إنعقد أخيراً في "مكسيكو" على امتداد ثلاثة أيّام أكبر مؤتمر عالمي مخصص للثقافة عُقد خلال الأربعين عاماً الماضية ،وهو :" مؤتمر اليونسكو العالمي للسياسات الثقافية والتنمية المستدامة لعام 2022"،و اعتمدت150دولة بالإجماع عند اختتامه إعلانا تاريخيّا لفائدة الثقافة في العالم أكّدت فيه أنَّ الثقافة هي "منفعة عامة عالمية"، و اتفقت الدول على اتباع خريطة طريق مشتركة تعزز السياسات العامة في هذا المجال ـ وفق ما أفادت به "اليونسكو"(منظمة الأمم المتحدة للتربيّة و الثّقافة و العلوم و مقرها الدائم بباريس) .
المشاركون
و قد لبّت 150 دولة دعوة "اليونسكو" و المكسيك بإرسالها وفوداً إلى المؤتمر، و كانت 135 دولة من بينها ممثلة بأعلى المستويات حيث حضر المؤتمر وزراء الثقافة لديها. و كان مجموع المشاركين في المؤتمر2600 مشارك من بينهم135وزيراً للثقافة و 83 منظمة غير حكومية و 32منظمة دولية حكومية و 9 وكالات للأمم المتّحدة،. و أفادت وكالة الأنباء السعودية أن وفد المملكة العربية السعودية كان برئاسة الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة .
مضمون الإعلان
و يحدِّد النص الذي اعتمدته الدول مجموعة ـ وفق نفس الصدر ـ من الحقوق الثقافية التي ينبغي مراعاتها في السياسات العامة، وهي تشمل الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية للفنانين، و حرية التعبير الفني، وحقوق مجتمعات الشعوب الأصلية في صون معارف الأسلاف ونقلها، وحماية التراث الثقافي والطبيعي وتعزيزه. كذلك يدعو الإعلان إلى تنظيم القطاع الرقمي من أساسه، ولا سيما تنظيم المنصات الكبرى لصالح تحقيق التنوع الثقافي على الإنترنت، و الملكية الفكرية للفنانين، و انتفاع الجميع بالمحتوى بطريقة منصفة.
الثقافة هي العمود الفقري للمجتمع
تؤكد "اليونسكو" ان الثقافة هي العمود الفقري الذي يجمع بيننا لكي نشكِّل المجتمع، ولكن وعلى الرغم مما أُحرز من تقدم، لم تأخذ الثقافة بعد المكانة التي تستحقها في السياسات العامة والتعاون الدولي. ويمثل المؤتمر العالمي للسياسات الثقافية لعام 2022 مؤشراً قوياً لتصحيح هذا الوضع، فالإعلان المعتمد يلزم باتخاذ إجراءات.
مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية
و ذكرت مصادر "اليونسكو"ان الحكومات أبدت في الإعلان التزامها أيضاً بتكثيف جهود مكافحة الاتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية و تعزيز التعاون الدولي في هذا الميدان، ووجّهت نداء إلى الجهات الفاعلة في سوق الأعمال الفنيّة مناشدة إيّاها ألّا تطرح أية قطع مجهولة المصدر للبيع.
متحف افتراضي للممتلكات الثقافية المسروقة
و من نفس المنطلق، أعلنت المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، أنّ اليونسكو و الإنتربول ستنشئان متحفاً افتراضياً للممتلكات الثقافية المسروقة. و تتمثل الغاية المنشودة من هذا المتحف في توفير منبر تعليمي و تربوي يتيح للمواطنين التعرف على تاريخ هذه القطع، و كذلك أداة بحثية لتبديد الشكوك التي تساور الأشخاص بشأن مصدر هذه القطع وأصلها. و من المزمع تدشين المتحف بحلول عام 2025. الثقافة قوة محركة لتحقيق التنمية تفيد بيانات لليونسكو بأنّ القطاع الثقافي والإبداعي من أقوى القوى المحركة لتحقيق التنمية في العالم، إذ يوفر أكثر من 48 مليون وظيفة على مستوى العالم – تتبوأ النساء نصفها تقريباً - أي 6.2% من إجمالي الوظائف الحالية و 3.1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. وهو أيضاً القطاع الذي يوظف أكبر عدد من الشباب دون سن الثلاثين، ويفتح الأفق أمامهم.