تعد قرية "غية" التي يطلق عليها لؤلؤة عسير السوداء، واحدة من العجائب الطبيعيّة في منطقة عسير، جنوب السعودية، حيث بنى الإنسان بيوته فيها فوق الصخور البركانيّة المتحجّرة. لتشكل لوحة بديعة غاية في الدهشة والجمال، والتي تعد اليوم واحدة من عجائب الطبيعة السعودية.
وجهة سياحية فريدة
تعد قرية غية ضمن الوجهات السياحيّة في منطقة عسير، لما لها من سحرٍ فريد. ومناظر ساحرة للجبال الشاهقة ومياه العيون الجارية.
ويستغرق الصعود إلى الجبل للوصول إلى قرية غية قرابة 4 ساعاتٍ بين تسلّق ومشي وأحياناً يحتاج إلى الزحف. وما يميّز رحلة الصعود إلى هذه القرية هو رؤية قمّة الجبال تعانق السحب.
وأخيراً فإن قرية غية بشواهدها وتاريخها تعتبر بحق واحدة من أعاجيب الجمال السياحي في السعودية، التي تعبر عن إرادة الإنسان في التعامل مع الطبيعة وقدرته على تذليلها لحياته، حيث استطاع أن يبني منازل فوق الحمم البركانية المتحجرة، ويضع بصمته الحضارية في شكل بيوت ونقوش وجماليات غاية في الروعة والدهشة .
موقع القرية
تقع قرية "غية" المعلقة تحديداً في شمال غرب منطقة عسير، في محافظة المجاردة. على سفح جبل تهوى البركانيّ والذي يعرف بـ(الصفي) وعلى ارتفاع أكثر من 700 متر من سطح البحر، حيث بنى أهلها بيوتاهم فوق حمم بركانية متحجرة، بعد مرور 180 مليون سنة على انفجار الجبل البركاني "تهوى"، والذي يُعرف بأنّه أكبر وأطول الصخور المتّصلة والممتدّة في المملكة.
تاريخ عريق
يعود تاريخ القرية المعلقة لمئات السنين، بحسب وزارة الثقافة السعوديّة مازالت تجثم في أعلى الجبل، كقرية معلقة شاهدة على تاريخٍ وتراث حضاري، لن يزول.
ولعلّ ما يميّزها هي الصخور الملساء -التي بنيت عليها البيوت – والتي تحيط بها من كلّ الاتجاهات، مكسوّة بشجر العرعر، والمدرّجات الزراعيّة المتنوّعة المجاورة للمنحدرات السحيقة. بينما الأودية الفسيحة فيها، مليئة بشجر النخيل والسدر والطلح والحناء.
مكونات القرية
وتتكوّن قرية غية من 35 منزلاً، إضافة إلى المسجد الأثريّ الموجود فيها، وعين الماء - المورد الوحيد للقرية. كما تنتشر المزارع حول القرية وكأنّها تطوّقها
وتشكل الأمطار التي تتساقط عليها في المواسم - الشلاّلات الوفيرة فيها، حيث تتدفّق بجوار المنازل، قبل أن تستقرّ في الأحواض التي تمّ حفرها بعرضٍ وعمقٍ وأطوال مختلفة للاستفادة منها بعد ذلك.
وبنيت منازل القرية من حجارة الجبل الذي تجثو فوقه، حيث عمل سكّانها على قصّها وتشذيبها ليتمكّنوا من بناء مساكنهم، بينما الأسقف فيها مصنوعة من الخشب بالإضافة إلى الرمال.
وتضمّ البيوت بعض الأدوات القديمة والتراثيّة التي يستخدمها السكّان، كحجر الرحى الذي يستخدم في طحن الحبوب، والأدوات الزراعيّة القديمة والبدائيّة، ولعل ما يميّز هذه البيوت النقوش المحفورة على صخورها، إضافة إلى الأبواب المزخرفة. ولصعوبة التنقلات في القرية، كان السكان يضعون مقابض من الجص على الصخور. وذلك لحماية أقدامهم من الانزلاق.