وسط تفاعل كبير، أقامت جمعية أسر التوحد بالتعاون مع هيئة المسرح والفنون الأدائية أول عرضٍ مسرحي على مستوى السعودية بمشاركة أبطالٍ من ذوي اضطراب طيف التوحُّد، حمل عنوان «صالة 4»،على مسرح المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني في الرياض، بحضور الأميرة سميرة بنت عبدالله الفيصل الفرحان آل سعود عضوة جمعية أسر التوحد، والأمير سعود بن عبدالعزيز بن فرحان آل سعود رئيس مجلس إدارة جمعية أسر التوحد، والأميرة دانية بنت عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز مديرة مركز العباقرة، والدكتور هشام الحيدري رئيس هيئة الأشخاص ذوي الإعاقة. «سيدتي» التقت عدداً من الممثلين المشاركين في المسرحية للحديث عن تفاصيلها، وأدوارهم فيها، كما استضافت ناقداً فنياً لتقديم رأيه في العمل، والأمين العام لجمعية أسر التوحُّد.
فكرة المسرحية
تطرقت المسرحية إلى شخصياتٍ فكاهية وأدبية من التاريخ العربي والعالمي المعاصر، منهم شارلي شابلن، ممثلٌ كوميدي، وجحا، شخصيةٌ خياليةٌ من التراث الشعبي العربي، وأبو النواس، شاعرٌ عربي يعدُّ من أشهر شعراء عصر الدولة العباسية، ويدعى الحَسَن بن هانِئ بن عَبد الأَوَّل بن الصَباح الحكمي المَذحَجي، والجاحظ، أديبٌ عربي. وتظهر الشخصيات في محطة قطارٍ يتَّجه إلى المستقبل، كما تتضمن المسرحية شخصياتٍ، تمثِّل مشاهير الـ «سوشال ميديا»، خاصةً منصة «سناب شات»، مثل سارونة، التي تستغل جمهورها من أجل كسب المال، وتوتو، صاحب الملايين والمغرور بنفسه، ونور، الفتاة المثقفة.
تابعي المزيد: في أول عرض مسرحي بمشاركة ذوي طيف التوحد .. الطفل سلطان العنزي: تحية الجمهور شجعتني
إبداع من منظور آخر
أريج المعلم: أسَّسنا فريقاً من ذوي اضطراب طيف التوحد، وقمنا بتدريبهم طوال أشهرٍ للخروج بهذا النموذج الرائع للمسرحية
بداية، أوضحت أريج المعلم، الأمين العام لجمعية أسر التوحد، أن «المسرحية، وهي الأولى من نوعها، تبرز مواهب ذوي طيف التوحُّد»، مبينةً أن «الجمعية أقامت، بالشراكة مع هيئة المسرح والفنون الأدائية أول مسرحيةٍ، يؤدي بطولتها أشخاصٌ من ذوي اضطراب طيف التوحد، وتوافقت مع ذكرى يومنا الوطني السعودي الـ 92»، وقالت: «أبرزت المسرحية مواهب أبطالها الفنية، وصحَّحت المفاهيم المغلوطة حولهم، فالمصابون بطيف التوحد يملكون قدراتٍ كبيرة، والمرض ليس إعاقةً».
وحول التجهيز للعمل، ذكرت أريج: «أسَّسنا فريقاً من ذوي اضطراب طيف التوحد، وقمنا بتدريبهم طوال أشهرٍ للخروج بهذا النموذج الرائع للمسرحية، وهذا المستوى العالي»، مشيرةً إلى أن «العرض سيستمر ثلاثة أيام في الرياض، قبل أن ينتقل إلى مدن أخرى في السعودية وخارجها، ليكون نموذجاً رائعاً، يحتذى به في هذا الجانب»، مقدمةً شكرها لكل مَن شجع أبطال العمل، حيث بيعت التذاكر جميعها.
وتحدَّثت عن فكرة المسرحية بالقول: «فكرة صالة 4 بعيدةٌ عن مرض التوحد، لكن مَن يمثِّلها أبطالٌ من ذوي التوحد، وهنا يكمن الذكاء بتقديم هؤلاء قصة فكاهية إبداعية ومرحة في محطة قطارٍ بين الماضي والحاضر، وتتحدث عن المستقبل، وكان هدفنا منها تغيير نظرة بعض الناس لذوي التوحد».
وأكدت أريج، أن «هذا المشروع أسهم في تقديم نموذجٍ جديدٍ وواعٍ للعمل الخيري»، كاشفةً عن أن «الجمعية تقدم خدماتها بطريقةٍ احترافيةٍ لأكثر من خمسة آلاف أسرة منذ تأسيسها عام 2009 حتى اليوم، وهناك تطويرٌ مستمرٌّ في أسلوب طرح المشروعات والبرامج»، لافتةً إلى أنهم يهدفون لمساعدة الأسر والمهتمين في الوصول إلى خدماتهم بشكلٍ سهل، وتطوير وتحسين ما يقدَّم لهم.
تابعي المزيد: أريج المعلم أمين عام جمعية أسر التوحد لـ"سيدتي": مسرحية صالة4 تُبرز مواهب ذوي طيف التوحد وتصحّح المفاهيم
تحدٍّ رائع
أحمد الرشيد: أعتقد أننا لو قدّمنا مئة عمل آخر مستقبلاً، ستبقى هذه التجربة فريدة
ضمَّت المسرحية شخصياتٍ أدبية من التاريخ العربي والعالمي المعاصر، منهم أبو عثمان، عمرو بن بحر الكناني الفقيمي البصري الشهير بالجاحظ، وهو أديبٌ موسوعي، يعدُّ من كبار أئمة الأدب في العصر العباسي، وألَّف كتباً عدة، تجاوزت 360 كتاباً، من أشهرها «البخلاء»، و«البيان والتبيين»، وأدَّى شخصيته الممثل المسرحي والتلفزيوني أحمد الرشيد، الذي وصف التجربة بالفريدة من نوعها بالقول: «المسرحية جديدة من نوعها، حيث ضمَّت مجموعةً من الممثلين المصابين باضطراب طيف التوحد، وأعتقد أننا لو قدَّمنا مئة عملٍ آخر مستقبلاً، ستبقى هذه التجربة فريدةً من نوعها، وستغطي على كل تلك الأعمال».
وحول انطباعه عن الدور، أوضح أن «المسرحية بشكلٍ عام شكَّلت تحدياً للممثلين المشاركين، إذ كان عليهم تجاوز الأخطاء التي يمكن أن تحصل وقت العرض، مع الإلمام بكيفية التعامل مع أي موقفٍ طارئ وخارجٍ عن النص».
وفي الختام، أثنى الرشيد على التجربة بالقول: «المسرحية تجربةٌ جميلةٌ واستثنائية، ولن تتكرَّر، لكن سنحاول جاهدين تقديم عملٍ مماثلٍ مستقبلاً».
أفتخر بالتجربة
دنيا العنزي: هذا العمل أضاف لي الكثير، وأحببت التمثيل مع هذه الفئة، وهم أذكياء جدا
أبدت الفنانة الصاعدة دنيا العنزي افتخارها بالمشاركة في المسرحية، قائلةً: «سعيدة بكوني جزءاً من صالة 4، فهي مسرحيةٌ رائعة، مثَّلت فيها مع شبابٍ من ذوي اضطراب طيف التوحد». مضيفةً «هذا العمل أضاف لي الكثير، وأحببت التمثيل مع هذه الفئة، وهم أذكياء جداً».
وحول دورها في المسرحية، ذكرت دنيا: «أدَّيت في العمل دور نور، مشهورة سناب شات، وهي فتاةٌ مثقفةٌ، وتحبُّ العلم والثقافة، وتركز عليهما في محتواها».
تابعي المزيد: هيئة المسرح والفنون الأدائية تنظم عرضا مسرحيا كوميديا لصالح جمعية آسر التوحد الخيرية
تجربة رائعة
الطفل سلطان العنزي: تعلَّمت التمثيل خلال البروفات، واستفدت كثيراً من توجيهات طاقم العمل
كذلك امتدح الطفل سلطان العنزي، ممثلٌ من ذوي اضطراب طيف التوحد، تجربته في المسرحية، مؤكداً أن «المسرح جميلٌ جداً، وسُعدت باعتلاء خشبته في سلسلةٍ متواصلةٍ لمسرحية صالة 4، وقد شجَّعني تفاعل الجمهور على تقديم أداءٍ أفضل».
وعن تعلُّم التمثيل قال: «تعلَّمت التمثيل خلال البروفات، واستفدت كثيراً من توجيهات طاقم العمل، وهي مقسَّمة بحسب الدخلات المسرحية، وتوضح لي ماذا يجب عليَّ أن أقول، وكيف أؤدي الحركات المطلوبة». مضيفاً «سُعدت بوجود الأورج الذي أحب العزف عليه مع خاصية الديمو في المسرحية، وسأجلب آلةً مثله إلى البيت لأحترف العزف».
اندماج رائع
رجا العتيبي: الشباب والأطفال قدَّموا أدوارهم بأفضل طريقة، واستطاعوا التواصل مع الجمهور
وقدَّم رجا العتيبي، ناقد فني ومخرج مسرحي، رؤيته للمسرحية بالقول: «سُعدنا كثيراً بمشاهدة مسرحية أبطالها من ذوي اضطراب طيف التوحد، وهذه التجربة رائعةٌ بكافة المقاييس من جمعية أسر التوحد، بالتعاون مع هيئة المسرح والفنون الأدائية في وزارة الثقافة، وقد لاقى هذا الاندماج والتفاعل نجاحاً رائعاً، حيث شاهدنا عملاً جميلاً ومميزاً».
وأضاف: «الشباب والأطفال قدَّموا أدوارهم بأفضل طريقة، واستطاعوا التواصل مع الجمهور، وصفَّقنا لهم كثيراً على أدائهم»، مبيناً أن «البرامج التي تقدمها جمعية أسر التوحد طموحة ومتميزة، وسيُحدث هذا القطاع نقلةً نوعيةً في مجال الاتصال».
تابعي المزيد: أحمد الرشيد لـ"سيدتي": مسرحية صالة 4 تجربة فريدة من نوعها