من عادات رجال الشعوب الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى الأخذ بتعدد الزوجات، لكن من خلال قواعدهم الخاصة، والتي مهما اقتربت من قواعدنا العربية؛ إلا أنها تظل غريبة الفهم، وحال نسائهم كحال كل النساء، فالمرأة الأفريقية تقف موقف نفور ومعارضة من زواج الرجل عليها، ولكن ما الاشتراطات التي تقيدها مهما مانعت؟
تتضارب مواقف النساء الأفريقيات بالنسبة لتعدد الزوجات؛ ففي بعض الشعوب لا تُمانع المرأة في وجود زوجات أخريات في البيت؛ حتى الفتيات يكُنَّ مسرورات، إن صرن بين مجموعة رجل مزواج؛ حتى إن امرأة «الكرو» في خليج غينيا تكون سعيدة، إذا اقترنت برجل له 12 زوجة، فهذا يعني أنه محترم، تقول فتاة من القبيلة اسمها إينوكونمي: «هو أفضل لي من رجل ضعيف الشخصية، غير قادر على الزواج إلا من امرأة واحدة" ».
وتعتقد إينوكونمي، أن وجودها كزوجة وحيدة في بيت رجل سيعرِّضها للرقابة الشديدة والمباشرة منه.
وليس أفضل عند نساء قبائل «الوريجا» من أن يكون عددهن بالغ الكثرة، فذلك دليل الثراء، ومن شأنه أن يقلل من الأعباء والأعمال التي يتكفلن بها،
لكن رغبة زواج الزوج من أخرى تزداد عند نساء قبائل «الموسى»؛ حتى إن الزوجة الأولى تطالب زوجها بذلك، تعلّق زوجة أولى من القبيلة اسمها أديا: «ذلك يزيد من سلطتي، وأصبح أنا الآمرة الناهية».
نفور ورفض
لا تنظر امرأة «البامبوتي»، وهي إحدى قبائل الأقزام في الكونجو إلى تعدد الزوجات بعين الارتياح، وبالنسبة للامبا (في روديسيا الشمالية) لا ترغب الزوجة مطلقاً في اتخاذ زوجها زوجة ثانية؛ حيثُ تثير الزوجة الأولى كثيراً من المتاعب، قبل أن يتمكن الرجل من إحضار أخرى.
أما عند قبائل «التونجا»؛ فإن كثيراً من النساء يخَفن من الغيرة والمشاجرات، عند تقاسم رجل واحد، حتى إنهن يُلحقن أي مصيبة في البيت بـ«تعدد الزوجات».
بِتنا نسمع عن بعض الزيجات العربية، التي تشترط فيها الفتيات في العقد عدم الزواج بأخرى، وهذا مشابه لما تفعله الفتاة عند قبائل «الومبا»؛ حيثُ تشترط على عريسها عدم الزواج بأخرى قبل إتمام الزواج، وهو بقناعة «آبدي» فتاة من القبيلة حسب قولها: «تعدد الزوجات لا خير فيه للمرأة، وإن كان يحبني حقاً tسيوافق على شرطي».
أعمال
هناك ظروف تخفف على المرأة اعتراضها على رغبة زوجها بالزواج من أخرى، مثلاً أن تكون عاقراً، أو أن تصبح الزوجة الأولى، وكما هو معروف عند بعض القبائل، هي السيدة الأولى في منزلها، فلأجل هذا السبب نجد أن التعدد مرحب به تماماً.
كما أن العمل يوزع على أكبر قدر من النساء، فتجد كل امرأة من الوقت ما تنفقه على شؤونها الخاصة، تقول الزوجة أسنات: « تساعد كل منا الأخرى في القيام بأعمالها المنزلية والأعمال الخاصة بالزراعة؛ بحيث إذا مرضت إحدى الزوجات أو أصابها عارض حال دونها والقيام بواجباتها حلت الأخرى محلها».
كلفة عالية
عندما تفضل المرأة أن يتخذ زوجها زوجة ثانية، تضع في حسبانها تلك الأموال التي سيصرفها في حال انغمس في علاقات مع نساء غير متزوجات، وتكون عادة باهظة التكاليف، ومن ثم تستنزف جزءاً كبيراً من دخل الأسرة تحرم منه الزوجة وأولادها، تقول الزوجة «أفوا» من قبيلة «السوكوما» معترضة: «كما أن تلك المرأة غير الشرعية لن تساهم معي في أعمال البيت والزراعة، فهي لن تزيد دخل الأسرة.. هذا عدا الأضرار الأخرى».
وتقصد «أفوا» بالأضرار الأخرى، هو ذاك الاعتقاد السائد بين قبيلتهم بأن عدم وفاء الزوج يعرِّض حياة الطفل للخطر.
وأحد أسباب الموافقة هو بُعد البيوت عن بعضها، فتجد الزوجة نفسها وحيدة محرومة من جيران على مقربة منها، وعندما يتخذ زوجها زوجة ثانية؛ فإنه يوفر لها زميلة تخفف عنها الوحدة.
موقف الفتيات!
حتى جاهزية الفتيات؛ لينضممن إلى مجموعة نساء الرجل، لها اعتبارات معينة، تخفف من نفورها منه، فهي تنظر إلى التعدد بوصفه معياراً لثروة الرجل ونفوذه؛ ولذلك فقد تفضل الفتاة الزواج من مثل هذا الرجل على أن تكون الزوجة الوحيدة لرجل فقير مغمور، تقول إيما إحدى الفتيات العازبات: «من نسائه أعرف إذا كان رجل متاعب ومضايقات، فصلاحيته كزوج تكون مكشوفة"». جميع الفتيات يتوقعن من ارتباطهن برجل مزواج، حرية أكبر نسبياً، وهو أمر يريحهن نفسياً.
7 آلاف زوجة!
يذكر التاريخ أن بعض الأفريقيين استطاع أن يحصل على عدد كبير منهن؛ إلا أن هذا الوضع لا يتحقق عادة إلا بالنسبة للملوك والأمراء والرؤساء.
فقلة النساء يعدّ عاراً يلحق برئيس قبيلة «الأونيورو»، فعلى الأقل يجب أن يكون لديه 15 زوجة، أما الفقراء فلديهم دائماً ثلاث أو أربع؛ في حين اتخذ أحد رؤساء الباروتسي أكثر من سبعين امرأة. ويقال إن العرف لدى قبائل «الأشانتي» كان يحدد زوجات الملك بـ3333 بحيث لا يجوز له أن يجمع بين أكثر من هذا العدد، وإن كان من الجائز. كذلك يقال إن الملك «متيسا» أحد ملوك الباجندا المشهورين، والذي عاش قبل قرنين ونصف القرن من الزمن، كان لديه أكثر من سبعة آلاف امرأة.
وكما تنص القوانين في بعض البلدان العربية، هناك شعوب أفريقية تفرض على الرجل موافقة الزوجة؛ حتى يتمكن من اتخاذ أخرى، مثل «الإيفية» (إحدى قبائل أقزام الكونجو)، كما يجب على الزوج عند «الأشانتي» الحصول على موافقة زوجته الأولى، دائماً كلما رغب باتخاذ زوجة ما.
نساء يزوّجن أزواجهن!
- أخبار
- سيدتي - لينا الحوراني
- 07 مارس 2014