لم تفز بأهم جائزة أدبية فرنسية إلّا 13 امراة فقط طيلة 120 عاما من عمر هذه الجائزة المرموقة العريقة التي انطلقت وبدأ اسنادها منذ عام 1903، وقد تم يوم 3 نوفمبر 2022 الإعلان عن فوز الكاتبة الفرنسيّة المولودة في الجزائر"بريجيت جيرو"(62 عاما) بجائزة "غونكور" الأدبية عن روايتها (Vivre vite) "العيش سريعا" الصادرة في شهر أغسطس2022 عن دار "فلاماريون"، و هذه الجائزة السنويّة المرموقة هي أهم وأشهر جائزة أدبية فرنسيّة،. و ذكرت جريدة" ليبىر بلجيك " أنّ آخر من فاز بهذه الجائزة من النّساء هي الكاتبة الفرنسية - المغربية ليلى سليماني عن روايتها "أغنية ناعمة (Chanson douce)، وذلك منذ ستّة أعوام (عام 2006)،أمّا الفائز بالجائزة العام الماضي فهو الكاتب السينغالي الشاب «محمَّد مبوغار سار» وهو أوَّل إفريقي (من جنوب الصحراء الكبرى) يفوز بجائزة"غونكور" Goncourt، التي مُنحت له، في نوفمبر (2021)
قيمة الجائزة
و لا تتمثل قيمة جائزة "غونكور" في المبلغ المالي الذي يناله الفائز بها، وهو مبلغ رمزي قدره ما يوازي(10 دولار) فقط ــ وغالبا ما يحتفظ الفائز بالجائزة بالصك البنكي المتضمن للمبلغ كتذكار ولا يصرفه ــ ،ولكن القيمة الحقيقية للجائزة تتمثل في الشهرة والمكانة المعنوية الكبيرة التي يرتقي إليها من تكون الجائزة من نصيبه ،فالرواية الفائزة يكتسب من ينالها شهرة واسعة في فرنسا و في البلدان الفرنكفونيّة و تُسلّط عليه أضواء الإعلام بشكل مكثف،و يقبل القرّاء بعدد كبير جدا على اقتناء الرواية الفائزة و مطالعتها ، و على سبيل المثال فإنّ رواية الكاتب«هيرفيه لو تيلييه»، Hervé Le Tellier الفائزة عام2020بالجائزة قد تم بيع مليون نسخة منها و استطاع الروائي من خلال روايته "النشاز" L’anomalie» أن يحقِّق أفضل مبيعات الموسم الأدبي لذلك العام. و هكذا فإنّ الجائزة لا تحقق لمن يفوز بها مبيعات مجزية لكتابه فحسب ،و لكنها تطلق شهرته في آفاق الأدب على المستوى الفرنسي والفرنكفوني والعالمي و لذلك يتهافت عدد كبير جدامن الكتاب باللغة الفرنسية من فرنسا و من جميع انحاء العالم على ترشيح رواياتهم لهذه الجائزة المرموقة.
كاتبة مغمورة
و الفائزة هذا العام بالجائزة تقيم في مدينة "ليون"(في الوسط الشرقي لفرنسا) ـ وفق ما ذكرته جريدة لوموند ـ وهي متفرغة للكتابة و الترجمة و سبق أن عملت صحفيّة أيضا . ورغم انها أصدرت سابقا عشرة كتب بين قصص قصيرة وروايات إلا أنها بقيت في الظل وشبه مغمورة لدى الجمهور العريض من القرّاء و مبيعات كتبها كانت محدودة جدا، لذلك مثّل فوزها بالجائزة مفاجأة في الوسط الأدبي الفرنسي و أثار اختار روايتها جدلا ، و هناك من النقاد من رأى أنّها لا تستحقّها وأنها منحت لها لكونها امراة اعتبارا للعدد القليل من النساء الكاتبات اللاتي نلن هذه الجائزة على امتداد 120 عاما وهذا ما نفاه علنا رئيس لجنة التحكيم مؤكدا في تصريحات صحفية أوردت جريدة"لوموند " مقتطفات منها أنه كان سيصوت لهذه الرواية حتى و لو كان مؤلفها رجلا.
كتاب حب
و حال الإعلان عن نيلها الجائزة اكتسبت بريجيت جيرو في ظرف وجيز شهرة واسعة في فرنسا و خارجها ، و حظيت باهتمام إعلامي كبير، و المؤكد أن مبيعات كتابها في فرنسا و في كل الدول الفرنكفونية ستشهد قفزة كبيرة جدا . و تستعيد الكاتبة في روايتها الفائزة بالجائزة فصولا من سيرتها الذّاتيّة و خاصّة مأساة موت زوجها فجأة ، وهو في الحادي والأربعين من العمر في حادث دراجة نارية.كان عمرها 36 عاما وهي وقتها أم لابن صغيرعندما جدّت هذه الحادثة الدراميّة ، و قد استرجعت بأسلوب روائي في كتابها ماختزنته من ذكريات امتزج فيها الألم بالحنين مع تأملات حول الحياة والحظ والأقدار، وقد وصفت هي نفسها روايتها بالقول إنه "كتاب حب".
لجنة التحكيم
و تمنح جائزة "غونكور" بالتصويت بين أعضاء لجنة التحكيم وعددهم عشرة ، و عند حصول تعادل في الأصوات فإن صوت رئيس اللجنة يحسب كصوتين اثنين ،وهذا ما حصل بالنسبة للروائية الفائزة بريجيت جيرو ،فقد كان التنافس شديدا و حاد ا بينها وبين الإيطالي -السويسري جوليانو دي إمبولي، و أدى صوت رئيس أكاديمية غونكور ديدييه دوكوان إلى ترجيح النتيجة لصالحها في الجولة الرابعة عشرة من التصويت .
الطاهر بن جلّون
الروائي المعروف الطّاهر بن جلّون ، وهو مغربي يقيم في فرنسا ،سبق أن فاز عام 1987 بجائزة "غونكور عن روايته"اللّيلة المقدّسة"، وأصبح عضوا في لجنة إسناد هذه الجائزة نفسها منذ2006 أي بعد عشرين عاما من فوزه بها ،. وهي اول مرة يتم فيها اختيار روائي من اصل عربي لعضوية لجنة تحكيم هذه الجائزة الشهيرة التي سبق ان فازبها أيضا الكاتب اللبناني أمين معلوف في سنوات سابقة. و تضمّ لجنة التحكيم عشرة من كبار الكتاب الفرنسيين . و الملفت انّ الطاهر بن جلون خرج عن المألوف وأعلن صراحة وعلى الملاأفي تصريح له لاذاعة اللوكسمبورغ" ار تي آل"RTL أنّه لم يمنح صوته للفائزة و قال ان اللجنة اخطأت الاختيار بإسنادها الجائزة الى بريجيت جيرو مضيفا "إني حقيقة غاضب ."