العالم، في فرنسا لم يكن هدف الفن لفت الانتباه إلى اللوحات نفسها ولكن إلى التوقعات التي أوجدها السياق الفني الذي وضعت فيه. وفي إيطاليا، ظهر Arte Povera في عام 1967، وركز على صنع الفن دون قيود الممارسات والمواد التقليدية.
في أمريكا اللاتينية، اختار الفنانون ردودًا مباشرة في عملهم أكثر من الفنانين المفاهيمين في أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية. وفي الاتحاد السوفيتي، وصف الناقد الفني بوريس غروس مجموعة من الفنانين الروس الناشطين في السبعينيات بـ "مفهومي موسكو"، وقد قاموا بمزج الواقعية الاشتراكية السوفيتية مع البوب الأمريكي والمفاهيم الغربية.
بالنهاية تقول أميرة: "غالبًا ما يشار إلى المفاهيمية في الممارسة المعاصرة باسم المفاهيمية المعاصرة. وغالبًا ما تستخدم الأعمال الفنية المفاهيمية المعاصرة مناهج متعددة التخصصات، حيث تسعى دائما لمشاركة الجمهور ومؤسسات النقد والتسلسلات الهرمية المجتمعية، لافتة أن هياكل عالم الفن لم تكن هي وحدها التي شكلت هوية الفنانين المفاهيميين، بل كان هناك في كثير من الأحيان بعد اجتماعي وسياسي قوي لكثير من الأعمال التي ينتجونها.".
تابعي المزيد: السلويت فن اتخذ اسمه بطريقة طريفة..!