مرت خمس سنوات على رحيل المطربة المصرية شادية، ولا تزال صاحبة "غاب القمر" حاضرة في وجدان محبيها، ففي كل المناسبات الدينية والوطنية، يرجع الجميع لتراث "صوت مصر"؛ لاستعادة أجمل أغنياتها، ولم تستطع مطربة أخرى أن تعوض غيابها الذي فجع الجميع في يوم 28 نوفمبر من العام 2017، وأسدل الستار على رحلة فنية حافلة، امتدت لأكثر من 30 عاماً، ورحلة إنسانية عامرة بكل أشكال الحب استمرت 86 عاماً، رحلت فاطمة شاكر.. ولكن تبقى "شادية" في وجدان الشعب المصري والعربي. "سيدتي نت" يحيي الذكرى الخامسة لرحيلها؛ بسرد موجز عن حقائق وأسرار حياتها الفنية والعائلية.
اسمها الحقيقي فاطمة، ابنة المهندس الزراعي بالخاصة الملكية المصرية أحمد كمال الدين شاكر، ووالدتها خديجة هانم طاهر، ولدت في 8 فبراير 1934، بمنطقة الحلمية الجديدة في حي عابدين، وترجع أصولها المصرية إلى محافظة الشرقية، ولكن عائلتها تعود جذورها إلى الأصول الشركسية.
من اختار اسم "شادية"؟
عرفت في السينما باسم شادية، وقد اختلفت الآراء في سبب تسميتها، فهنالك رأي يقول إن المنتج والمخرج حلمى رفلة هو من اختار لها اسم شادية؛ ليكون اسماً فنياً لها، وذلك بعدما قدمت معه بطولة فيلم "العقل في إجازة"، وهنالك من يقول إن الممثل يوسف وهبي هو من أطلق عليها اسمها؛ عندما رآها وكان يصور في ذلك الوقت فيلمه "شادية الوادي"، وهنالك قول يرجح أن الفنان عبد الوارث عسر هو من أسماها شادية؛ لأنه عندما سمع صوتها لأول مره قال: "إنها شادية الكلمات".
والدها كان أول من اكتشف موهبتها، وأسند إلى الفنان فريد غصن تعليم ابنته الغناء، كما أسند إلى الفنان الكبير عبد الوارث عسر تلقين ابنته أصول مخارج الألفاظ وتدريبها على الإلقاء والتعبير الصوتي، واستطاعت فاطمة خلال فترة قصيرة معرفة المقامات الرئيسية في الموسيقى العربية، كما تدربت على استخدام جهازها الصوتي في أداء الأغاني.
شادية عرفت طريق النجومية بالصدفة
بدأت حياتها الفنية صدفة؛ عندما وقع تحت يد والدها إعلان عن مسابقة تنظمها شركة اتحاد الفنانين، التي كونها حلمي رفلة والمصور عبد الحليم نصر في عام (1947)، وذلك لاختيار عدد من الوجوه الجديدة للقيام ببطولة الأفلام السينمائية التي ستقوم بإنتاجها الشركة، فاصطحبها والدها، ولم يكن يتعدى عمرها حينذاك 16 عاماً، لتقديمها إلى لجنة المسابقة، وضمت المخرج علي بدرخان وأحمد كامل مرسي، وعندما وقفت للتمثيل والغناء أمامهما، سخر منها المخرج أحمد كامل مرسي، وأخبرها بأنها لا تصلح للفن، وطلب منها الذهاب إلى طبيب لإجراء عملية "اللوز"، إلا أن المخرج أحمد بدرخان كان على النقيض من زميله، وتحمس لها، ووافق على ضمها لفريق فيلم "أزهار وأشواك" مع الوجه الجديد وقتها هند رستم، ومن بطولة مديحة يسري، وقدمها فيما بعد للمخرج حلمي رفلة؛ لتقدم أول بطولة مطلقة أمام المطرب محمد فوزي.
خاضت أول بطولة سينمائية من خلال فيلم "العقل في إجازة"، أمام الفنان محمد فوزي، ما جعله بعد ذلك يستعين بها في عدة أفلام منها "صاحبة الملاليم، وبنات حواء، والروح والجسد"، وحققت نجاحاً وإيرادات عالية للمنتج أنور وجدي في عدة أفلام، منها: "ليلة العيد" العام 1949، و"ليلة الحنة" العام 1951، ولكن وفاته المفاجئة أنهت الثنائي الناجح مبكراً.
قصة ثنائيات شادية وكمال الشناوي
شهد عام 1947 لقاء شادية بكمال الشناوي، الذي قدمت معه عدداً كبيراً من الأفلام، بلغت 25 فيلماً سينمائياً، وأشيع وقتها الكثير عن وجود علاقة حب تجمع بينهما، إلا أن كمال تزوج من شقيقتها عفاف، وتوالى نجاحها في أدوارها الخفيفة مع كمال الشناوي، منها: "حمامة السلام" بعام 1947، و"عدل السماء" و"الروح والجسد" و"ساعة لقلبك" بعام 1948، و"ظلموني الناس" بعام 1950.
تزوجت عماد حمدي الذي كان يكبرها بنحو 23 سنة أثناء تصوير فيلم "أقوى من الحب"، وكان متزوجاً وقتها من الفنانة فتحية شريف، وأنجب منها ابنه نادر، الذي انتقل للإقامة مع زوجة أبيه شادية، وصارت أمه الحقيقية حتى بعد انفصالها عن والده في هدوء عام 1956، وفي ذات العام ارتبطت شادية بقصة حب مع الفنان فريد الأطرش، واعترف كلاهما بها، إلا أن زواجاً لم يربطهما؛ بعدما تهور فريد وأطلق تصريحاً صحفياً قال فيه إنه أمير ولن يتزوج من فنانة، لتنتهي قصة الحب، وتنتهي علاقة فنية طويلة قدمت أروع الأفلام والألحان للفن العربي.
يعد صلاح ذو الفقار أفضل أزواجها، بحسب تصريحاتها، ومع هذا طلبت الطلاق منه، حتى يعود لزوجته أم أولاده، وقالت وقتها إن أطفاله في حاجة إليه أكثر منها، وخلال فترة الزواج شكّلت ثنائياً لا ينسى مع ذو الفقار، وقدما عدة أفلام ناجحة، منها: "مراتي مدير عام، كرامة زوجتي، عفريت مراتي"، وقدما أيضاً فيلم "أغلى من حياتي" في عام 1965، وهو من إحدى روائع المخرج الفنان محمود ذو الفقار الرومانسية، وقدما من خلاله شخصيتي "أحمد ومنى" كأشهر عاشقيْن في السينما المصرية.
عاشت شادية أول تجربة حب في حياتها، عندما كانت في الـ 17 من عمرها، عندما تقدم شاب أسمر للزواج منها، ولكن لم تكتمل قصة الحب بينهما، بسبب مشاركته في حرب فلسطين عام 1948، واستشهد هناك، وقدمت له الأغنية الشهيرة "قولوا لعين الشمس"، وتمت خطبتها لمدرس، وعقد القران، ولكنها طلبت الطلاق قبل ليلة الدخلة؛ لعدم شعورها بالحب تجاهه.
قصة فشل زواج شادية وفريد الأطرش
الإعلامي والمؤرخ الفني محمود معروف، كشف عن سر يتعلق بقصة غرام الفنانة شادية والمطرب اللبناني فريد الطرش، مؤكداً زيف الرواية الرائجة حول انتهاء قصة الحب بسبب تصريحات صحفية لفريد؛ قال فيها إنه أمير ولن يتزوج من مطربة، وهو ما اعتبرته إهانة لها، فأقدمت على الزواج من غيره.
وأشار إلى أن القصة الحقيقية سردها فريد بنفسه في كتاب مذكراته، وحررها الصحفي المعروف فوميل لبيب، وهي أن "فريد" كان يخفي على شادية مرضه بالقلب، وعندما قرر الزواج منها في كواليس تصوير فيلمهما "ودعت حبك"، سافر إلى باريس بمفرده للخضوع لفحوصات طبية؛ للتأكد من أن الزواج لن يتأثر بمتاعب القلب، وهو ما زرع الشك في عقل شادية وقلبها، خصوصاً أن حياة الأطرش كانت مليئة بالسهر، فظنت أنه يتهرب من فكرة الزواج، وقبلت على الفور عرض صديقه مهندس الصوت عزيز فتحي بالزواج، وعبّر فريد عن حزنه مما حدث في الأغنية الشهيرة "حكاية غرامي".
شادية حملت مرتين؛ في الحمل الأول من المهندس عزيز فتحي اعتذرت عن دورها في فيلم "القاهرة 30"، والذي قامت به بعد ذلك سعاد حسني، لكن لم يكتمل الحمل، وقيل وقتها إن زوجها ضربها وحدث الإجهاض، ومن بعده الطلاق، الحمل الثاني كان أثناء زواجها من الفنان عماد حمدي ولم يكتمل أيضاً.
قدمت الفنانة شادية على مدار تاريخ فني يمتد إلى ما يقارب أربعين عاماً، نحو 112 فيلماً، و10 مسلسلات إذاعية، ومسرحية واحدة هي "ريا وسكينة".
تكريم عالمي لصوت مصر
حظيت شادية بتكريم عالمي؛ بعدما ذاع صيتها عندما عرض فيلمها "المرأة المجهولة" في الاتحاد السوفيتي، كما وصلت شهرتها لليابان؛ عندما قدمت فيلماً من إنتاج مشترك بين اليابان ومصر اسمه على "ضفاف النيل"، شاركها فيه نجم السينما اليابانية يوجيروا إيشيتارا، ونجح الفيلم عندما عرض في اليابان، مثلما نجح فيلمها "شيء من الخوف"؛ عندما طلبته السينما اليابانية، ليتم عرضه مدبلجاً هناك.
فور بلوغها سن الخمسين، فاجأت الجمهور بقرار اعتزالها وارتداء الحجاب، وكان آخر ظهور فني لها هو غناء "خد بإيدي" في حفل "الليلة المحمدية"، وقالت: "لأنني في عزّ مجدي أفكر في الاعتزال، لا أريد أن أنتظر حتى تهجرني الأضواء بعد أن تنحسر عني رويداً رويداً... لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز في الأفلام في المستقبل، بعد أن تعوّد الناس أن يروني في دور البطلة الشابة، لا أحب أن يرى الناس التجاعيد في وجهي ويقارنوا بين صورة الشابة التي عرفوها والعجوز التي سوف يشاهدونها".
بعد اعتزالها في عام 1986، لم تتوقف شادية عن مسيرة الحب، وتفرغت للأعمال الخيرية، وقدمت للفقراء داراً للأيتام ومسجداً وداراً لتحفيظ القرآن، تم بناؤها في شارع الهرم، وأيضاً شقة كانت تمتلكها في منطقة المهندسين؛ قامت بالتبرع بها لصالح جامع مصطفى محمود، وكانت تساوي وقتها ربع مليون جنيه.
سبب الوفاة ليس جلطة في المخ
الدكتور مجد فؤاد زكريا، أستاذ المخ والأعصاب بمستشفى الجلاء العسكري والطبيب المعالج للفنانة شادية، تحدث للمرة الأولى بعد رحيلها، كاشفاً السبب الحقيقي وراء وفاتها، مؤكداً أن الفنانة توفت إثر إصابتها بالتهاب رئوي حاد، أدى إلى حدوث فشل في التنفس أدى لوفاتها.
وأضاف أن المطربة الراحلة دخلت المستشفى مصابة بجلطة في المخ، لكنها لم تتوفَ بسببها، حيث كانت حالتها مستقرة، بل توفيت بسبب حدوث فشل كامل في التنفس، ولم تنجح جهود إنعاش الرئة والقلب.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي»
وللاطلاع على فيديوجراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي»
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن»