بملامحَ هادئةٍ، وإيماءاتٍ صادقةٍ، وحركاتٍ وإشاراتٍ تنمّ عن انفعالاتٍ تحمل في طيّاتها الكثير من المعاني، تُنسب إلى شخصٍ قنوعٍ وراضٍ، لم تنل قسوة الحياة من قلبه النقي الصافي، هو «عرفات» الشخصية التي تعلّق بها الجمهور من خلف شاشات التلفزيون وتفاعل معها وكأنها شخصيةٌ حقيقةٌ من لحمٍ ودم. ليتربع الفنان أحمد أمين الذي جسّد الشخصية التي ظهرت في أحداث مسلسل «جزيرة غمام» ببراعة وإتقان في قلوب الجمهور العربي، بعد حصده لقب الشخصية الدرامية الأكثر تأثيراً في الموسم الرمضاني المنصرم بشهادة الجمهور والنقاد الذين أثنوا على أدائه.
أهم ما يميز أداء «أمين» في شخصية «عرفات» التلقائية والعفوية، فهو فنانٌ متمكنٌ من أدواته الفنية، يوظّف كل موهبته في التوحّد مع الشخصيات التي يقدمها.
من يتأمل مشوار «أمين» يكتشف أنه صاحب موهبةٍ فنيةٍ خالصة، يحاول دائماً البحث عن الدور المتميز الذي يرفع رصيده ويثبت مكانته. ففي كل عمل يشارك فيه يؤكد أنه فنان شامل لا يصعب عليه أداء أي لون درامي. «سيدتي» التقت الفنان أحمد أمين، لمعرفة كواليس تحضيره لشخصية «عرفات» رجل الحق صاحب الكرامات، الذي لا يتوانى في مساعدة الغير، وكواليس ترشحه، وعن تحضيراته الفنية الجديدة. وإلى نص الحوار:
لامست شخصية «عرفات» في «جزيرة غمام» الجمهور بشكل كبير. كيف وصلت إلى مرحلة التوحد معها لتقنع الجمهور بها؟
منذ قراءة شخصية «عرفات» لأول مرة، لفت نظري منطقه وصدقه وتفاصيله التي تدعو إلى المحبة والجانب الروحاني النقي. فبحثت عنه في أشخاص وقراءات عدة حتى قدمته بهذا الشكل، والحمد لله أنه نال إعجاب الجمهور.
تابعي المزيد: أحمد أمين يكشف سر تألقه في دور "عرفات" في "جزيرة غمام"
الاستعداد للشخصية
كيف كانت التحضيرات لشخصية عرفات؟
كان الاستعداد للشخصية عبر لقاءات عدّة مع المخرج والمؤلف، كما هي العادة في تحضير أي شخصية درامية جديدة، ولقاءات مع بعض الناس الذين قابلوا في حياتهم أشخاصاً مثل عرفات، إضافة إلى التدرّب على اللهجة الصعيدية.
هل أثّر عرفات في قناعاتك الحقيقية؟
طبعاً، تترك الشخصيات بعض الأثر. أحاول أن أستفيد من الشخصيات بشكل إيجابي، وأحافظ على قناعة أو حتى عادة من كل شخصية. فأخذت من رفعت إسماعيل كتابته لمذكراته وتفكيره المنظم، وأنا أكتب مذكراتي منذ انتهائي من تصوير «ما وراء الطبيعة» إلى اليوم. وأحاول أن آخذ من عرفات السعي وراء الرضا والسلام النفسي واحترام هذه المبادئ، وهو ما أحببته في شخصيته كثيراً.
الطابع الصوفي في «عرفات» أحد أهم أسباب تعلق الجمهور به. هل توجد لديك نزعة صوفية؟
لا أستطيع الإجابة عن مثل هذا السؤال إلا عندما نتفق على مفهوم واحد للصوفية، وهو مفهوم يختلف عليه الكثيرون، بل بين شخص وآخر، قد يكون أول انطباع يصل إلى الإنسان العادي عند سماع كلمة صوفية أنها مرتبطة بالزهد والتسليم، ولا أعرف إن كانت شخصيتي قريبة منهم أم لا، ولكن ما أستطيع الجزم به أن طموحي يشبه طموح عرفات بأن كل غايتي أن أعيش حياتي في سلام نفسي وهدوء، ولا أريد دخول معركة أو نزاع مع أي شخص على أي شيء من أمور الدنيا.
ما التحديات التي واجهتها في شخصية عرفات؟
لم يكن هناك تحدٍ استثنائي الحمد لله.
هل تحمل الشخصية إسقاطاتٍ على الواقع؟
أنا أهتم بالشخصية درامياً بوصفها جزءاً من «الحدوتة» بشكل عام. أما عن الإسقاطات، فالأولى بالسؤال الكاتب الأستاذ عبد الرحيم كمال.
تابعي المزيد: هالة فاخر: مستعدَّة للمشاركة مع أحمد أمين في أعمال للأطفال مجاناً
تكرارٌ غير مقصود
هل أرهقتك اللكنة الصعيدية؟
هي لهجة جميلة أحببتها جداً، واستمتعت بالتدرب عليها بمساعدة الأستاذ عبد النبي الهواري مصحح اللهجة، الذي أخبرني أنني وصلت إلى نتيجة جيدة في وقت لا بأس به.
هل تكرارك لتقديم أدوار التراجيديا متعمد لكسر الصورة النمطية وعدم حصرك في أدوار «الكوميديا» مرة أخرى؟
في الحقيقة هو تكرار غير مقصود، فأنا أبحث دائماً عن عمل جيد أقدمه بغضّ النظر عن تصنيفه، وهو ما تحقق في هذا الوقت في «جزيرة غمام» من حيث الكتابة والإخراج والتمثيل، فكل فريق العمل مبدع، وتشرفت بالعمل معه.
تابعي المزيد: أحمد أمين يعلن عن مسلسل جديد للأطفال يحفظ "الأخلاق الشرقية"
هدفٌ معين
«دراما الأنبياء» حاضرة في أعمال الكاتب الكبير عبد الرحيم كمال، ولكن في صورة أناس عاديين يرفع عنهم القدسية. هل شعرت بذلك في «جزيرة غمام» عندما اطّلعت على السيناريو؟
أحياناً تكون الإسقاطات صريحة وواضحة لتوصيل هدف معين، سواء كان سياسياً أو دينياً أو أياً كان، ولكن ما رأيته في «جزيرة غمام» مختلفاً، نعم يحتمل أن يؤول الناس بعض الإسقاطات المختلفة، ولكنها في الحقيقة «حدوتة» جميلة عن المحبة. ومن أجمل ما قاله الكاتب عبد الرحيم كمال عن المسلسل قبل نزوله حينما سئُل «حدوتة كلها حب». فأنا أحببت الجانب القصصي الدرامي وبعض المفاهيم والمعاني الإنسانية والروحانية، ويكفيني أن يصل ذلك إلى المشاهد من دون رسائل أعمق.
مباراة تمثيلية مثيرة شهدتها أحداث «جزيرة غمام»، كيف رأيت المنافسة بينكم؟
لم أشعر بأنها مباراة، بل شعرت بأنني ضمن فريق رائع يعزف مقطوعة واحدة أحببناها جميعاً.
تنازلت عن البطولة المطلقة من أجل «عرفات»، أفهم من ذلك أنه لا توجد مشكلة لديك في البطولات الجماعية؟
لا أظن في الفن فرقاً بين عمل جماعي أو بطولة. فمثلاً لا أرى مسلسل «ما وراء الطبيعة» بطولة مطلقة، فهو عمل مليء بالممثلين المهمين، وكنت واحداً من بينهم. ففي رأيي هناك حدوتة حلوة بشخصيات جيدة تُحكى وتُقدم بشكل جيد. وفي تاريخ الفن حدث كثيراً أن يكون الفائز الوحيد من العمل صاحب دور صغير أو حتى مشهد واحد، والعكس صحيح.
تابعي المزيد: فتحي عبدالوهاب بالفيديو عن أحمد أمين: فاجئني في جزيرة غمام
أكتب مذكراتي منذ انتهائي من تصوير «ما وراء الطبيعة» إلى اليوم
أبحث دائماً عن عمل جيد أقدمه بغضّ النظر عن تصنيفه
الكوميديا السوداء
راهنت على موهبة رحمة أحمد وقدمتها في برنامج «أمين وشركاه». كيف ترى النجاح الذي حققته في «الكبير أوي»؟
سعدت جداً بنجاح رحمة في «الكبير أوي»، وأتمنى لها ولكل شباب «أمين وشركاه» من أصحاب الموهبة الحقيقية النجاح والتوفيق في اختياراتهم، والحفاظ على الصدق والإخلاص في العمل مهما كلفهم الأمر.
ناقشت بعض القضايا المتعلقة بسلوكيات الإنسان المصري ومتغيرات المجتمع من خلال عروض «أمين وشركاه»، ولكن بشكل ساخر، هل يعتمد أمين على «الكوميديا السوداء» للحدّ من جدية القضية؟
الكوميديا السوداء رحيمة على المشاهد، بدلاً من رسم صورة سوداء له، بمعنى أنها تعتمد على الشيء الذي يؤلمك، وتدفعك للضحك، لذلك فهي كوميديا ليست بالسهلة، ولا بد أن يكون المختص بتناولها شخصاً متمكناً؛ حيث يتم التعاطي مع تلك المواضيع بشكل فكاهي أو ساخر، مع الاحتفاظ بجانب الجدية في القضية التي يدور حولها العمل.
يُعد «الفاميليا» أول برنامج تفاعلي من نوعية تلفزيون الواقع عن العائلة في العالم العربي، هل ستُكمل تجربة «الفاميليا»؟
طبعًا ستكتمل، أنا شغوف بهذه النوعية من القضايا المتعلقة بالعائلة والتربية، ولدي طموحات أريد أن أصل إليها من خلال تجربة «الفاميليا»، وأقدم بالفعل مشروعاً مشابهاً حالياً اسمه «اسأل مجرب»، وهو برنامج تقوم فكرته على طرح سؤال له علاقة بنفسية البشر والعقل والسلوكيات وإجراء تجارب حتى نصل إلى جزء من الإجابة، وهناك حلقتان بالفعل على «يوتيوب»، وحالياً أقوم بتصوير باقي الحلقات.
متى نرى أحمد أمين في السينما؟
هناك مشاريع عدة في خطواتها الأولى، ربما يرى أحدها النور قريباً، الله أعلم.
تابعي المزيد: بعد نجاح «جزيرة غمام» «سيدتي» تلتقي أبطالَ المسلسل: العمل واقعي ويحمل رسالة سامية
