كشف أثري جديد أعلنت عنه وزارة السياحة والآثار المصرية مؤخراً؛ حيث نجحت البعثة الأثرية المصرية في العثور على مقابر أثرية ترجع لفترات زمنية مختلفة، تحتوي على عدد من المومياوات ذوات ألسنة ذهبية، في منطقة جبانة قويسنا الأثرية بالمنوفية؛ فعُثر على عدد من الرقائق الذهبية على هيئة ألسنة آدمية في فم بعض المومياوات المكتشَفة، والتي تعود إلى عصور مختلفة.
يُعتقد أن ألسنتهم الحقيقية قد أزيلت أثناء التحنيط، واستبدل بها الجسم الذهبي؛ حتى يتمكن المتوفَّى من التحدث إلى أوزوريس في الحياة الآخرة.
في الأساطير المصرية، أوزوريس هو قاضي الموتى في مصر القديمة. بجانب المومياوات ذوات الألسنة الذهبية، تضمّن الكشف الأثري بعض الهياكل العظمية والمومياوات جُلّدت بالذهب على العظم مباشرة، تحت اللفائف الكتانية والأصماغ المستخدَمة في التحنيط، وكذلك بقايا توابيت خشبية على الهيئة الآدمية، وعدداً من المسامير النحاسية المستخدَمة في تلك التوابيت.
ووفقاً لموقع (dailymail)، تقول وزارة السياحة والآثار المصرية على صفحة الفيسبوك التابعة لها، إنه تم العثور على عدد من المومياوات في مقبرة القويسنا، وهي موقع دفن في مصر، بها مئات المقابر من فترات مختلفة من تاريخ البلاد.
وتم العثور على ألسنة الذهب المصنوعة من رقائق معدنية بشكل شائع بين المومياوات المصرية القديمة.
تم وضعها على ألسنة الموتى أثناء الجنازة؛ للتأكد من أن الروح يمكن أن تتحدث إلى أوزوريس مرة واحدة في العالم الآخر.
وفقاً للأسطورة، يُعتقد بأن وجود لسان ذهبي، ربما يسمح للموتى بإقناع أوزوريس بإظهار الرحمة لأرواحهم.
وبحسب الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار؛ فإن المومياوات في حالة سيئة من حيث الحفاظ عليها.
تم العثور على بعضهم بألسنة ذهبية، بينما تمت تغطية البعض الآخر بألواح رقيقة من الذهب ووضعها في توابيت خشبية.
ولايزال البعض الآخر مزججاً بالذهب على العظم مباشرة، تحت لفائف الكتان المستخدَمة في عملية التحنيط.
كما تم العثور على رقائق ذهبية مصنوعة على شكل صراصير وأزهار لوتس، بالإضافة إلى عدد من الزخارف الجنائزية وقذائف الهاون والفخار، والتي يُرجح استخدامها أيضاً في التحنيط.
دلالات الكشف الأثري ومن جانبه، قال الدكتور مجدي شاكر، كبير الأثريين بوزارة الآثار، إنه في العصر الروماني كان منتشراً وضع قطعة من الذهب تحت اللسان كنوع من القربان؛ معتقدين أن ذلك يحمي الموتى، باعتبار أن اللسان هو أول شيء ينطق في جسد الإنسان، وانتشر هذا المعتقد.
وأشار إلى أن وضع قطعة من الذهب تحت الموتى، انتشرت بشكل أكبر في العصر الروماني، وهو العصر الذي شهد نوعاً من التدهور الديني والسياسي؛ لأن الرومان كانوا أقل من المصريين ثقافياً؛ فقد حاول الإسكندر عمل مزج بين الديانة الشرقية والغربية؛ لذلك أدّى لإفقاد كلٍّ منهما مضمونها، وظهر نوعٌ جديد من المعابد، وهي المعابد اليونانية الرومانية، رغم أن مَن بناها هم مصريون، إنما الملوك بها كانوا أجانب، وحدث نوعٌ من المزج الغريب، ومن هنا جاءت فكرة وضع الذهب في لسان الموتى.
وأكد أن الكشف في قويسنا يحمل دلالة مهمة؛ لأن معظم آثار الوجه البحري غير مكتشَفة، نتيجة الازدحام والزراعة والفيضانات، وبالتالي الوصول إلى كشف أثري في تلك المنطقة في الوجه البحري، أمرٌ مهم للغاية؛ مما يؤكد أن أرض مصر مليئة بالاكتشافات ولا حقيقة للادعاءات بأن الاكتشافات الأثرية انتهت، أو أننا توصلنا إلى الكثير من أسرار الحضارة القديمة.
ولفت كبير الأثريين إلى أن الوجه القبلي يتضح به الاكتشافات الأثرية؛ لأن الرمال تحفظ الآثار، أما الوجه البحري به مشكلة بسبب الزراعة والفيضانات والمياه الجوفية والتعديات؛ فنادراً ما يجد الأثريون مكاناً مناسباً للقيام بالحفائر؛ مضيفاً: "تحت كل بيت بنسبة كبيرة سنجد أثراً؛ فالرومان كانوا يأتون من إيطاليا وأوروبا، وكانوا دائماً كل سكنهم في نواحي الوجه البحري بشكل أكبر؛ لأنه أقرب منطقة بالنسبة لأوروبا، وبالتالي وجودهم في هذا المكان كان مهماً".
ولفت إلى أن مصر لاتزال أمامها الكثير لاكتشافه من كنوز وآثار؛ فأكثر من 50% من آثارها لم يُكتشف، والدليل على ذلك أن منطقة سقارة بشكل مستمر ما يُعلن عن اكتشافات أثرية فيها، ولا يوجد شبر فيها لا يحتوي على آثار.. مضيفاً، أن منطقتي المطرية وعين شمس بنسبة كبيرة، بهما أيضاً اكتشافات أثرية؛ فمصر مليئة بالاكتشافات والأسرار التي لم يتم التوصل لها بعد.
معلومات عن جبانة قويسنا
ويعَدُ موقع جبانة محاجر قويسنا، من أهم المواقع الأثرية في الدلتا، ووفقاً لوزارة السياحة، يقع الموقع بمنطقة كفور الرمل التابعة لمركز قويسنا بمحافظة المنوفية، وتضم الجبانة هياكل آدمية لعصور متعددة، استُخدمت لفترات زمنية طويلة كجبانة للإقليمين. وترجع القيمة التاريخية والأثرية لجبانة قويسنا، إلى تنوُّع طرق وأساليب الدفن بها، ووجود جبانة نادرة لدفن الطيور المقدسة، وعدد من الوحدات المعمارية تشكل مجموعة مقابر مشيّدة من الطوب اللبِن، من العصر المتأخر والعصرين اليوناني والروماني.