تشهد السعودية اليوم نجاح كثيرٍ من المصممات في مجالي الأزياء والمجوهرات، إذ يستفدن من تراث وطنهن العريق في تقديم أجمل القطع. وتبرز من هؤلاء المصممات هلا الخريجي، التي تطلق مجموعاتٍ من المجوهرات، تستلهمها من موروث وطنها بوصفه تعبيراً عن حبها وانتمائها له، وفخرها بتراثه. وتجسِّد في قطعها علم السعودية وخريطتها ورمالها ونخلها حتى تقدِّم للمواطن والمقيم والسائح أجمل تذكارٍ عن البلاد.
"سيدتي" التقت هلا الخريجي، المؤسس المشارك والمدير الإداري لمجوهرات "شارمالينا Charmaleena"، حاصلة على ماجستير في الإدارة الدولية من مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS) في لندن إنجلترا، والتحقت بالمعهد العالي لفحص الألماس والأحجار الكريمة GIA، سألناها عن بدايتها في مجال تصميم المجوهرات، وأبرز القطع التي تقدمها، إضافة إلى أسلوبها في عكس ذوق المرأة السعودية.
بدايةً، عرِّفينا بنفسكِ، وكيف جاءت بدايتك في مجال التصميم؟
هلا الخريجي، مصممة مجوهراتٍ. دخلت المجال لشغفي الكبير وشقيقتي لينا بالمجوهرات، وقد دعمنا موهبتنا بالدراسة، حيث تخصَّصنا في إدارة نظم المعلومات بجامعة دار الحكمة، ثم التحقنا بالمعهد العالي لفحص الألماس والأحجار الكريمة GIA، والحمدلله، استفدنا من دراستنا كثيراً بتقديم أفكارٍ فريدة، وإبداع مجوهراتٍ بأعلى جودة.
ممَّن تستمدين إلهامكِ في المجوهرات التي تقدمينها؟
من تجاربي الشخصية في الحياة، ومن الحضارة العربية والإسلامية، فتراثنا غني جداً وعريق، كما يستهويني الشعر والخط العربي وكل ما يتعلَّق بالفن، وأطلع على كل جديدٍ في عالم التصميم، إذ يغذي ذلك موهبتي، ويدفعني للابتكار. كذلك أستمدُّ أفكاري من الاطلاع على الأفلام والكتب الجديدة، وزيارة المعارض، وأكثر ما يميِّز تصاميمي البساطة الراقية، والبصمة الفريدة.
كيف تعكسين ذوق المرأة العربية من خلال تصاميمكِ؟
المرأة العربية اليوم مطلعةٌ على كل جديدٍ في عالم المجوهرات، وعلى درايةٍ تامةٍ بالموضة العالمية، وتمتلك ذوقاً رفيعاً، لذا أعمل بجدٍّ على تقديم قطع مجوهراتٍ عالمية، تناسب تطلعاتها.
ما الحجر المفضَّل بالنسبة لكِ، وبماذا يتميَّز؟
أعشق الألماس، فهذا الحجر الكريم لا يفقد قيمته إطلاقاً، ويتميَّز بالنقاء، ويشدُّني كثيراً اقتناء قطعٍ من الألماس لأتزيَّن بها، وأقدِّمها لأولادي وأحفادي مستقبلاً، وأحرص على أن يكون الحجر بنقاءٍ عالٍ، وأهتمُّ بلونه وقصَّته.
كيف توظِّفين التراث السعودي في تصاميمكِ للمجوهرات؟
تراثنا السعودي يتميَّز بالتنوع الجميل، وللعلم يعزِّز الاطلاع على التراث تفكيرَ المصمم، ويجعله أكثر عمقاً، ويبعده عن السطحية، وفي هذا السياق قدَّمت أخيراً ثلاث مجموعات، أطلقت عليها اسم "قبيلة واحدة" تعبِّر عن محبة الشعب السعودي لوطنه وقوة ترابطه، وهي مجموعة عيناي، ومجموعة النخلة، ومجموعة الدرع.
قلتِ إنكِ قدَّمتِ ثلاث مجموعات في حب السعودية، بماذا تختلف عن بعضها؟
تعبِّر مجموعة النخلة عن النمو الدائم الذي تشهده السعودية حالياً، بينما تمثِّل مجموعة عيناي تطلعات الشعب السعودي للأفضل، أما مجموعة الدرع فترمز إلى حماية السعوديين وطنهم مهما كان الثمن.
قدَّمتِ أيضاً سوار "السيوف"، إلى ماذا يرمز؟
على مر العصور، وفي تاريخ الحضارات العربية العريقة، شكَّل السيف ولا يزال رمزاً للقوة، وقد استوحيت وشقيقتي منه مجموعتنا، حيث دمجنا حبنا للمجوهرات مع قوة السيف، وقدَّمنا قطعها بطريقةٍ مناسبةٍ لعصرنا حتى تمنح الأناقة والقوة لمَن ترتديها.
تابعي المزيد: موديلات خواتم مرصعة بحجر الزمرد الأخضر لليوم الوطني السعودي 2022
ما المواد التي قمتِ باستخدامها في مجموعة السيوف؟
اعتمدت فيها الألماس والذهب من عيار 18 قيراطاً بشكلٍ كامل.
من أين استوحيتِ تصميم "سيوف الحب"، وماذا اعتمدتِ فيه؟
يرمز السيف في التصميم إلى القوة، ولأن القوة الحقيقية هي الحب، حرصت على أن يذكِّر السيف بهذه القوة. دائماً ما أستلهم تصاميمي من تجاربي في الحياة، وإسورة "سيوف الحب" تذكِّرني بقوتي.
جسَّدتِ النخلة بشكلٍ عصري ومعبِّر عن الحياة في السعودية، حدِّثينا عن ذلك؟
النخلة، هي رمز النماء والازدهار، كما هو الحال في السعودية دائماً، لذا جسَّدتها في قطعةٍ جميلة، تعبِّر عن هذا المعنى، وتمنح مَن يرتديها شعور "لنكبر معاً"، فالنمو الدائم هو ما أسعى إلى إبرازه في تصاميمي، خاصةً أنه يمثِّل شخصيتي.
بماذا يتميَّز بروش النخلة، وما الأحجار الكريمة التي استخدمتِها في تصميمه؟
قلادة النخلة ترمز إلى النخلة السعودية، وطابع علامتنا، واستخدمت وشقيقتي فيها الذهب من عيار 18 قيراطاً، والألماس بألوانٍ مختلفة، وأضفنا إليها الصدف، لمنح القطعة رونقاً خاصاً، وكي تناسب كل امراة، لا سيما مَن تؤمن بتأثيرها ودورها في تقدم مَن حولها.
استوحيتِ أكثر من تصميمٍ من مكة المكرمة، بماذا يتميَّز كل تصميمٍ منها؟
مكة المكرمة والمدينة المنورة من أهم الوجهات في السعودية، ومصدر فخرنا نحن السعوديين، لذا قررنا عمل قطعة مجوهراتٍ لهما، لتكون أجمل هديةٍ للأحبة، خاصةً في المناسبات الدينية، مثل رمضان والحج.
هل هناك مدينة سعودية معينة تحفزك على الإبداع؟
نعم، جدة فهي مدينتي، ومصدر إلهامي الأول، ومع ذلك هي ليست الوحيدة التي أستقي منها أفكاري، فالسعودية زاخرةٌ بالتراث والثقافات، وأستلهم قطع مجوهراتي من كل مدن ومناطق وحضارات بلادنا، وبعد انتقالي إلى الرياض، اكتشفت أفكاراً جديدة، ستساعدني في الاستمرار بالإبداع.
من وجهة نظركِ، ما مواصفات المصممة الناجحة؟
المصممة الناجحة هي التي تبقى متعطشة للتعلم، وتضع لنفسها معايير عالية، وتعمل على الوصول إليها، وتبحث باستمرارٍ عن كل جديدٍ في مجالها، وتطَّلع على إنتاجات أفضل المصممين والمصممات في العالم، وتتعلم مهارات أخرى، تمكِّنها من إدارة مشروعها التجاري، وتسهم في تحقيقها رؤيتها على أرض الواقع.
ما الذي ينقص مجال التصميم في السعودية، وكيف ترين مستقبله؟
مستقبل التصميم في السعودي باهرٌ، إذ نمتلك كوادر قادرة على منافسة أفضل المصممين العالميين، لكن ينقصنا التدريب والتطوير حتى تصل هذه المواهب المحلية إلى العالمية، إضافةً إلى المصانع من أجل تصنيع إنتاجاتنا بكميات كبيرة، ووجود مدارس وورشٍ تحتضن المصممين وتدرُّبهم، وبإذن الله سيتحقق كل ذلك بعد إطلاق "رؤية 2030" الواعدة.
أين ترين السعودية بين البلدان العربية على قائمة الموضة؟
أراها تتربَّع على القمة، ولا أقول ذلك انحيازاً لوطني، لكننا نملك حساً وذوقاً رفيعين، كما أن المملكة العربية السعودية تدعم قطاع الأزياء بشكلٍ كبير، وتعدُّ علامتنا "شارمالينا" الآن جزءاً من برنامج "100 براند سعودي"، الذي يقدم لنا دعماً كبيراً، ويمنحنا فرصاً كثيرة داخل السعودية وخارجها، ويوفر أفضل المستشارين في المجال.
كلمةٌ للسعودية في يومها الوطني؟
بهذه المناسبة العظيمة، أهدي وطني الحبيب كلماتٍ، لامست قلبي من غناء طلال مداح: "روحي وما ملكت يداي فداه وطني الحبيب وهل أحب سواه".
ما مشروعاتكِ وخططكِ المستقبلية؟
نعمل حالياً على افتتاح معرضنا الثاني في الرياض، كما نطمح للتصدير للخارج لنوصل رسالتنا للعالم أجمع، فالفن لغةٌ عالمية، ننقل من خلالها أجمل المعاني مثل القوة والحب لشعوب الأرض.
تابعي المزيد: هاشم الهاشمي لـ "سيدتي": تصاميم مجوهراتي مستوحاةٌ من تراث السعودي