المرايا الموجودة في السيارات أصبحت جزءاً أساسياً منها، ومعظم قوانين السير في العالم تمنح مخالفة لمن تكون سيارته ناقصة إحدى المرايا سواء الجانبية اليمنى واليسرى أو الوسطى التي تكون داخل السيارة، لكن المرايا التي لم نعد ننتبه إلى وجودها في سياراتنا لم تكن على ما هي عليه منذ اختراع السيارة، بل تطورت مع تطور السيارة أولاً، ومن ثم مع تطور وسائل النقل المختلفة وتوسيع الطرق وجعلها في ممرات عديدة، وتحول السيارة إلى آلة سرعة وليس آلة نقل فقط، وكل ذلك أسهم في تطور كل تفاصيل السيارات حول العالم، ومنها المرايا.
تاريخ المرآة في السيارة
حملت مرآة الرؤية الجانبية في السيارة أسماء مختلفة بمرور الوقت، وتم وضعها في مواقع مختلفة، وكانت هناك مرآة الحاجز، ومرآة الجناح، وهي المرآة الجانبية التي تسمح برؤية السيارات من الجانبين، في السيارات الحديثة أضيف على هذه المرايا كاميرات تنقل الصورة إلى الشاشة توضع أمام السائق ليعرف كل ما يحيط بسيارته.
التاريخ الرسمي لمرآة الرؤية الخلفية يعود إلى عام 1911 عندما قام راي هارون بتجهيز سيارة السباق الخاصة به بمرآة، ما أدى إلى الاستغناء عن مساعد السائق الذي كان يجلس بجانب السائق ليحذره من السيارات الأخرى المتسابقة ومحاولات الالتفاف التي يقوم بها السائقون الآخرون، وعندما سئل عن كيفية توصله إلى فكرة مبتكرة مثل مرآة الرؤية الخلفية، لم ينسب هارون أي فضل له، وقال إنه في عام 1904 رأى سائق عربة تجرها الخيول يستخدام مرآة الرؤية الخلفية، وقام بتقليد هذا المزارع وتثبيت مرآة على سيارة السباق الخاصة به.
إلا أن أول براءة اختراع لمرآة السيارة منحت إلى إلمر بيرغر عام 1921 ما يجعله مخترع المرآة رسمياً، ودرس إلمر الهندسة الكهربائية في جامعة بنسلفانيا، وبعد التخرج انتقل إلى جنوب كاليفورنيا حيث أسس شركة "Berger & Company" بحلول عام 1921 كان يصنع ويبيع مرآة الرؤية الخلفية كملحق تلقائي، وكانت المرآة زجاجية تثبت في الجزء العلوي من الزجاج الأمامي، ومنذ البدء كان تحريك المرآة ممكناً لتعديل الرؤية بحسب نظر السائق.
خلال تلك الحقبة، كان معظم ما يسمى بالطرق السريعة في أميركا يتألف من مسارين فقط، لهذا كانت الحاجة إلى مرايا الرؤية الجانبية غير ضرورية أو من كماليات السيارة وزوائدها الشكلية، وكان يتم تثبيت المرايا الجانبية على الرفارف الأمامية والإطارات الاحتياطية المثبتة على الجانب، وتم تثبيتها أيضاً على الجزء العلوي من إطار باب السائق، قبل أن يصير محلها المتفق عليه في كل السيارات تقريباً، على زاوية الشباك الزجاجي من الباب، عند مستوى نظر السائق.
المرآة ضرورة قانونية
في الستينيات من القرن الـ20، بدأ اعتبار مرايا الرؤية الجانبية واجبة قانوناً لأسباب تتعلق بالسلامة في الستينيات، ورفض العديد من المشترين دفع 15 دولاراً إضافياً أو نحو ذلك للحصول على مرآة إضافية، ولكن بعد فترة قصيرة، تبين مدى أهمية المرآة للكشف بنظرة سريعة واحدة عن اقتراب المركبات القادمة من دون الحاجة إلى السير ببطء شديد نحو منتصف الطريق، وتناول القانون الأميركي لسلامة المركبات والمرور لعام 1966 معايير السلامة بما في ذلك الرؤية الخلفية، وعلى الرغم من أنها لا تتطلب مرايا على وجه التحديد فإنها بدأت تصبح معدات رئيسة في السيارة في منتصف الستينيات من القرن الماضي، وتتطلب اللوائح الفيدرالية اليوم رؤية خلفية ومرآة جانبية للسائق ومرآة راكب إذا كانت المرآة الداخلية لا تفي بمتطلبات مجال الرؤية المحددة. وعلى الرغم من اختلاف لوائح الدول حول هذه النقطة، ولكن معظمها يتفق على أن المرايا الجانبية إجبارية.
براءات اختراع
منذ ذلك الوقت، تم إجراء المئات من التعديلات على براءات اختراع مرآة الرؤية الخلفية، وقدم المخترعون طلبات لمرايا بأحجام مختلفة ومواضع مغايرة على هيكل السيارة، واخترعوا مرايا نهارية وليلية ومرايا مضادة للوهج ومرايا تقرب المشهد وتبعده، وأخرى مقاومة للضباب وبخار الماء. وبسبب المنطقة العمياء لرؤية السائق التي يسببها عمود الباب الأمامي، باتت الكاميرات حلاً مفضّلاً في مثل هذه الحالات وتحديداً للرؤية الخلفية حين الرجوع بالسيارة أو في الطرق ذات المنعطفات المنحنية بشدة حيث تكثر نقاط الرؤية العمياء.
يمكن القول إن المرايا في السيارة هي عبارة عن مجموعة إضافية من العيون وتساعدنا على الرؤية في "النقطة العمياء" لدينا حتى لا نصطدم بطريق الخطأ بمركبة أخرى على الطريق.
ومرايا الرؤية الخلفية مصنوعة من مرآتين مصفحتين لمنع انعكاس الضوء القوي الآتي من الخلف، ويؤدي تغيير زاوية المرايا إلى تقليل الانبهار، وفي السنوات الأخيرة ازداد الطلب على المرايا "التلقائية المضادة للوهج"، التي تكتشف الضوء وتقلل تلقائياً من الانعكاس.