ما رأيكم بهذا الكرم؟

أحمد العرفج
د. أحمد عبد الرحمن العرفج
د. أحمد عبد الرحمن العرفج

إذا رصدنا نظرة الناس للكرم، سنجد أن معظمهم يحصرها في تقديم الأكل والشراب، وهذه نظرة ضيقة لا تمثل المعنى الشامل لمضمون الكرم، وفي نظري أن كرم الطعام والشراب كان جميلاً في الماضي، في فترة شح الطعام وانعدام المطاعم، أما في هذا العصر الميمون فقد انتشرت المطاعم في كل شارع وسكة، ليتحول مفهوم الكرم من الكرم في المطاعم إلى الكرم في الأخلاق والأمانة والصدق وإعطاء الناس حقوقهم، ومراعاة مشاعرهم، وحفظ هيبتهم وأسرارهم.
إن الكرم مفهومه واسع، والله -جل وعز- كريم ويسامح عباده، ورمضان كريم لأنه يفتح لنا باب الفضائل، والأرض كريمة لأنها تعطي بلا مقابل، وهذا الكرم الذي يجب أن تعلمه، لذلك يعتقد أكثر الفلاسفة بأن الكرم الحقيقي يتجلى في عدة صور منها:
أولاً: كرمك بتوزيع الابتسامة والسلام على الذين تعرفهم والذين لا تعرفهم.
ثانياً: كرمك وأنت موظف في خدمة المراجعين ومساعدتهم في إنهاء معاملاتهم.
ثالثاً: كرمك في الحديث، بحيث تكون صادق في حديثك ولا تكذب أو تغتاب أحداً من الناس.
رابعاً: كرمك وأنت تقود السيارة فتحترم حقوق المشاة وحقوق المرور، وتقدم الآخرين عليك في الدوار والمنعطفات مثلاً، ومن الكرم ألا تستخدم المنبه "البوري" إلا عند الضرورة القصوى، لأن المنبه مزعج ومستفز.
خامساً: من الكرم أيضاً أن تعطي الناس حقوقهم، وتسدد الفواتير والأقساط في وقتها من غير مماطلة أو تأخير.
سادساً: من الكرم أيضاً أن تعطي العمال والسائقين والخدم حقوقهم من دون أن تتشفر مستغلاً ضعفهم وحاجتهم إلى العمل.
سابعاً: من الكرم أيضاً، أن تسخى في النصيحة إذا طلبها منك أحدهم، حيث يجب أن تعطيه الرأي السديد، وليس الرأي الذي يخدم أهواءك.
ثامناً: من الكرم أن تهتم بواجبات أسرتك وتعطيهم حقوقهم، لأن حديث الرسول ﷺ يقول: "خَيرُكم خَيرُكم لأهلِه، وأنا خَيرُكم لأهلي".
ولقد رأيت حالات كثيرة من الكرم الخداع مثل: "أن يقيم الرجل مئات الولائم من باب الهياط، في الوقت ذاته الذي ترفع فيه الزوجة قضية مطالبة زوجها بدفع النفقة عليها وعلى أطفالها.
في النهاية أقول:
هذه سطور من صفحة الكرم الواسعة التي فهمتها من مفردة مكارم التي وردت في الحديث النبوي القائل: "إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ"، لذلك كتبت هنا بعضها، أما البعض الآخر فأنا أنتظره منكم.