المصمّمة روزا جمال الدين: أقراط «قبّة الصخرة» تحمل رسالة للعالم

المصمّمة روزا جمال الدين، مهندسة معمارية، عاشقة للفنون التطبيقية، تبلغ من العمر 29 عاماً، تعيش في إسطنبول حيث مقرّ علامتها التجارية الرئيسي؛ أنهت البكالوريوس في هذه المدينة التركية الساحرة، التي أذهلها جمالها وتاريخها وحضارتها. مارست الهندسة مهنياً فيها لعدة سنوات، إلى أن أصبحت أماً، وأطلقت علامتها التجارية في تصميم المجوهرات المعروفة باسم «روزا هانم». نتعرّف عليها في المقابلة الآتي نصها.

لماذا اتجهتِ إلى عالم التصميم؟ وما الكامن خلف هذا الخيار؟

مارست الفنّ بمختلف مجالاته منذ أن كان عمري 4 سنوات. كان لوالديّ فضل كبير بتوسيع آفاقي الفنية؛ عن طريق الرسم والتخطيط وممارسة الفنون التطبيقية، أو حتى العزف على آلة موسيقية (البيانو). كانت الحليّ دوماً تجذب نظري، فكانت أمي هاوية لكل ما هو مميّز ومصنوع بالأيدي من خواتم وأقراط وقلائد مرصّعة بالأحجار الكريمة والألوان والأشكال الغريبة. وكان أبي هاوياً لقطع الأنتيك الشرقية القديمة، وهاوياً للشعر والكتابة واللغة العربية والتاريخ، ومثّل مفاهيمه والحساسية في تصميم بيتنا الذي ترعرعنا فيه، فكان بيتنا عبارة عن لوحة فنيّة تراثية شرقية. ترعرعت في هذه الأجواء، وأصبحت هاوية لاقتناء كل ما يملك روحاً ومصنوعاً بالأيدي. جذبتني الأقراط دائماً، وشعرت بمشاعر جميلة جداً عند ارتدائها، وكانت لديّ الرغبة دوماً أن أصنعها بنفسي لنفسي يوماً ما.

ما هي أبرز التحديات التي واجهتكِ كمصمِّمة مجوهرات؟ وكيف تغلبتِ عليها؟

أردت أن أصنع قطعاً فنيّة بيديّ من الألف إلى الياء، وبحثت كثيراً عن إيجاد مادّة أستطيع من خلالها أن أحقق هذا بحريّة تامّة، ومن منزلي، لأنني بعد أن أصبحت أماً؛ أصبحت أقضي أغلب وقتي في المنزل مع طفلتي. سحرتني عجينة البوليمر؛ لأنّها مادّة ملموسة أستطيع أن أشعر بها، وأن أشكّلها بأي طريقة أتخيلها، وأستطيع أيضاً أن ألوّنها، وأمزج الألوان، وأضع أحجاراً واحتمالاتها لا تنتهي. كانت لهذه المادّة قواعد واضحة؛ كمثال تجهيز العجينة وتشكيلها وخبزها، ومن ثم بردها وتلميعها وتركيبها. فكان التحدّي هنا أن أعلّم نفسي بنفسي مادة جديدة لم أرها أو أسمع بها في حياتي من قبل، وأن أصنع بها أقراطاً عالية الجودة، فريدة تماماً ولم يُرَ مثلها من قبل. ببساطة أردت أن أصنع قطعاً فنية قابلة للارتداء. وحاولت على مدار سنة من التجارب في منزلي إلى الإخفاقات والنجاحات، حتّى شعرت أنني واثقة من جودة فنّي وجاهزة لإطلاقه.

أصنع أقراطاً بعجينة البوليمر وأشكّلها بأي طريقة أتخيلها

ما هو النمط الذي تعتمدينه في التصميم؟

تصاميمي هي مرآة لنفسي، ولنظرتي لعالمي الداخلي، فأنا امرأة عربيّة تعتزّ بثقافتها وبتاريخها وبطاقتها الكامنة في داخلها، وأتمنى أن تشعر كل امرأة بهذه المشاعر القويّة لديها عند ارتدائها لهذه القطع.

من أين تستمدين إلهامك في التصميم؟

يجذبني تاريخ هذا العالم بكل ما فيه؛ من فنون ومن جماليات الطبيعة وألوانها، تلهمني النوافذ المعشّقة بالزجاج الملوّن، والأقواس، والمآذن، والقبب المعتّقة، والأماكن المقدسة. تلهمني قصص النساء اللواتي تركن أثراً، فتكلّم عنهنّ التاريخ. يلهمني كل شيء؛ كان ولا يزال وسوف يكون.

تابعي المزيد: هاشم الهاشمي لـ "سيدتي": تصاميم مجوهراتي مستوحاةٌ من تراث السعودي

أعود لذاتي

تلهمني قصص النساء اللواتي تركن أثراً، فتكلّم عنهنّ التاريخ

هل من طقوس معينة تفضِّلين التصميم في وجودها؟

أوقات السكينة في ظل أمومتي مع طفلين أصبحت قليلة، لكنها لم تصبح مستحيلة! أحب أن أجلس في مكتبي، مع دندنات عزف على العود، أرسم، ألوّن، أشكّل العجين، أخترع، أبدع.. أُعيد، وأعيد، فهذا هو الوقت الذي أعود به لذاتي، وأطلق العنان لنفسي بعيداً عن المسؤوليات والتحديات الحياتية الروتينية اليومية التي يمكن أن تواجهها كل أم عاملة في هذا الكون.

ما هي المواد المستخدمة وطرق تحضير هذه العجينة؟ وكيف تختارين الأدوات والأحجار الممزوجة معها؟

عجينة البوليمر تحتاج أدوات كثيرة ومتنوعة جداً. تتطلب دقة عالية لتقديم جودة عالية، فلكل مرحلة من مراحل تحضير هذه العجينة طريقة خاصة؛ كتطرية العجينة ومزج الألوان والتشكيل والخَبز، ومن ثمّ التبريد والتجهيز للمراحل الأخيرة، كالبرد والتلميع ومن ثمّ التركيب. كل مرحلة تحتاج من الوقت ما يكفي، وتحتاج لممارسة وإتقان. أختار نوع المعدن المراد إضافته حسب التصميم؛ كالنحاس المطلي ذهباً أو الفضة المطلية أو الذهب الخالص، وأعمل مع حرفيين مبدعين؛ لتنفيذ القطع المعدنية المميزة الموجودة في بعض التصاميم، ومن ثم أضيفها بنفسي إلى قطعي الفنيّة. بالنسبة للأحجار الكريمة واللؤلؤ؛ فإنني أنتقيها بنفسي من أفضل المصادر الموجودة في العالم؛ لضمان أعلى وأرقى جودة.

ما الوقت المستغرَق لتصميم وتنفيذ زوج واحد من الأقراط؟

ذكرت سابقاً المراحل التي تمر بها كل قطعة، حرفياً، من بدايتها إلى نهايتها، فكل قطعة هي لوحة فنية مستقلّة بحدّ ذاتها، ولا توجد قطعتان متماثلتان تماماً. وكل زوج واحد من الأقراط يحتاج من الوقت ما يكفي لإتمامه.

تابعي المزيد: المصمّمة أميمة تمرزيزت: مجوهراتي مسكوبة بالذهب بإيقاعات شرقية وغربية

مشاريع وخطط

أعيش حالة إبداع عاطفية نقية مليئة بالمشاعر عند التصميم

ما خططك لعام2023 ؟

نظراً إلى أنني تخصصت بتصميم الأقراط فقط منذ بداياتي، ونظراً لأنني ما زلت أعمل كل شيء بنفسي، أعمل الآن على تشكيل فريق صغير لمساعدتي في بعض الأمور التقنية والسوشيال ميديا والتنظيم؛ لأتفرغ أنا بشكل كامل لتصميم الأقراط وتنفيذها، وإطلاق مجموعتي الجديدة من الخواتم والقلائد بإذن الله، فهدفي لعام 2023 افتتاح أول متجر لنا في إسطنبول.

هل هناك قطعة مفضّلة لكِ من أعمالك؟

من الصعب اختيار قطعة واحدة، فإنني أعيش حالة إبداع عاطفية نقية مليئة بالمشاعر عند التصميم. وأضع الكثير من الوقت والجهد لتنفيذ كل قطعة من القطع. ولكن بالنسبة لي، كان لتصميم وتنفيذ أقراط «قبّة الصخرة» مشاعر عميقة مختلفة لا تشبه أي شيء صممته من قبل. وهو المفضل لديّ، فكان تصميمي له غاية، ورسالة للعالم وتذكير بأن هذا المكان المقدس كان وسيبقى حلمنا الجميل الأول والأبدي.

بِمَ تنصحين المصممين المبتدئين عند البدء بمشاريعهم؟

لكلّ منا رحلة فريدة ومميزة في هذه الحياة. الإيمان بهذا التفرّد مهمّ جدّاً في عملية التصميم. أنصحهم بالإيمان بذاتهم والإصغاء لقلوبهم وما بداخلهم، والسعي إلى حلمهم مهما كانت الخطوات بسيطة وبطيئة، ومهما تعددت الإخفاقات، فما الإخفاقات إلا خطوات أقرب للنجاح.

تابعي المزيد: هلا الخريجي لـ "سيدتي": جدة ملهمتي الأولى.. ومجوهرات شارمالينا انعكاسٌ لتراث وطني العريق

منافسي الحقيقي نفسي

المنافس الحقيقي لي هو نفسي، والدافع لأكون أفضل نسخة مني يأتي من الداخل

ما هي العلامة التجارية الأولى في نظرك؟ وهل هناك منافسون لكم؟

ليست هنالك علامة تجارية أولى في نظري، فلكل علامة تجارية ما يميزها عن غيرها. قصّة نجاح المصممة والفنانة عزّة فهمي ملهمة جدّاً. اعتزازها بثقافتها وحبّها الشديد لوطنها وللغتها؛ كانت مفاتيح أساسية في عملية إبداعها، ممّا جعل تصاميمها فريدة جداً ومميزة بشكل عجيب. تعلمت أن المنافس الحقيقي لي هو نفسي، والدافع لأكون أفضل نسخة مني يأتي من الداخل.

كيف انعكست مهنتك على حياتك؟

باختصار، سأقول إن هذا النوع من المهن يهذّب الروح ويزيد الاتصال مع الذات. أشعر أنّي أكثر قوّة، أكثر توازناً، وأكثر تحكّماً في حياتي.

كيف يمكن لقراء المجلة متابعة جديدك والحصول على تصاميمك؟

يسعدني زيارتكم لموقعنا الإلكتروني: www.Rozahanim.com، وعلى إنستغرام @rozahanim_ حيث أشارك متابعينا كل ما هو جديد، بالإضافة إلى مقتطفات عن كيفية صناعتي للأقراط بشكل واقعي وحقيقي ضمن روتين حياتي اليومي.

تابعي المزيد: المصمّمة فاطمة المهيري: مجموعاتي تحمل روح المغامرة والانطلاق